من المعلوم أن العالم يسجل نحو 500 ألف حالة وفاة سنويا جراء الإنفلونزا الموسمية، وهي رغم أنها تشكل تحديا كبيرا للأنظمة الصحية في العالم إلا أنها تعايشت مع المرض وأدخلته في أنظمتها بما لديها من لقاحات قادرة على مساعدة غالبية المرضى على الشفاء.
غير أن التحدي الكبير والذي يشكل هاجسا عالميا أو يكاد؛ يتمثل في فيروس كورونا المستجد الذي بات ينتشر في نحو 400 مدينة في العالم، وهو العدد المرجح أن يزداد يوميا بعد أن أصبحت عمليات الوقاية التقليدية صعبة تحديدا تلك المتعلقة بتقييد السفر لبعض الجنسيات بعد أن سجلت إصابات لأشخاص لم يسبق لهم السفر إلى الصين، موطن الفيروس، أو الاختلاط مع أحد من رعاياها.
في الأردن، كما غيرها من دول المنطقة، لا شك أن التحدي سيكون مضاعفا لأسباب مختلفة منها أن المرض أصبح على الأبواب بتسجيل دول محيطة إصابات مؤكدة بالفيروس، هذا من جانب ومن آخر بما تواجهه أيضا من خطر مهاجمة أسراب كبيرة من الجراد الذي مازال في حالة تكاثرة سريعة ومتواصلة في دول القرن الإفريقي وعلى جانبي البحر الأحمر.
وزارة الصحة سبق وأن اتخذت إجراءات وقائية مختلفة كما في تركيب حساسات استشعار في المطارات، وكذا الحال بالنسبة لوزارة الزراعة التي تؤكد أنها على أهبة الاستعداد.
غير أن ما هو مؤكد أنه مهما اتخذنا من إجراءات فإنها ستبقى متواضعة أمام هول التحدي الذي يشكله الفيروس والجراد، ما يتطلب عاجلا ودون أي إبطاء إجراءات أكثر جرأة حتى وإن بدت قاسية في البدء.
في الأردن إمكانياتنا كما دول المنطقة محدودة مقارنة بدول أوروبا والصين وغيرها من الدول المتقدمة، ما يعني أن التحدي الذي أمامنا كبير وربما يكون أكبر من قدراتنا.
بالتالي إن كنا غير قادرين على منع الجراد من الدخول إلى البلاد، باعتبار أن عمليات المكافحة في دول التكاثره غير فعالة حتى اليوم، فإن الأولى أن نكون أمام إجراءات أكثر صرامة تضمن الحماية من كورونا إلى أن يتمكن العالم من تطوير لقاح فعال له.
قد يعتقد البعض أن هذا كلاما مبالغا فيه، وفي الواقع هو ليس كذلك بل إنها الحقيقة التي يجب أن يستعد لها الجميع، بل ويجب على الحكومة أن تصارح الناس في حقيقة التحدي الذي أمامنا باتجاه تهيئتهم نفسيا لذلك، على اعتبار أننا لا نملك عصى سحرية، غير الدعاء والوقاية، لحماية انفسنا من هذا الفيروس المستجد الذي تحسب له منظمة الصحة العالمية حسابا كبيرا.
لا أحد سيلوم الحكومة عند اتخاذها إجراءات وقائية شديدة قبل أن نقع في المحظور، بل إن الجميع سيتفهمون ذلك، لأن تسجيل حالة واحدة لا سمح الله، من شأنه أن يشكل هلعا كبيرا للناس بما يمتاز به الفيروس حسب التقارير من سرعة في نقل العدوى.
الفيروس سيتحول من دون شك مع الوقت إلى موسمي كغيره من الفيروسات مثل H1N1، لكن إلى أن يحين ذلك الوقت ونظنه ليس بعيدا؛ فإننا بحاجة أن نحمي أنفسنا برفع مستوى الإجراءات الوقائية إلى مستويات مختلفة عن التي تقوم بها وزارة الصحة اليوم.