بهدوء
عمر كلاب
في دعابة على شكل نقد , قالت شخصية هندية تحظى بحضور شعبي في توصيف الحالة الهندية , ان بائع الشاي الهندي الذي يبيع قرابة الخمسة الاف كأس شاي في اليوم , يقوم بتوجيه الوزراء يوميا لتحسين اعمالهم وتجويد قراراتهم , كما يقوم بارسال التوجيهات الى لاعبي الكريكيت – اللعبة الشعبية الاولى في الهند – ولا يجد اي غضاضة في نقد كل مسؤول في القطاعات المتعددة , لكنه في الحقيقة لا يُجيد اعداد كأس الشاي الذي يسترزق منه والذي هو عمله في الاساس .
في تعريب الحالة او أردنتها , سنجد ان الرجل يتحدث عن واقعنا الحالي , لكن الذي يقوم بالدور ليس بائع الشاي , بل كل ناشط او جالس على جدار افتراضي , وهؤلاء ليسوا هدف المقال , بل الهدف هم باعة الشاي الحكوميون من طبقة الوزراء السابقون واصحاب الدولة من نادي رؤساء الوزارات ومن هم على شاكلتهم من اصحاب المراكز الثقيلة , الذين يتسابقون الى تفكيك كل نصّ حكومي او رواية حكومية , رغم ان انجازهم اثناء توليهم المنصب هو الصفر مهما تكن الآلة الحاسبة .
وزير سابق قام مؤخرا بتفكيك حجم التجاوزات الدستورية في موازنة 2019 , كان عضوا بارزا في حكومة نجت بإعجوبة من تحويلها للمحكمة بتهمة تغيير اعمدة الموازنة واصدار ملاحق دون الرجوع الى مجلس الامة , بل ان الوزير نفسه والمطروح على الشارع الشعبي والسياسي كخبير في تطوير القطاع العام الحق ضررا نحتاج الى عقود من اجل تصويب الامراض والاختلالات وارهق الموازنة برواتب ضخمة , رغم ان جذر تكليفه كان تخفيض النفقات بعد هيكلة القطاع العام .
حال الوزراء السابقين ليس باحسن حالا من طبقة كثيرة من وزراء حكومة الدكتور الرزاز , ممن جلسوا على مقاعدهم الوزارية في حكومات متعددة سابقة وربما يجلسون في حكومات قادمة , يحملون الفكرة ونقيضها , فهم في حكومات سابقة قالوا بما يشبه الببغاء ما قاله رئيس الحكومة السابق واليوم يرددون ما يقوله الدكتور الرزاز , ويتفاعلون مع ثلاثية النهضة وكأنهم بناة حقيقيون في النهضة ومشروعها رغم ان اغلبهم يجلس على اطنان من الكلس وتعاني مفاصله ومفاصل وزارته من التكلس رغم سنوات التنظير .
لن اتحدث عن الوزراء المعاقون في حكومة الرزاز , وليس المصطلح بلاغيا او تحفيزيا , بل مصطلح دقيق جدا , فأحد اعضاء الفريق الوزاري خرج بمعلولية نسبتها 80% اي فوق المعاق ومع ذلك يعود الى الوزارة المنكوبة بالتغيير والتفكيك والدمج منذ سنوات , وفيها وزير يفترض انه انجز اعمق مؤسسية في وزارته بحكم طول المدة التي جلس فيها على المقعد الوزاري دون تغيير , بل ان الوزارة تغيرت وهو ثابت , ناهيك عن الوزير القادر على العمل مع ثلاث او اربع رؤساء بنفس الوزارة وبوتيرة تفتر وتسخن حسب موقف رئيسه والمزاج الرسمي .لدينا طبقة من الوزراء يجب ان يتم تجميدهم في قوالب ثلجية او سحب خلاياهم الجذعية تمهيدا لاعادتهم الى الحياة بعد عقود او قرون , لأن الواقع الاردني والاجيال القادمة لن تستطيع الاستغناء عنهم تحت اي ظرف , فهم مثل ذرة الكربون لا يفنون بسهولة .
طبقة الوزراء في بلدنا عجبة كونية ثامنة وتاسعة , فكل وزير مربوط لسانه بمقعده , وويل من لسانه اذا ما غادر المقعد وكأن الوحي يأتيه بالحكمة بعد الخروج من الموقع , فالمقعد الوزاري عليه رصد يلجم اللسان والعقل وينفك الرصد بالرحيل عن الحكومة .
omarkallab@yahoo.com