قريوت.. جنة استباحها الغزاة المستوطنين

نبض البلد -
نبض البلد -

- وكالات

قبل أكثر من نصف قرن، كان عنب وتين قرية قريوت يُباع في أسواق اللد والرملة، قبل أن تنهب مستوطنة "شيلو" التي اقيمت عنوة على جزء من أراضيها، أرزاق المئات من أهالي القرية.

قريوت الواقعة الى الجنوب من نابلس، كانت قبل أن يبتلع الاستيطان أراضيها مطلع العام 1978، قرية رحبة، تمتد على سفوح التلال المطلة على الأغوار شرقا، وتشكل مزروعاتها ومحاصيلها عامل اكتفاء ذاتي لأهاليها.

سهول مزروعة بالقمح والعدس والفول والسمسم والشعير والبيكا والكرسنة وعباد الشمس.. وحقول من الزيتون واللوزيات والتين، وكروم من العنب البلدي الذي ما لبث وانقرض بفعل عمليات النهب الاسرائيلية المتواصلة.

وقريوت (2600 نسمة)، يمكن القول إنها واحدة من القرى التي نُكبت بالاستيطان مبكرا، وهناك، يمكن رؤية مستوطنات وبؤر وأنوية استيطانية تنتشر كالسرطان على حساب آلاف الدونمات: "شيلو" المستوطنة الأولى انشئت عام 1978، وتبعتها مستوطنة "عيلي" 1984، على أراضي اللبن الشرقية، والساوية، وقريوت، وتلفيت.. و"شفوت راحيل" 1992، على حساب أراضي قريوت، وجالود، وترمسعيا، إضافة إلى 7 بؤر استيطانية منتشرة على قمم الجبال المحيطة، في مسعى لتشكيل تكتل استيطاني ضخم وسط الضفة يعزل شمالها عن جنوبها.

وشكل العام 2000، بداية نهش أراضي قريوت وجنوب نابلس، من خلال منع وحرمان المزارعين من الوصول لأراضيهم واستصلاحها وحرثها وزراعتها.

14 الف دونم تم الاستيلاء عليها من أراضي قريوت التي تبلغ 22 ألف دونم، بحسب الناشط الشبابي بشار القريوتي، الذي قال إن "الاستيطان خنق قريوت، ولم يبقِ لها متنفسا إلا الجهة الشمالية الممتدة إلى تلفيت، فيما تقضي (شيلو) على جنوبها، و(عيلي) على غربها، و(شيفوت راحيل) على جنوبها الشرقي".

ويضيف تزداد معاناة أهالي قريوت خلال موسم قطف الزيتون بفعل إجرام المستوطنين وممارساتهم المتمثلة بالطرد وسرقة الثمار وتكسير الأشجار وضخ المياه العادمة. ويشير الى أن مستوطني "شيفوت راحيل" و"عيلي"، ينتظرون موعد قطاف الزيتون، ليغرقوا ما استطاعوا من الأراضي الزراعية، خاصة المزروعة بالزيتون، بالمياه العادمة، وهو ما يشجع تواجد قطعان الخنازير بشكل مكثف في هذه الأراضي ويجعل الوصول إليها أمرا محفوفا بالمخاطر.

وبين أن جيش الاحتلال لا يعطي تصاريح كافية لحراثة الأرض ما يجعلها أكثر عرضة للإهمال والخراب، وهو ما ينعكس على شجر الزيتون وانتاجيته. وشهد هذا العام والأعوام الأخيرة تسارعا ملحوظا في وتيرة الاعتداءات من قبل المستوطنين وجيش الاحتلال حيث تم قطع وتكسير أكثر من 300 شجرة زيتون.

ويرجع خبراء ومهتمون بمتابعة الشؤون الاستيطانية، تصاعد وتيرة الاعتداءات والأعمال الاستيطانية التوسعية إلى خطط الاحتلال المتسارعة لاستكمال تشكيل تكتل استيطاني ضخم في وسط الضفة، والمسمى بخط "آلون الاستعماري" الذي يمتد من مستوطنة "أرائيل" إلى مستوطنات (تفوح، ورحاليم، وعيلي، ومعالي ليفونه، وشيلو، وشيفوت وراحيل، ومعالي أفرايم)، ويهدف إلى ربط المستوطنات الكبيرة في وسط الضفة (عيلي وشيلو) ببعضها البعض وربط البؤر المحيطة حولها بها.

ويقول القريوتي: الاحتلال يسعى لتحويل (1600 دونم) من منطقة (ب) إلى (ج)، ليتبقى 900 دونم فقط من (ب)، من أجل دمج البؤر الاستيطانية الصغيرة بالكبيرة وخلق تواصل جغرافي بينها.

بدوره، قال المزارع توفيق موسى (56 عاما)، والذي يملك أرضاً ملاصقة لمستوطنات عيلي وشيلو: منعنا منذ العام 2000 من دخول أراضينا والعناية بها، ولم يسمح لنا بحراثتها إلا بعد 2011، وبشكل سريع. ويبين: يمنعوننا من إدخال الدواب لحراثة الأرض رغم علمهم أن الأرض وعرة والكثير منها لا تصله التراكتورات، لذا تبقى دون حراثة، وحين يسمح لنا بدخول أرضنا نجد أن الأغصان الزائدة وما ينبت على جذع الشجرة أكثر مما هو على ظهرها.

موسى انهى حديثه بالقول: "كانت قريتنا جنة، قبل أن يأتوا الغزاة المستوطنين إليها ويستبيحوها، اليوم لم يعد لدينا عنب بلدي ولا تين.. والزيتون فقد معظم انتاجه.