صار الآن من المعروف أن جوجل وفيسبوك يجمعون معلومات عنّا ثم يبيعون تلك البيانات إلى المعلنين. هذا يحدث ببساطة عندما تضع المواقع الإلكترونية «ملفات تعريف ارتباط» غير مرئية على حواسيبنا وأجهزتها ثم تسجيل أنشطتنا على الإنترنت. حتى حكوماتنا تتعقب أنشطتنا.
عندما يتعلق الأمر بالخصوصية الرقمية، من السهل تماماً أن نصبح سلعة. إننا مجرد بشر قليلي الحيلة.. تروس ضئيلة في آلاتهم الضخمة! فماذا يمكننا أن نفعل حيال ذلك؟ إليك أكثر الطرق فاعلية من أجل تجربة استخدام الإنترنت بخصوصية قصوى بحسب ما نُشر في موقع صحيفةThe New York Timesالأمريكية.
يقول مستشار الخصوصية بوب غيلمان: «أول أمر يمكن أن يقوم به الأشخاص هو التوقف عن استخدام جوجل. إذا كنت تستخدم Gmail واستخدمت محرك البحث جوجل للبحث عن أي شيء على الإنترنت، سيعرف جوجل المزيد عنك أكثر من أي مؤسسة أخرى. وسوف يتضاعف ذلك إذا كنت تستخدم خدمات أخرى من جوجل مثل Google Maps، أو Waze أو Google Docs وغيرهم».
ومثل العديد من القراء الآخرين، أوصى باستخدامDuckDuckGo، محرك البحث المنافس. غالباً ما تكون نتائج البحث خلاله ليست مفيدة مثل نتائج جوجل، ولكنه لا يتتبعك أو يتتبّع عمليات البحث ويستهدفك من خلالهما بالإعلانات.
وإذا لم تكن تستخدم Gmail من أجل الحصول على خدمة البريد الإلكتروني، فماذا سوف تستخدم؟ كتب الصحفي الروسي يوري ليتفينينكو: «إنني من أشد المناصرين لفكرة الدفع مقابل الحصول على حساب بريد إلكتروني. ليس ذلك بسبب إيقاف الإعلانات، ولكن منح مقدمي خدمة البريد الإلكتروني أقل حافز ممكن للنظر إلى بريدك الإلكتروني». خدمةProtonMail، على سبيل المثال، تكلّف 4 دولارات شهرياً ومزايا خصوصية، من بينها التسجيل بهوية مجهولة وتشفير حتى النهاية.
الإعلانات التي تراها على الإنترنت مبنية على المواقع، أو نتائج البحث أو منشورات فيسبوك التي تُظهر اهتمامك بها. لذلك يلجأ بعض المتمردين إلى خداع الآلية، بإظهار اهتمامات وهمية.
يقول شون برايدبارت:
«منذ ذلك الحين، كنت أبحث عن أمور غريبة تماماً على جوجل فقط من أجل تضليل الخوارزمية. قد تندهشون من نوع القسائم التي تُطبع لي أسفل إيصالات الدفع. من الواضح أنهم مرتبكون بشأن عمري وجنسي».
وقال فرانك بايانو: «الأمر أقرب إلى التشويش على موجات الراديو. وهو مفيد لبعض أنواع التصفح المثيرة، إذ تطاردنا إعلانات العناصر التي بحثنا عنها في كل مكان مثل الجراء الصغيرة (بما في ذلك صحيفة The New York Times)».
ويستخدم باري جوزيف أسلوباً مماثلاً عند تسجيل حساب على موقع إلكتروني جديد. يقول: «غالباً ما أبدل الجنس (أنا ذكر)، ما يجعل الإعلانات أقل علاقة بي، ولكنني أعترف رغم ذلك أن إعلانات حمالات الصدر قد تكون مشتتة في معظم الأحيان».
وذكر أن هناك أعراضاً جانبية لذلك. وقال: «بين الحين والآخر تصل إلى أصدقائي إشعارات تُشير إلى جنسي، مثل «تمنَ لها عيد ميلاد سعيداً». ولكنها تعتبر مفيدة من ناحية أخرى، إذ تؤدي إلى محادثات مثيرة بشأن معايير وتوقعات تحديد الجنس (لذا تقتل عصفورين بحجر رقمي واحد)».
بالمناسبة، يمكنك الاستمتاع تماماً بمشاهدة الإعلانات التي تتوافق مع اهتماماتك. بل يمكننا القول إنها أكثر فائدة من الإعلانات غير ذات الصلة بك.
ولكن ملايين البشر يرتعبون من تتبع أنشطتهم الذي تنتج عنه تلك الإعلانات المستهدفة.
إذا كنت من بين هؤلاء البشر، تنصح ونترتون باستخدامGhostery، مكون إضافي مجاني لمعظم متصفحات الإنترنت «يحظر المتعقبين ويصنّفهم حسب الفئة». وتقول: «بعض المواقع لديها عدد هائل من المتعقبين هدفهم الوحيد تسجيل سلوكك (أحياناً عبر المواقع المختلفة) لتحديد أفضل الإعلانات لك».
معظم الشبكات اللاسلكية (Wi-Fi) العامة؛ في الفنادق، والمطارات، والمقاهي، وغيرها من الأماكن، تتجسس عليك، حتى إذا كانت تحتاج إلى كلمة المرور للاتصال بها. بإمكان أي رفقاء في الجوار، باستخدام هواتف أو أجهزة كمبيوتر محمولة، رؤية كل شيء ترسله أو تستقبله بسهولة، مثل الرسائل الإلكترونية ومحتويات المواقع، على سبيل المثال، باستخدام برامج «تلصص» مجانية.
ليس عليك القلق من برامج Social أو WhatsApp أو iMessages من أبل، جميعها تُشفّر رسائلك قبل مغادرة هاتفك أو جهاز الكمبيوتر الخاص بك. من الآمن كذلك استخدام المواقع الإلكترونية التي تبدأ عناوينها بـhttps؛ فهي تُشفّر بياناتها أيضاً قبل إرسالها إلى متصفحك (والعكس صحيح).
(تحذير: حتى إذا بدأ عنوان موقع إلكتروني بـhttps، سيظل بإمكان بعض المتعقبين رؤية المواقع التي تزورها، مثلhttps://www.NoseHairBraiding.comعلى سبيل المثال. ولكنهم لن يتمكنوا من رؤية ما تفعله على هذه المواقع بمجرد اتصالك بها).
الحل، الذي تنصح به لورين توبمان وآخرون، استخدام برنامجشبكة افتراضية خاصة. هذه التطبيقات الهاتفية والحاسوبية تشفّر كل شيء ترسله أو تستقبله، كما تخفي موقعك الجغرافي أيضاً.الشبكة الافتراضية الخاصة المفضلة لمحرري موقع WirecutterهيTunnelBear، ومتاحة على أنظمة التشغيل ويندوز وماك وأندرويد وiOS. وهي مجانية حتى 500 ميغابايت شهرياً، أو بقيمة اشتراك 60 دولاراً سنوياً على خمسة أجهزة.
يكشفموقع خصوصيةأبل العديد من الأمثلة: لا تسجل دخولك إلى تطبيقات Apple Maps أو Safari (متصفح الإنترنت من أبل)، لذا لا يمكن ربط عمليات البحث وأنشطتك المختلفة بشخصك. خصاص «عدم التعقب» في تطبيق سافاري تكون قيد التشغيل افتراضياً في إعدادات المصنع. عندما تشتري شيئاً باستخدام Apple Pay، لا تستلم أبل أي معلومات عن تلك المشتريات، أو المتجر، أو السعر.
يفسر مطور البرمجيات جويل بوتيشمان ذلك بأن أبل يمكنها تحمّل تلك الخصائص، لأنها شركة أجهزة في الأساس. ويقول: «يعتمد نموذجها في العمل على أننا نعطيهم أموالنا. بينما جوجل وفيسبوك تربحان المال من بيع معلوماتنا لأشخاص آخرين».
يحذّر بوتيشمان من تسجيل الدخول إلى المواقع الجديدة باستخدام أزرار «تسجيل الدخول بواسطة حساب فيسبوك» أو «تسجيل الدخول بواسطة حساب جوجل». ويقول: «هذه الأزرار تتيح لتلك الشركات تتبع أنشطتك على المواقع الأخرى». وبدلاً من ذلك، ينصح باللجوء إلى الطريق الأطول، باستخدام عنوان البريد الإلكتروني وإنشاء كلمة مرور.
(وهنا تأتي ميزة أبل مجدداً؛ زر «تسجيل الدخول بواسطة حساب أبل»، الجديد وغير المتضمن بعد في العديد من المواقع، مصمم لكي يقدم لك نفس سهولة تسجيل الدخول نقرة واحدة، ولكن بدون أي تتبع أو تعقّب لأنشطتك).
من بين من استجابوا لتقديم بعض النصائح كان هناك فرانك أباغنيل، فنان التزوير السابق في مراهقته والذي كان موضوع فيلم «Catch Me if You Can» الصادر عام 2002.
بعد قضاء فترة عقوبته في السجن، بدأ العمل مع مكتب التحقيقات الفيدرالي، وألقى ندوات وكتب مجموعة من الكتب تتناول كيفية الحماية من الاحتيال. وتبرع بكل أرباح كتابه الأخير «Scam Me If You Can» لصالح مؤسسة AARP، دعماً لجهودها الرامية إلى تثقيف الأمريكيين الأكبر سناً بشأن مخاطر النصب والاحتيال عبر الإنترنت.
وكانت نصيحته: «لن ترغب قط في أن تخبر فيسبوك بمكان مولدك وتاريخ ميلادك. يضع ذلك احتمال 98% أن يسرق شخص ما هويتك! ولا تستخدم صورة رسمية لنفسك، مثل صورة جواز السفر أو رخيصة القيادة أو صورة التخرج، إذ يمكن لشخص ما استخدام تلك الصورة في عمل بطاقة هوية مزيفة».
كما يشير أباغنيل إلى ضرورة تجنب مشاركة بياناتك الشخصية خارج الإنترنت. ويقول: «إننا نقدم الكثير من المعلومات عن أنفسنا، ليس فقط عبر الوسائط الاجتماعية، ولكن هناك أماكن نذهب إليها يسألنا الأشخاص فيها تلك الأسئلة التي تبدو آلية. ما المجلات التي تقرأها؟ وما وظيفتك؟ هل دخلك المادي يتراوح بين هذين الرقمين؟».