الْأَسَاسُ الصِّدقُ وَالْأمَانَةُ

نبض البلد -
  الْأَسَاسُ الصِّدقُ وَالْأمَانَةُ

آسيا أحمد أبوطوق

مُنذُ صِغَرِنَا وَنَحنُ نَنظُرُ إِلَى الأعلَى, نَنظُرُ إِلَى الْمَرحَلَةِ الَّتِي تَلِي مَرحَلَتنَا, وَنظَلُّ هَكَذَا إِلَى أَنَّ نَصلَ إِلَى اكتفاء لمَّا وَصَلنَا لَهُ مِن إِبدَاعٍ وَإِنجَازٍ وَتَحقِيقِ نجَاحَاتٍ وَرِضَى النَّفسِ, وَلَكِن لَم تكن مَرحَلَةُ بلوغنا إِلَى الْأعلَى بِسُهولَةٍ. فَقَط بَنَينَا جِسْرًا مُتَمَاسِكا, قَوِيا مَتِينا لَا يُهَدُّ وَلَا يَسقُطُ, لِنَصِلَ إِلَى هَذَا النّجَاح, فَكَانَ الْأَسَاسُ حَرَّفَا وَرَقمًا ثُمَّ كَلِمَةً وَمَسأَلَةً حِسَابِيَّة ، حَتَّى أَصبَحَت جُمَّلَةً وَحِسَابَاتٍ فَكُتِبَا فَهِمنَاهَا قَبْلَ أَن نَحفَظهَا وَتَحَوَّلَت إِلَى فِكرَةٍ فَقَصَدنَهَا بِرَسمٍ هَندَسِيِّ إِلَى تَطبِيقٍ ثُمَّ أَضفنَا عَلَيهَا لَمْسَةً إِبدَاعِيَّةً, فَكَانَ النَّاتِجُ نجَاحٌا وَإِبدَاعا.

كُل منا يَرغبُ بِالتَّطَور ،ِ بَدَأَ مِن نَفسِهِ إِلَى أسرَتِهِ فَمَدِينَتِهِ ثُمَّ مُجْتَمَعه, وَكُل منا يَرغبُ بِتَرقِّيَةٍ بِوَظِيفَتِهِ, وَبِتَطَوُّر تِكنُولُوجِيِّ جَدِيد بِبَلَدِهِ, وَإِلَى غَيرِهَا مِنَ التَّطَوُّرَاتِ الَّتِي نَرغبُ بِبُلُوغِهَا, فَمَا إِن لَبِثَ الصِّدقُ وَالْأمَانَةُ بِالعِلمِ وَالعَمَلِ إِلَى أَنْ تَحَوَّلَ لِنجَاحٍ يُزهِرُ خَيِّرًا فِي كُل الْأَرجَاءِ وَتَطَوُّرَاتٍ تَعُمُّ فُؤَائِدهَا عَلَى الْأَفرَادِ وَالمُجتَمَعِ.

وَمَا إِن لَم يَلبث الصِّدقُ وَالْأمَانَةُ بِالعِلمِ وَالعَمَلِ فِيكُنَّ النِّتَاجُ تَخرِيبا وَتَدْمِيرا وَسَلْبُ حُقوقٍ, وَمَصَالِح تُطغَى عَلَى حَقِّ الْآخَرِ, وَأَولَوِيَّاتٍ لِلْمَحسُوبِيَّةِ, فَتَقَعُ رِقَابُنَا بَينَ يَدِي قَاتِلُهَا, وَيَقَعُ أَمَلُنَا بِأَن نُزهِرَ بَينَ يَدِيِّ الْمُخَرِّبِينَ الَّذِينَ يُذبِلُونَ الزَّهرَةَ بَدَلَ أَنَّ يَسقُوهَا, فَتَجِد المَنَاصِب وَالوَظَائِف أهِّلَت لِغَيرِ مُؤهَّلينها, وَتَعُمُّ الفَوضَى فِي كُلِّ مَكَانٍ وَلَا مِن جَديدٍ مُزهِر وَلَا مَن تَقَدُّمٍ مُفرِح.

تُسنَدُ مُعظَمُ الوَظَائِفِ وَتمنَحُ التَّرَقِّيَاتُ عَلَى أَسَاسِ الرِّعَايَةِ وَالنُّفُوذِ, وَيُوهَّمُ لَهُم أَنَّ الصُّندُوقَ الخَفَايَ سَيَبقَى مُقفَلا, وَلَكِنَّهُم غفلوا أَنَّ مِفتَاحَ صُندُوقِهِم هُوَ الكَفَاءةُ وَنِتَاجُ العَمَلِ, فَيَظهَرُ ذَلِكَ عَلَى المَلأِ, وَمَا مِن نُقطَةٍ سَودَاء تُوضَعُ إِلَّا وَتَتَوَسَّعُ لِتَظهَر فَجوَةً كَبِيرَةً يَصعُبُ سَدُّهَا وإخفاؤها.

دُعِمَ مَن لَيسَ لَدَيه شَيءٌ لِيُدعمُ, وَتَقَدَّمَ ضَعِيفُ الخَبَرَةِ عَلَى مَالِكِهَا, وأستولت المَنَاصِبُ عَلَى غَيرِ مؤهلينها, فَكِدنَا بِالوَرَى رَاجِعينَ, وَبِالفَقرِ مُتَقَدِّمينَ, وَمِن تَطبِيقِ أَفكَارِهِم مَيتينَ.