نايل هاشم المجالي
يعتقد كثير من النخب السياسية الجديدة والسطحية ان التاريخ لرجالات الوطن الاوفياء المخلصين ليس الا سرداً لوقائع احداث ومعارك ومواقف ماضية قد عفى عليها الزمان فلماذا الحاجة الى الاهتمام بها الى هذا الحد وعلى مختلف وسائل الاعلام الورقية والفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي ويطالبون الالتفات الى ما يطرحونه من فكر علماني وفكر غربي بنظرهم اكثر تحضراً للحاق بالركب العالمي بدلاً من الانشغال بملاحقة قصص ومواقف وقعت منذ سنين لا يجدي البحث فيها شيئاً ولا يغني الحضارة والتقدم العلمي. ثم ان هؤلاء الرجال لم يؤثق تاريخهم لا بكتب دراسية ولا بكتب علمية ولا تدرس مواقفهم الوطنية وولاؤهم واخلاصهم لهذا الوطن فهم لم يعدوا من ذاكرة الطرح التعليمي لكن الحقيقة ان هذه النظرة الى تاريخ هؤلاء الرجال الرجال الاوفياء المخلصين اذا ما قورنت بمواقف كثير من النخب السياسية الحالية والذي تم تحويلهم الى القضاء وهيئة مكافحة الفساد لوجدنا الفرق الكبير بالفكر والفهم والانتماء الوطني لوجدنا الفرق بين الصالح والطالح بين المنتمي والمتغرب الذي يكن الولاء والطاعة للغرب الذي يعبد المال على حساب تراب الوطن فالابطال السابقون ليسوا كأبطال كثير من النخب الحالية ولقد كان دورهم البناء لا الهدم الوفاق والاتفاق لا التفرقة والنفاق فلماذا لا يكون الاهتمام بهم وتدرس مواقفهم ووطنيتهم وانتمائهم لتصبح في ذاكرة كل فرد من ابناء هذا الوطن صغيراً او كبيراً وان يتم اصدار طوابع بريدية تحمل صورهم حتى ولو كان ذلك في مجموعات صورية فهم أرسوا قواعد البناء الحضاري وبثوا القيم والمبادئ الاخلاقية بالعدل والمساواة والتسامح وكل ما له اثر يتعلق بالنواحي الحياتية للفرد والمجتمع ليكون لوجوده في وطنه معنى اسمى من مجرد بناء هياكل من الوعود والنظريات والدراسات التي لا تغني ولا تسمن ولم يكتب لها نصيب على ارض الواقع كذلك اتفاقيات خالية من القيم الدينية والروحية التي تشد اجزاء المجتمع بعرى وثيقة لا تنفصم تلك العرى التي تفتقر اليها معظم المجتمعات الغربية العلمانية المتحضرة فالوطن يحمل رسالة الثورة العربية الكبرى ، الرسالة الخالدة التي عمل عليها هؤلاء الرجال الاوفياء ولم نجد لغاية الان اي اصوات تنادي بكتابة تاريخ ومواقف هؤلاء الرجال بكتاب وطني مرجعية لكل من يريد ان يتعلم كيف يكون الولاء والانتماء والفداء والتضحية علماً بأن هناك الكثير من النخب السياسية تعارض ذلك وترفض حتى النقاش في هذا الموضوع بل يريدونها في قوالب جديدة من صناعتهم من حيث الشكل والمضمون مستمدة من نفوذهم في ذلك وعلى الجميع عدم الاعتراض على ذلك او توجيه اي نقد واما يتحمل ما يترتب على تمرده من تبعات فطرحهم يشكل حالة من التملق الجماهيري يركزون على الاسماء العالمية اللامعة العلمية والتكنولوجية واصحاب المال وكيف صنعوه لانفسهم وقصورهم وشركاتهم ومن هم العائلات الأكثر غنىً ومالاً في الوطن اصحاب الاراضي والممتلكات والوكالات والشركات دون مراعاة لشعور الطبقات الوسطى والفقيرة متنكرين لما قدمه هؤلاء الرجال الوطنيين بل يكرهون ذكر قصصهم ولا يحتملون سماعها هذا واقع وهذه حقيقة يجب ان نعترف بها فهم ابطال المواقف والتسامح فكثيراً ما سمعنا وقرأنا عن قصصهم فلقد اصطبغوا بصبغة التسامح ولقد ذكر القرآن الكريم آيات عن فضل التسامح والمحبة والمودة والرحمة ما بين العباد قال تعالى (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي احسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها الا الذين صبروا وما يلقاها الا ذو حظ عظيم) فكان هناك قضاة عشائر معتمدين لا يجعلون المحاكم الملاذ الاول لكثير من القضايا التي كانت تحل بعقلانيتهم وفهمهم وحكمهم كما هو الحال الان عندما يستفحل القتال بين عشيرتين على سبب لا يليق بالطرح فمكارم الاخلاق ما لها الا اهلها فهم قدوة في حل النزاعات قبل تفاقمها ومن هذا المنطلق على الاوفياء من اصحاب الاختصاص توثيق كل ما يتعلق بتاريخ وقصص هؤلاء الرجال ليكون موثقاً بكافة الوسائل التقنية الحديثة شاملاً لكل الوقائع والاحداث وليكون مرجعية لشبابنا يتعلمون الدروس المستقاة من ذلك .
ولقد نجح المجتمع الاردني منذ تأسيس الدولة في الاندماج مع بعضه البعض والتعايش ومواجهة الكثير من الاحداث العاصفة في التاريخ الاردني ولا شك ان الملمات كفيلة بإحاطة اللثام عن الوجه الحقيقي للمجتمع الذي يحاول البعض زرع الفتنة والكراهية في جوفه لكن سرعان ما ينبذها ويلفظها الاردنيون حتى وان تبنتها قلة منحرفة شاذة الا ان العقلاء كثر وهم حريصون على امن واستقرار هذا الوطن وهو ما يجلب التفاؤل دوماً والايجابية بكل تأكيد ويثير في النفس اكبر مشاعر الفخر والاعتزاز فالذهب يبقى ذهباً وان تغيرت ملامحه واشكاله فالاخلاص للوطن والصدق في العمل والولاء والانتماء كفيل بجعل البلاد دائماً في منصات التتويج والريادة وان تبقى سيرة الرجال الاوفياء على لسان كل ابناء هذا الوطن لما قدموه من مواقف وانتماء حقيقي لهذا الوطن ليكون عبرة للكثيرين فهكذا تقيم الرجال بمواقفهم لا بأموالهم ولباسهم والقابهم .
Nayelmajali11@hotmail.com