وليد حسني
بدت اولى جلسات الدورة الاستثنائية لمجلس النواب ساخنة تماما، وظهرت حالة الود بين السلطتين في ادنى مستوياتها إن لم تكن في أسوأ حالاتها، مما يفتح الباب لكل مراقب للتساؤل عما يمكن ان تكون عليه هذه الدورة القصيرة، وما يمكن أن تكون عليه الدورة العادية الرابعة والاخيرة في عمر المجلس الحالي، حين يصبح النواب وجها لوجه أمام استحقاق مخاطبة الناخبين بدلا من مغازلة الحكومة.
بالامس كانت لغة الخطاب النيابية اتهامية الى أبعد حدود الاتهام للحكومة، لم يقل أحد من النواب شيئا عاطفيا تجاه السلطة التنفيذية، حتى ان أجواء الجلسة الافتتاحية للدورة الاستثنائية التي انطلقت اعمالها صباح امس ظلت تحتفل بروح عدائية لا أظنها ستحافظ على هذا الهدوء في قادمات الأيام.
ومن المؤكد ان هذه الدورة التي لا يجيز الدستور استمرار انعقادها حتى 30 ايلول المقبل ستكون مساحة لتجريب الكر والفر النيابي في مواجهة الحكومة التي ستجد نفسها في مواجهة استحقاقات دورة الوداع حين يصبح الباب مفتوحا على مصراعيه امام النواب لاعلان انحيازهم لجمهور ناخبيهم بدلا من النوم في بنطال الحكومة.
في الدورة الاستثنائية الحالية ثمة قوانين ستسمح للنواب تجريب عض الحكومة في سياق كسر أصابعها لغايات ارسال رسائل انتخابية لجمهور الصناديق، وفي مقدمة هذه القوانين ينتصب المشروع المعدل لقانون الاسلحة والذخائر الذي باشرت اللحنة القانونية بمناقشته.
هناك تحت القبة سيجد النواب الفرصة مواتية لهم تماما لاعلان انحيازهم للناس، وللتراث الفلكلوري والمباهاة بحمل السلاح، وسيحظى وزير الداخلية بالكثير من النقد بسبب تلك التعديلات.
سيكون الخطاب النيابي المعلن الدفاع عن ثقافة حمل السلاح المجتمعية، لكن الهدف المضمر هو تعزيز الفرص امام النواب لقبولهم مرة اخرى من جمهور الناخبين، وفي تلك الاجواء لا اظن ان الحكومة بامكانها تغطية رأسها بمناديل من الورق.
وفي الدورة العادية المقبلة التي ستكون مفتوحة بخلاف الاستثنائية المقيدة فان اسهم النقد الطائشة ستجد اهدافها سريعا في بدن الحكومة، هناك تحت القبة وعلى خاصرة العبدلي ثمة مواجهات بين السلطتين لا أظن ان النوايا الحسنة للحكومة ستقوم بمقام الترس الدفاعي الجيد عنها.
على مدى سنوات المجالس الماضية التي عاصرتها تغطية وتفاعلا وانفعالا ( 1996 ــ 2019 ) كانت الدورات البرلمانية الأخيرة لها تمثل انعطافات قاسية في العلاقة بين السلطتين، ولست هنا بصدد وصف تلك العلاقة بـ"التنمر النيابي"، لأن مثل التوصيف لا يحيط بوصف الحالة تماما، ولربما يصلح وصفها بــ"التغول "، بمعنى ان النواب في دوراتهم العادية الأخيرة يخلقون فرصهم الذاتية لقضم الحكومة وأكلها نيئة، لأن عيونهم تلمع خارج جدران المجلس وتحدق طويلا في ذاكرة الناخبين، وعواطفهم، واتجاهات تصويتهم..
في قادمات الايام سيمعن النواب في "خمش الحكومة"، وأكلها نيئة بدون إنضاج أو طبخ..