زاوية سناء فارس شرعان
باخرة النفط التي تحتجزها بريطانيا في مضيق جبل طارق تعيد الى الاذهان القرصنة البحرية في بحار العالم ومحيطاته في العصور الوسطى بعد الاكتشافات الجغرافية وخاصة اكتشاف العالم الجديد حيث تكالبت الدول الاوروبية المتقدمة عسكريا بعد بدء الثورة الصناعية على العالم الجديد في امريكا الشمالية والجنوبية والوسطى واستراليا والجزر الفارقة في بحار العالم ومحيطاته وعملت على احتلالها واستعمارها …
وتعتبر بريطانيا اول من استخدم القرصنة كسلاح ضد اعدائها وخصومها خاصة وكان اسطولها لا يرى في بحار العالم منذر معركة الارمادا في بحر الشمال مع الاسطول الاسباني في عام ١٥٨٨ حيث هاجم الاسطول البريطاني نظيره الاسباني العائد من امريكا محملا بالغنائم والذهب ومنتجات العالم الجديد وسلبه الكثير من حمولته … وبعد ذلك انتشرت القرصنة رسميا وشعبيا كمهنة رائجة للربح السريع وشملت كل ما تحمله السفن من زاد ومتاع حتى عبيد افريقيا تم صيدهم وبيعهم ونقلهم الى امريكا ليعملوا كعبيد في الارض الامريكية الواسعة قليلة السكان.
اغرب ما امر الباخرة التي تحمل نفطا ايرانيا ان بريطانيا تحتجزها في مستعمرة جبل طارق وهي ارض اسبانية لذلك كانت اسبانيا اول دولة تحتج على رعملية القرصنة هذه فهي تعتبر جبل طارق الذي سمي بهذا الاسم نسبة الى القائد العربي طارقبن زياد الذي غزا اسبانيا من شمال المغرب العربي بعد هذا المضيق في بداية فتح الاندلس ونشر الاسلام في اوروبا …
يبدو ان بريطانيا لا تزال تستخدم القرصنة كوسيلة للضغط والتلويح بالحرب ليس هذا في حدود مناطق نفوذها المترامية في كافة اصقاع الارض والموانئ التي تهيمن عليها علما بان بريطانيا لا تبعد كثيرا عن السياسة الامريكية بل ان بريطانيا تتبع امريكا التي كانت احدى مستعمراتها وتكاد تكون كظلها الذي لا يفارقها …
وقد اصرت اسبانيا التي ترفض احتجاز السفينة التي تحمل نفطا ايرانيا من احتجاز سفينة النفط تم بطلب امريكي وان كانت الدول الاوروبية تزعم ان احتجازها تم وفقا لقرار اوروبي بفرض الحصار عى النظام الايراني والسوري لأن حافلة النفط كانت متجهة الى ميناء بانياس السوري.
بغض النظر عن الادوار التي تلعبها الدول الاوروبية في عمليات الحرب والقرصنة فباعقتادي ان هذه القضايا يبت بها القانون الدولي من خلال المحاكم الدولية المختصة وهي التي تقرر مصير هذه الحافلة وليست بريطانيا او امريكا او اسبانيا فان احتجاز الباخرة لا يبدو كونه قرصنة في وضح النهار لأن هذه العملية ليس لها ما يبررها على الاطلاق لان احتجازها فترة اطول قد يقلل من اسعار حمولتها من النفط ويسبب خسارة فادحة لمن يمتلك هذا النفط..
القرصنة البريطانية في جبل طارق وفي المياه الاقليمية الاسبانية لا يماثلها الا عمليات القرصنة الاسرائيلية في المياه الدولية وخاصة في البحر الابيض المتوسط التي كانت تستخدم ضد سفن فك الحصار المفروض على غزة اسرائيليا وامريكيا حيث دأبت السفن الاسرائيلية مهاجمة البواخر التي تقل متضامنين مع غزة لكسر الحصار المفروض عليها وخاصة ضد اسطول الحرية الثاني عام ٢٠١٠ حيث هاجمت البحرية الاسرائيلية سفينة مافي مرمرة التركية في اعالي البحار على بعد ١٥٠ كيلوا مترا من شواطئ غزة وقتلت عددا من المتضامنين الاتراك مع ابناء غزة … !!!