"دعشنة نيابية" ضد حرية القول

نبض البلد -

وليد حسني

أظننا اليوم أمام فضيحة جديدة لا تختلف كثيرا عن فضائحنا السابقة ، لكنها في الوقت نفسه تفتح سؤالا بعيد المرامي يتعلق بالرسالة التي وجهها النائب د. احمد الرقب لرئيس الوزراء مطالبا فيها باغلاق فضائية رؤيا لأنها حسب عقدته "تطلع علينا ببرامج ولقاءات وحوارات تتصادم مع الثوابت الدينية والقيمية والتربوية، مما يسبب خللا متزايدا في صياغة الشخصية الوطنية ذات الوعي الراشد البعيد عن صور التردي والاستفزاز".

هذه هي عقيدة النائب د. الرقب الذي يمثل حزب جبهة العمل الإسلامي في كتلة الإصلاح في مجلس النواب فضلا عن كونه أكاديميا يحمل شهادة دكتوراه في التفسير من السودان سنة 2002، وعمل استاذا ومحاضرا في تخصصه في أكثر من جامعة، يقوم وبكل برودة أعصاب بتصدير خطاب تحريض واتهام وايذاء لجهة إعلامية داعيا لإغلاقها"حفظا لحاضر الأجيال ومستقبلها وصيانة لفلسفة الدولة ودستورها"ــ على حد قوله ــ .

والسؤال الذي يجب طرحه على النائب الرقب ما هي المعايير التي استندت اليها في إصدار خطابك التحريضي ضد"رؤيا"، أم انك رأيت"رؤيا" ففزعت منها كالمستجير من الرمضاء بالنار.

خطاب النائب الرقب يقودني لهؤلاء الذين وقفوا خلف مؤتمر مكافحة الرذيلة، فلا فرق بين خطابهم وخطاب النائب الرقب الذي يتوجب عليه ان يكون على الأقل ديمقراطيا يقبل الخلاف والاختلاف، والنقد، وان يكون داعما لحرية الإعلام وحرية الكلمة من موقع الخلاف قبل زحمة الوفاق.

وأسأل النائب د. الرقب هل هذا جهدك، أم جهد الحزب الذي تنتمي إليه، وهل ناقشت هذا الأمر مع أشقائك في كتلتك؟ وهل قلت لأحد إنك ضد حرية الرأي والتعبير، وأنك ستصدر خطاب تحريض وايذاء لمؤسسة إعلامية مستقلة لم ترفع السلاح على المجتمع، ولم تعصف بالعقول أو تعبث بالاجيال ــ كما تخيلتّ ــ، ولا أظنها تفكر للحظة الدوس على فلسفة الدولة التي أدعوك برجاء شرحها لنا، لعلنا نستبين منك ما خفي علينا.

ان خطاب د. الرقب ينطوي على العديد من المخاطر، فعدا عن كونه خطابا"مدعشنا" فيه من رفض الآخر ما فيه، فإنه يدخلنا في اختبار مصداقية اعتراف "الإسلامي السياسي " بحقوق الآخرين بحرية الرأي والتعبير، وهو الحق الذي كفله الإسلام أولا، قبل أن يكفله الدستور الاردني الذي يتباكى د. الرقب عليه، ولا أظنه ينكر الحالتين.

إن رسالة النائب د. الرقب تسيء لمجلس النواب أولا، وتنتقص من مدى إيمان حزب جبهة العمل الإسلامي بحرية الرأي والتعبير ثانيا، وترفع من منسوب تخوفاتنا من اتساع رقعة حملة الفكر المناهض لإشاعة الحريات الإعلامية المسؤولة.

أنا لست هنا في مقام الدفاع عن"رؤيا" فأنا ربما من أقل المشاهدين لها، لكنني ادافع عن فكرة الحرية حتى لا يتم اغتيالها تحت ستائر السياسي، والديني، والأخلاقي، وحتى أدافع عن الطمانينة التي أبحث عنها، فقد أشعرتني رسالة النائب د. الرقب بالخوف والرعب، وفقدان الطمأنينة..