نايل هاشم المجالي
هناك قول يقول ( ان النفس بحاجة الى رخاء في غذائها الفكري والعاطفي كحاجة الجسم إلى شيء من النعيم في حياته المادية والادباء والفنانون يجلبون هذه الحقيقة ويقدمون هذه الوجبة الغنية للمجتمع ) .
فهم يرشدون الناس حول كثير من القضايا باسلوبهم المميز ويلفتون الانظار نحوها وموضحين اهميتها وما بين السطور دون ان يلقونها بالفم .
اذن هناك علاقة قوية بين الادب والفن بأشكاله مع المجتمع ووعيه لما يجري من قضايا وازمات وقوانين وتشريعات وغيرها ، وكشف ما يخص المواطن والمجتمع وما يخفى عن الآخرين فهو فن من الفنون الجمالية يعكس مظهراً من مظاهر الحياة الاجتماعية ، وله عدة وسائل للتعبير عن ذلك سواء بالكتابة او على خشبة المسرح او على القنوات التلفزيونية او الاذاعية وغيرها .
فهو يستخدم الكلمات الموحية لتصل الى المشاهد والمواطن ، فللكلمة دور وتأثير في التعبير لما فيها من سحر وقوة ومؤثرة في نفس المتلقى والذي وراءها شخص او اشخاص مبدعين مرهفي الحس ، خاصة في المواقف العصيبة والازمات فأصحاب الكلمة والاسلوب والفن لديهم درجة كبيرة من الوعي والادراك والايمان وعلاقتهم بالمجتمع علاقة توجيهية قيادية لما لديهم من امكانيات تؤهلهم على تحمل المسؤولية .
وهو يربط الاحداث ببعضها البعض ويرسخ القيم وهم اعين لمختلف القضايا ويسعون الى الحل بأسلوب امثل فكاهي او تمثيلي او تعبيري او لغوي ، فهم لديهم زاد ثقافي وفكري يغني تجربتهم ويعمق رؤيتهم للمجتمع والانسان فهو احساس صادق مفعم بالغيرة .
اي ان العلاقة بينه وبين المجتمع علاقة تفاعلية بسلوك الالتزام فهو يصهر عواطفه في بوتقة حاجات الناس وما يعانون من مشاكل وازمات ، فيصدق بالاحساس والتعبير فهم رسل المجتمع وهداة للناس بما يملكون من قدرات ومواهب .
فالادب ليس حزباً سياسياً بل مؤشرا لزرع القيم والوعي والتهذيب وبيان الحقائق ، وكلما تحرر الاديب من القيود كلما كشف من الحقيقة ما يستحق ان يظهر للمعنيين وللمواطنين ، فلا ادب وفن دون رسالة هادفة وهم مسؤولون امام ضميرهم عما يكتبون او يفعلون من ابداعات .
ولا بد من خلق جيل يحمل رسالة الادب والفن من الجيل الذي سبقه ومتابعة الدرب برؤية واقعية داخل الاطار الوطني والاتقان والمعقولية وحسن النية ، بعيدين عن الابتذال والاستهتار ، وكذلك لزرع الاحترام المتبادل وهم مسؤولون عما قدموه الى شبابنا من خبرة ومعرفة وتجربة وهذا لا يعجب كثيراً من الدول الغير متحضرة او التي لا تريد ان نواكب التطور والحداثة بالشفافية .
لذلك نجد نقابات الفنانين والادباء محجمة وذات ميزانيات متدنية وغالبيتهم يبحثون عن وظائف لتغطية احتياجاتهم المعيشية ، كذلك نجد المخصصات المالية للوزارات المعنية بهم ضئيلة وشبه معدومة باستثناء بعض القنوات الفضائية الخاصة التي تتبنى بعضهم ، كذلك القطاع الخاص الذي يستعين بهم لغايات الاستثمار بوجودهم لجلب اكبر عدد من المشاهدين او المستمعين ، فإلى متى سيكون هناك ادواراً رئيسية لهم في كافة المحافل لاثبات وجودهم وتنمية قدراتهم الفنية والابداعية وتنمية مواهبهم بشتى انواعها .
ومع تطور تكنولوجيا التواصل الاجتماعي اصبح هناك ادباء وفنانين من عامة الشعب يكتبون ويعلقون ويجرون المقابلات مع انفسهم ويمثلون دون خبرة او معرفة او دراية ويتناولون المواضيع بالنقد وفق ما يرونه مناسباً كبيراً او صغيراً ، وهناك من ينقد بأسلوب جارح وسلوك سلبي المهم انه يريد ان يعبر عما في داخله كونه متوتر ومشحون شحنات سلبية .
لذلك يجب وضع القدرات والامكانيات للاستفادة منهم باسلوب حضاري وتوعية الاجيال اللاحقة المهتمة بهذا الامر والتي لديها مواهب وابداعات في هذا المجال لا ان نحاربهم في مكان عملهم ومصدر رزقهم وننبذهم ، بل بالحوار الهادف نوجههم نحو كثير من القضايا الوطنية الهامة والهادفة اي ان يكونوا مقبولين اكثر من ان يكونوا منبوذين خاصة ان المواطن اصبح يشده المنبوذ اكثر من المقبول .
Nayelmajali11@hotmail.com