وليد حسني
أعلن امين عمان د.يوسف الشواربه بالأمس عن مشروع أظنه سيشكل قفزة خدماتية مهمة في قطاع النقل العام كاشفا عن تشغيل منظومة جديدة من باصات النقل العام فيها ما فيها من دقة زمنية في الوصول للمحطات المحددة، وتوافر الانترنت والدفع المسبق، والأهم خلق مساحة آمنة بين الزبون والسائق وربما سيكون من الأفضل خلو تلك الحافلات من مجموعة الكونترولية.
ما قاله امين عمان مهم إذا ما تعاملنا نحن كمواطنين وزبائن بسلوك حضاري مسؤول مع تلك الحافلات ، والأهم ان يراعي المشغلون دقة الوصول لمحطات التحميل والتنزيل ، والصبر ربما طويلا على تعود المواطنين على استخدام هذه الخدمة وبناء الثقة بها ، عندها سيلجأ المواطن إلى الاستغناء عن سيارته والاعتماد على وسائل النقل تلك.
تلك الصورة ستبقى ايجابية في ألبوم النقل العام وهي صورة ايجابية حتى ننتهي من اختبارها على الارض ، لكن تقابلها صورة قاتمة ومتعبة ومربكة ومكلفة نفسيا وماديا لكل المواطنين ومستخدمي الطرق التي سيخترقها الباص السريع.
منذ انطلاق مشروع الباص السريع في مرحلته الأولى وما تلاه وسيتلوه من مراحل أخرى لم يورثنا غير الاضطرابات النفسية، والعصبية المفرطة ، والكثير من الوقت والجهد والمال.
في طريق الباص السريع التي تغرق منذ سنوات بأعمال الحفر والبناء والتشييد البطيء اكتسب المواطنون سلوكيات جديدة لها علاقة مباشرة بالباص السريع الذي ليس له من اسمه نصيب ، فهناك المزيد من التوتر والعصبية الظاهرة ، وهناك المزيد من الاستحقاقات النفسية والمالية خضع المواطنون لها بالإكراه ، بسبب هذا الباص البطيء الذي لا نعرف على وجه اليقين متى سيمشي في سكته ، وكم من الأزمات سيساهم في حلها ، وما هي نسبة مساهمته في ترشيد استهلاك المواطنين من الوقود والوقت والمال ، فهذه ارقام لم نطلع عليها ولا نعرف حقيقتها، ولم يطتوع أحد من الحكومات المتعاقبة للشرح والتوضيح.
أصبح المواطن بسبب الباص السريع يخرج من منزله مبكرا ربما بنصف ساعة على الاقل محاولا الوصول لوجهته، بسبب أزمات السير ومن المرجح ان تتسع مساحتها في قابلات الأيام حين تتوسع أعمال الحفر وإغلاق المزيد من الطرق الحيوية، ومن المرجح ان ترتفع المساحة الزمنية التي يقضيها المواطن في الطريق وفي أماكن الاكتظاظ، مما سيرفع من نسبة استهلاك الوقود، ويرفع من نسبة التوتر النفسي.
لم يقل أحد لنا نسبة إجمالي فاقد الوقود للمواطنين وهم ينحشرون في أزمات السير لساعة ونصف على الاقل صباحا ومساء في الحد الأدنى، ونحن بالتأكيد بحاجة لحسبة تقريبية على الاقل لنعرف حجم الكلفة الحقيقية للباص السريع التي يدفعها المواطنون من جيوبهم في غدوهم ورواحهم.
ولو فرضنا ان كل سيارة تصرف نصف لتر من البنزين يوميا بدون أي فائدة في الأزمات فكم لترا تذهب هدرا في اليوم وفي الأسبوع وفي الشهر، بافتراض ان نصف مليون سيارة في الحد الأدنى تمر في طريق الباص السريع كل 24 ساعة.
لنفترض ان هذه الحسبة دقيقة ــ وهي ليست كذلك باعتبارها معادلة افتراضية ــ فاننا نصرف 250 الف لتر بنزين يوميا بسبب الباص السريع كنا في غنى عنها، مما يعني ان المواطنين يخسرون (7,500,000 ) مليون لتر بنزين شهريا، ما يعادل 90 مليون لتر في السنة، وبقمة إجمالية تبلغ (70,200,000 ) مليون دينار سنويا يدفعها المواطنون دون احتسابها من الكلفة الحقيقية للباص السريع، ولكم ان تعيدوا الحسابات كل على طريقته ولا تنسوا الكلفة السنوية بالطبع.
الباص السريع اورثنا الكثير من الأزمات النفسية، وحملنا ما لا طاقة لنا به من الأموال التي ندفعها من جيوبنا وتذهب هدرا، فضلا عن الوقت وعن العلاقات والسلوكيات التي تظهر في الطريق...
الباص السريع كان ولم يزل عنوانا عريضا في أزماتنا النفسية والسلوكية والمالية فمن يعوضنا عن خسائرنا..