نبض البلد - رام الله
في غير موعدهم، نزل أهالي قرية المغير شرق مدينة رام الله لأراضيهم لحصاد المزروعات التي لم تنضج بشكل كامل بعد، خشية أن تطالها الحرائق التي عمد المستوطنون على إشعالها منذ شهر رمضان الماضي.
اتخذ أهالي المغير قرارا بضرورة إطلاق موسم الحصاد بعد تصعيد المستوطنين هجماتهم على أراضيهم، حيث حرقوا عشرات الدونمات الزراعية، وأكثر من 250 شجرة زيتون خلال عيد الفطر.
ومن المتوقع أن تنتج القرية نحو 300 طن من الحبوب بمختلف أنواعها هذا العام، حيث زرع أهالي القرية أكثر من 5 آلاف دونم بالحبوب المختلفة، وهو موسم أفضل من الأعوام السابقة، حسب عضو اللجنة الزراعية في القرية كاظم الحج محمد.
وتبلغ مساحة المغير 26 ألف دونم، ومحاطة بأربع بؤر استيطانية، ومعسكر لجيش الاحتلال.
وتتعرض المغير لانتهاكات من قبل قوات الاحتلال بشكل شبه يومي، حيث يصادر ويمنع البناء في 80% من أراضي القرية بحجة أنها مناطق "ج"، خصوصا الأراضي الواقعة شرق القرية، ويعتبرها الاحتلال منطقة عسكرية مغلقة يُمنع المواطنون من الوصول اليها والاعتناء بمزروعاتهم، حتى أنه يحرم الثروة الحيوانية من رزقها هناك، كما يقع معظم البناء في المغير في حدود كيلو متر مربع واحد، بينما يوجد 17 بيتا منذرة بالهدم.
عام 2017 وضع الاحتلال بؤرة استيطانية شرق المغير، الأمر الذي واجهه أهالي القرية بالاعتصام على مدار أسبوعين متواصلين، وهددوا وقتها بإغلاق الطريق الاستيطاني الذي يمر بمحاذاة القرية، الأمر الذي أجبر الاحتلال على الرضوخ وإخلاء البؤرة.
ووفق الحج محمد، "منذ عام 2018 استشهد مواطنان في القرية، واعتقل 80 آخرون، كما فرضت على المواطنين غرامات بالالاف".
"قريتنا تقع فيها مواجهات يومية مع المستوطنين في النهار، وفي الليل يتولى جيش الاحتلال المهمة ويهاجم المنازل، ويعتقل الشبان"، يضيف الحج محمد.
وكانت المغير هدفا لمطامع الاحتلال منذ البداية، ففي العام 1970، أي بعد 3 أعوام من احتلال الضفة الغربية، سلمت سلطات الاحتلال كتابا لأهالي القرية بمصادرة أراض شرقها لتكون "موقعا للتدريب العسكري".
ومنذ 3 سنوات تحول المعسكر شيئا فشيئا لبؤرة استيطانية، حيث أقدمت مجموعة مستوطنين ومعهم نحو 500 رأس غنم، على الإقامة في المعسكر، وبدأوا برعي أغنامهم بالأراضي الزراعية، ومنعوهم من الوصول لأراضيهم.
غسان بني فضل الذي يعمل في مؤسسة دولية لمساندة المواطنين في أراضيهم المهددة بالمصادرة، يقول: "نتواجد في هذه المنطقة منذ عامين، ونساند الرعاة في الوصول إلى مراعيهم رغم هجمات المستوطنين".
ويروي عامر أبو عليا الذي يرابط في أرضه منذ عدة سنوات فصول الانتهاكات والمضايقات التي يتعرض لها، حيث منع من زراعة 500 دونم.
وقال: "جاء مستوطن منذ 3 سنوات إلى المنطقة، وبحماية من جيش وشرطة الاحتلال ومنعنا من الزراعة في تلك الأرض، كما حرمنا من استغلال آبارنا، فيما يقوم بإلقاء غنمه التي تنفق داخل الآبار".
وتعرض أبو عليا للاعتقال أكثر من مرة، وفي كل مرة يعود إلى الأرض، رغم ما يفرض عليه من غرامات باهظة.
"أنا مزارع وهذه أرضي، وسأدافع عنها بمالي وبدمي، ونحن معتادون على المواجهة، وعلى دفع الثمن، يريدون منا أن نمل المواجهة، لكننا لن نكل ولن نمل"، يضيف أبو عليا.
ويعتمد 70% من سكان المغير البالغ عددهم 4 آلاف، على الزراعة والثروة الحيوانية، حتى أن الموظفين وعمال البناء يتجهون إلى فلاحة أرضهم.
ولدى أهل المغير، حسب الحاج محمد، "قناعة بأن ترك الأرض كقطع الأكسجين من الجو"، لذلك تعتبر من القرى القليلة التي ما زالت تحافظ على الطابع الفلاحي والتراثي الأصيل، ففيها نحو 50 طابونا، ودخانها ما زال واضحا لمن يزورها.