القدس المحتلة-وكالات
رغم مرور 71 عامًا على "النكبة"، وتقادم الأيام، إلا أن مشهد ترحيل الفلسطينيين القسري من بيوتهم وتدمير قراهم مازال حاضراً في ذاكرة الأجيال الفلسطينية المتعاقبة.
وقد تسببت نكبة 1948 في تحويل مئات آلاف الفلسطينيين إلى لاجئين، وعشرات الآلاف إلى مهجرين في وطنهم.
وتختلف شهادات ضحايا النكبة باختلاف رواة أحداثها، لكن قصة "وليد المصري" الذي ولد في الـ 16 من أيار 1948 "يوم سقوط مدينة يافا" بيد الاحتلال تبدو مختلفة.
فالمصري لم يسمع أصوات التدمير ولم يشاهد جثث القتلى، رغم أنه يرويها كأنه كان شاهدًا عليها، وقد "وضعته" أمه بسبب الخوف نتيجة أصوات القذائف، ويبدو أن "النحس" الذي ترافق مع ذكرى مولده سيلاحقه حتى خارج فلسطين.
يقول المصري: "تولى القصف على يافا من العصابات الصهيونية، ونصبوا مدافع هاون في قرى وتخوم المدينة وقصفوها بشكل عنيف، ما أدى لمقتل أعداد كبيرة من أهلها وتهجير معظم الباقين".
وأشار إلى أن الناس اندفعوا من يافا وقراها إلى الميناء لركوب بواخر تجارية قدمت من سورية ولبنان والقاهرة، "فكان المهجّرون لا يعرفون أين وجهة هجرتهم".
وأضاف: "أهلي لم يستطيعوا ركوب هذا البواخر، لأننا لم نريد الهجرة في البداية وحاولنا البقاء، لكننا في النهاية غادرنا نحو الأردن".
ونوه إلى أنه لم يشاهد شيئًا من النكبة، لكن والدته كان تخبره تفاصيل تهجيرهم من منزلهم، وشتاتهم إلى الأردن وسورية ودول أخرى بعد ذلك.
وحسب المصري، فإن عائلته فقدت كل ما تملك بسبب النكبة، حيث قتل والده أثناء محاولة العودة إلى البيت من أجل أخذ بعض الأموال، "ولذلك غادرنا إلى الأردن من أجل السكن عند أحد أقاربنا".
ويتابع أنهم ظلوا أعوامًا عديدة يعانون من الفقر بسبب عدم وجود معيل، وكانوا يعتمدون على المساعدات التي تقدمها الجمعيات الخيرية لفترة طويلة، (..)، "أكملت دراستي حتى الثانوية فقط، وذهبت للعمل في الكويت".
واستدرك: "لم أستقر طويلًا في الكويت، بسبب غزو العراق، حيث أجبرت مرة أخرى على مغادرة البلد التي كنت أسكنها".
المصري غادر الكويت بسيارته، وبدلًا من أن يعود إلى الأردن قرر الاستقرار في العراق، حيث حصل على منحة لإكمال دراسته في جامعة بغداد.
واستطاع المصري رغم بلوغه الأربعينات الحصول على شهادة في المحاسبة، والعمل في العراق، لكن الطالع السيء أصر على ملاحقته، حيث قتلت عائلته نتيجة القصف الأمريكي على بغداد، وأجبر على الهجرة للمرة الرابعة، ولكنه هذا المرة عاد للأردن.
جدير بالذكر أن المصري كانت له عائلة مكونة من 6 أبناء؛ 4 ذكور و2 إناث؛ قبل أن يُقتلوا في قصف أمريكي في العراق. ويسكن حاليًا في الحي الهاشمي الشمالي بالعاصمة الأردنية "عمّان".
وشدد المصري على أن الشعب الفلسطيني يستحق لقب "أكبر شعب لاجئ" في العالم، "فهو لم يهجّر فقط من بلاده إلى بلد أكثر أمنًا يعيش فيه بسلام، ولكنه هُجّر حتى من مكان لجوئه، حتى تحول اللجوء إلى خبزه اليومي".
ووفق معطيات نشرها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فقد دمر الاحتلال في النكبة 531 قرية ومدينة فلسطينية، وارتكب أكثر من 70 مذبحة ومجزرة راح ضحيتها ما يزيد عن 15 ألف فلسطيني.
و"النكبة"، مصطلح يطلقه الفلسطينيون على استيلاء "عصابات صهيونية مسلحة" على أراضٍ فلسطينية وتهجير أهلها عام 1948، لإقامة دولة "إسرائيل"، وعلى إثر ذلك هُجّر الآلاف من الفلسطينيين من أراضيهم وفقدوا مساكنهم، وتوزعوا على بقاع مختلفة من أنحاء العالم.
ويحيي الفلسطينيون ذكرى "النكبة" في 15 من مايو/ أيار كل عام، بمسيرات احتجاجية، وإقامة معارض تراثية تؤكد على حق العودة، وارتباطهم بأرضهم التي رحل عنها آباؤهم وأجدادهم عام 1948.
ووفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن عدد اللاجئين حتى نهاية العام 2013 وصل إلى 5.9 مليون نسمة، يتوزعون على 58 مخيما بواقع 10 مخيمات في الأردن، و9 مخيمات في سوريا، و12 مخيما في لبنان، و19 مخيما في الضفة الغربية، و8 مخيمات في قطاع غزة.