مناسبة لتجدد المعركة مع المحتلين الساعين لتهويد المدينة
الخليل -وكالات
تنبعث حياة جديدة في أسواق الخليل العتيقة جنوب الضفة الغربية، مع بداية شهر رمضان المبارك من كل عام، فتعج البلدة بالزوار وترتفع أصوات الباعة، وتزهو بسطاتهم ورفوف محالهم بأنواع مختلفة من الحلويات والمأكولات الرمضانية، ويتبدد القلق في زقاق الخليل العتيقة.
ثمة معركة بقاء تدور بين الفلسطينيين والمستوطنين الساعين إلى إفراغ قلب المدينة لتهويدها، فيشكل الشهر الفضيل مناسبة لكسر إجراءات التفريغ بازدحام الأسواق بالمتسوقين من مختلف المناطق الفلسطينية.
و يتخوف السكان من الوصول الى سوق الخليل القديم الذي يزدحم بالمحال التجارية، خشية اعتداءات المستوطنين عليهم، ولتجنب اعتقالات الجنود الذين لا يفارقون المنطقة.
ويستوطن في قلب الخليل نحو 800 مستوطن لا يتوقفون عن ممارسة الاعتداء ضد سكان المدينة وزوارها، بينما يفرض الجيش اجراءات مشددة على المنطقة، ولا يتوقف عن تفتيش وإهانة المارة، الأمر الذي تسبب بعزوف الزاور والمتسوقين عن الحضور الى البلدة القديمة.
وفي الأيام الأولى من شهر رمضان المبارك، تشهد الأسواق ازدحاما لافتا، حيث يقصد السوق مئات الزوار القادمين من مختلف المناطق للاستفادة من العروض التي يقدمها التجار خاصة في الساعات الأخيرة ما قبل الافطار.
ومنذ اليوم الاول من الشهر الفضيل أعاد بعض التجار فتح محالهم المغلقة، وجدد آخرون بضاعتهم ، بينما اصطف طابور من المواطنين امام محل شهير لبيع حلوى القطايف في المكان، للاستفادة من عروضه المخففة.
وتقدم السلطة الفلسطينية ومؤسساتها، خاصة لجنة اعمار الخليل، مساعدات للتجار لحثهم على الإبقاء على محالهم التجارية مفتوحة، وتقدم لهم في الشهر الفضيل مساعدات عينية من المواد الاولية التي تحضر منها الحلوى خاصة القطايف لبيعها بأسعار اقل لاستقطاب المواطنين الى الخليل العتيقة.
يقول سامح رفاعية، وهو موظف حكومي من سكان المحافظة، في حديث مع القدس العربي ، انها المرة الأولى التي يحضر بها الى السوق العتيق منذ 6 سنوات ، مضيفا نحن نخشى الحضور الى المنطقة التي باتت مرعبة في السنوات الاخيرة في ظل تكرار اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه على من يتواجد في المنطقة .
وأضاف جئت اليوم لشراء القطايف وبعض المخللات، والاستفادة من الأسعار المخففة في ظل نقص الرواتب منذ ثلاثة أشهر جراء الأزمة المالية .
وتابع حديثه، السوق مزدحم ، انه مشهد جميل يبعث على الطمأنينة ، سأذهب في البداية للصلاة في الحرم الابراهيمي الشريف، وثم سأعود الى شراء ما جئت من أجله .
بيد أن أعين المتجولين تبقى متيقظة وحذرة، خشية أن يباغتها هجوم مستوطن يعتلي شرفة مطلة على السوق، من أحد المنازل التي استولى عليها المستوطنون منذ سنوات، ولا يتوقفون عن مهاجمة المارة من خلالها.
ويقول البائع السبعيني، أبو خالد الهيموني، في حديث مع القدس العربي ، ان الحياة تعود من جديد في رمضان الى البلدة القديمة، طيلة أيام السنة المكان شبه فارغ ووضع التجار مأساوي، والكثير منهم يغلق محاله بانتظار رمضان، لكن انا موجود منذ 45 عاما وهناك الكثيرون مثلي للحفاظ على المنطقة من التهويد .
ويضيف المستوطنون يتحينون الفرصة لإفراغ المنطقة للاستيلاء عليها، لذلك لا نستبعد ان يقدموا على تنفيذ اعتداءات لإشاعة جو الخوف من جديد في نفوس المتسوقين لإفراغ المنطقة، وإفساد هذه الفرحة .
ووفق بروتوكول الخليل الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية عام 1997 قسمت مدينة الخليل إلى منطقتين، منطقة (H1) والتي تشكل 80% من المساحة الكلية لمدينة الخليل وتخضع للسيطرة الفلسطينية. ومنطقة (H2)، وتشكل 20% من مساحة الخليل وبقيت تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية فيما نقلت الصلاحيات المدنية للسلطة الفلسطينية وتقع البلدة القديمة واسواقها تحت السيطرة الاسرائيلية.
وطردت اسرائيل بداية العام بعثة التواجد الدولي المؤقت من الخليل القديمة، التي كانت مهمتها مراقبة المنطقة ورصد اعتداءات المستوطنين.
الهيموني، مثل غيره من أهالي البلدة العتيقة وتجارها الذين يترقبون رمضان كل عام، على أمل أن يضخ الدم في عروق البلدة العتيقة وحركة أسواقها المتجمدة طيلة الأشهر الماضية بفعل الإغلاقات والاستهدافات المتكررة من قبل الاحتلال ومستوطنيه، والتي طالت خلال الفترة الماضية أرواح أطفال وشبان وشابات.
ويأمل سعيد ابو شمسية الذي يكنى بـ ابو محمد في الستينات من العمر، ويقطن في المنطقة، بأن تبقى هذه الأجواء الجميلة في البلدة القديمة طيلة أيام السنة ليس من أجل ان يترزق فقط، بل لحماية المنطقة من التهويد والإغلاق.