واشنطن-وكالات
يرتفع منسوب الإحباط لدى المحققين الديمقراطيين في مجلس النواب الأميركي، بعد رفض الرئيس دونالد ترامب التعاون مع التحقيقات التي يجريها الكونغرس بمسألة إعاقته للعدالة، والتي لم يخلص تحقيق روبرت مولر بالتدخل الروسي إلى إدانته بها. ويدفع هذا الإحباط، بعض الديمقراطيين إلى التفكير في ما إذا كان عليهم أن يضغطوا على رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي لإطلاق إجراءات عزل الرئيس الأميركي.
ويتزايد الغضب لدى رؤساء وأعضاء ست لجان في "النواب" الأميركي، يحققون في مسألة عرقلة ترامب لسير العدالة، بسبب رفض البيت الأبيض التجاوب معهم، بحسب مسؤولين ديمقراطيين عديدين في المجلس تحدثوا لصحيفة "واشنطن بوست". وهذا الغضب، بحسب مسؤولين قياديين، وصل إلى فريق بيلوسي أيضاً.
وفاقم الوضع تهديد وزير العدل ويليام بار بعدم حضور جلسة استماع للجنة العدل النيابية مزمع عقدها يوم الخميس المقبل، بعدما توعد البيت الأبيض الأسبوع الماضي بمنع مسؤولين من التجاوب مع استدعاءات أو مقابلات. وكان مشرعون ديمقراطيون من الجناح الأكثر ليبرالية دعوا الشهر الماضي إلى عزل ترامب بعد صدور تقرير مولر. لكن بيلوسي، وخشية تأثير محاولات العزل على استحقاق الانتخابات الرئاسية للعام 2020، طالبت النواب "المتحمسين" لمسألة العزل بكبح حماسهم، والاكتفاء بمتابعة تحقيقاتهم.
ولكن، وكما رأت واشنطن بوست، نقلاً عن مصادرها، فإن عدم تعاون ترامب يعرقل مهمة التحقيق التي يقودها "النواب" الأميركي. ووجه الرئيس المسؤولين في إدارته علناً بـ"إهمال" الديمقراطيين الذين يسيطرون على مجلس النواب في الكونغرس، ما دفع العديد من هؤلاء، وخاصة الذين يصنفون من جناح المنظومة التقليدية في الحزب، إلى تفضيل خيار العزل، رغم أن الكلمة الفصل ستعود بالنهاية إلى بيلوسي.
وخلال اجتماع قيادي لمجلس النواب أمس الإثنين، قالت بيلوسي إن تصرفات ترامب هذه بحد ذاتها تراكم الأدلة على عرقلة العدالة، لكنها طلبت في الوقت ذاته من الديمقراطيين الحذر والتركيز على أجندة "الرئاسيات"، وذلك بحسب مشاركين في اللقاء تحدثوا للصحيفة.
ودفعت تصريحات ترامب الأسبوع الماضي بأنه سيهمل أي استدعاءات (بعد صدور تقرير مولر الذي وثق 10 حالات محتملة أعاق فيها الرئيس الأميركي سير العدالة)، العديد من المشرعين الديمقراطيين الذين يتابعون التحقيق، إلى المجادلة بأنهم بحاجة إلى إطلاق إجراءات العزل، بالرغم من انتظارهم الضوء الأخضر من بيلوسي. ويرى هؤلاء أن محاولة ترامب إعاقة عمل مجلس النواب تشكل بحد ذاتها عرقلة إضافية للعدالة واستغلالاً للسلطة.
وفي هذا الإطار، قال النائب الديمقراطي، والعضو في لجنة العدالة النيابية، ستيف كوهين، إن "سلوك ترامب هذا يجبرنا على التفكير بالعزل، حتى لو كان الأمر صعبا سياسياً"، واصفاً سلوك الرئيس الأميركي بـ"المثير للازدراء".
في الوقت ذاته، تستند بيلوسي في تمهلها إلى نقطتين: الأولى تتمثل بعدم انضمام أي مشرع جمهوري إلى الدعوات المطالبة بالشروع في إجراءات عزل الرئيس، والثانية هي أن الشعور الشعبي العام ليس مسانداً الآن لتوجه الديمقراطيين. وكان استطلاع للرأي أجرته "واشنطن بوست" وشبكة "آي بي سي" الإخبارية الأسبوع الماضي، قد خلص إلى أن غالبية من الأميركيين يعارضون إطلاق إجراءات العزل ضد ترامب (56 في المائة).
في هذه الأثناء، أعلن نائب وزير العدل الأميركي، رود روزنشتاين، الإثنين، استقالته بعد نحو عامين على توليه منصبه، حيث أشرف على اختيار المدعي الخاص روبرت مولر لقيادة التحقيق في التدخل الروسي بالانتخابات الأميركية وحمايته من التدخلات السياسية.
وقال روزنشتاين في رسالة الى ترامب إنه سيغادر منصبه في 11 أيار/مايو، بعد أكثر من عامين حافلين بصفته المسؤول الثاني في وزارة العدل.
وصدم المدعي العام الجمهوري السابق، البالغ من العمر 54 عاماً، البلاد، في 17 أيار/مايو عام 2017، عندما سمّى محامياً خاصاً لتولي التحقيق الروسي، بعدما طرد ترامب مدير مكتب التحقيقات الفدرالي جيمس كومي.
ونأى وزير العدل يومها جيف سيشنز بنفسه عن الإشراف على التحقيق، تاركاً روزنشتاين يقود الدفة. وهذا ما جعل من الأخير بمثابة منطقة عازلة بين مولر والبيت الأبيض، وأصبح الأمر أكثر حساسية، عندما بدأ التحقيق بتفحص ما إذا كان ترامب قد حاول إعاقة سير العدالة عبر طرده كومي، ومن ثم محاولته طرد مولر.
وفي تقريره الأخير الذي نشر في 18 نيسان/إبريل، استنتج مولر أن لا أحد في حملة ترامب تآمر للتواطؤ مع روسيا، إلا أنه لم يتوصل إلى أي نتيجة في ما يتعلق بمسألة إعاقة العدالة، وترك هذه المهمة للكونغرس ليقرر فيها بعدما جمع الأدلة وفصّلها.
وكان روزنشتاين قد أعلن بوضوح العام الماضي أنه سيستقيل بعد نشر تقرير مولر. وعدد في رسالة الاستقالة الإنجازات خلال توليه مهمته، وقال إن وزارة العدل حققت "تقدماً سريعاً" في خفض معدل الجريمة وحماية المستهلكين وفرض قوانين الهجرة.