رام الله ـ وكالات
لم تتوقف سياسة الفصل العنصري التي ينتهجها الاحتلال عند بناء جدار الفصل، لكنها اتخذت شكلا مغايرا في بلدة العيزرية شرق القدس المحتلة، فطالت الأديان وحرية العبادات بفصل كنيستين عن بعضهما البعض.
إحدى كنيستي الروم الأرثوذكس أصبحت في العيزرية والأخرى في القدس، علما بان الكنيستين يبعدان عن بعضهما أمتارا فقط، لكن اليوم يفصلهما جدار فصل عنصري ارتفاعه 8 أمتار، مشكلا خنقا متواصلا لزائريها، رغم دينية وتاريخية المكان.
ورغم قساوة الإجراءات الإسرائيلية بحق المسيحيين والمسلمين في المدينة المقدسة، إلا أن التسامح الديني حاضر وبقوة في العيزرية، حيث تم تدشين كنيسة الروم الأرثوذوكس ويحتوي قسم منها على قبر "العازر"، وبجانبه مسجد تم تسميته مسجد "العزير"، ليتمثل مشهدا بأسمى صور التسامح الديني في البلدة.
وفي كل عام يؤدي المسيحيون من كافة الماطق عيد "سبت العازر"، ولكن أصبح هذا العام مهددا، لانه أصبح يقتصر عيدهم على المسيحيين الموجودين في البلدة بمشاركة المسلمين لهم، لأنه أصبح عدد كبير منهم يحتاجون إلى تصاريح للوصول إلى الكنيسة.
وقال رئيس بلدية العيزرية عصام فرعون: "نحن من البلدات التي لها أهمية دينية وثقافية وسياحية، وذات قيمة مسيحية عالية لوجود خمس كنائس فيها ولوجود قبر العازر أحد تلاميذ السيد المسيح".
وأضاف: "تم بناء الجدار عام 2006 في المنطقة التي تشكل ميزة لدى المسيحيين، وهي وجود دير ومقابلها كنيسة الروم الأرثوذوكس، ولكن الاحتلال لا يترك شيئا على حاله، فقد تم تقسيم الدير إلى نصفين أحدهما داخل الجدار في القدس، والاخر خارجه في العيزرية".
وتابع: "العيزرية كانت محط أنظار الاحتلال وما زالت، فهي ذات موقع جغرافي مميز ترتبط مباشرة بالقدس، لذلك أُقيمت على أراضيها أكبر مستوطنة (معالي أدوميم)، وهي من أبشع مشاريع الاستيطان بالمنطقة".
وقال الكاهن المسؤول عن الكنيسة: "كان الحجاج المسيحيون يأتون من جميع الدول لتأدية الحج، ولكن مع ازدياد إجراءات الاحتلال انخفضت نسبتهم كثيرا، وحتى نسبة السياح".
وأضاف: "منذ بناء جدار الفصل، نشعر وكأنه تم فصلنا عن أداء صلاتنا في القدس المحتلة، من حقنا أن نصلي ونزور الأماكن المقدسة، ولكن الاحتلال قطع الطريق علينا، فأصبحنا نحتاج لتصريح للدخول إلى القدس".
وقال صاحب محل (سنتواري): "أعمل بهذا المجال منذ أكثر من 15 عاما، ولكن منذ بناء الجدار والسياحة تتدهور وتنخفض أكثر، السياح يفضلون عدم المجيء خوفا من الاحتلال".
وأضاف، "كان المسيحيون يأتون ليس فقط لأداء الصلاة أو حتى الحج، إنما أيضا للسياحة ولرؤية الكنائس وقبر العازر، ولشراء الصلبان الخشبية والأمور التراثية، وتماثيل للسيدة مريم".
من جهتها، قالت أم روني عصفور: "الكنيستان تحفة فنية، الاحتلال حرمنا منهما، بضم واحدة إلى القدس، لترى الصليب الذي يعتلي القبة خلف الجدار".
وأكملت: "بين الكنيستين طريق تؤدي إلى القدس، وأخرى للعيزرية، الجدار حرمنا من الوصول إلى القدس خلال عشر دقائق مشيا".
يذكر أن العيزرية وخاصة منطقة العازر لم تسلم أيضا من الاحتلال فهي بؤرة للمواجهات، وتتعرض حرمات الأماكن الدينية فيها لانتهاك واعتداءات، المحتل الإسرائيلي.
وتضم العيزرية أيضا، خمس كنائس، هي "مريم ومارثا، الطليان، المسكوبية والحبش".