افتتح أعمال مؤتمر رؤية الملك عبدالله- خريطة طريق نحو دولة المواطنة
التأكيد على دور التربية الإعلامية في إنفاذ دولة القانون
الدولة القوية هي التي تسعى إلى تنفيذ وتطبيق القانون على الجميع
تغليب الهويات الفرعية خطر يواجه عملية الإصلاح السياسي والديمقراطية
نبض البلد - عمان
رعى رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز أمس الأربعاء انطلاق أعمال المؤتمر الدولي الموسوم بـ "رؤية الملك عبد الله- خريطة طريق نحو دولة المواطنة وتطور المجتمع"، في جامعة البترا بمشاركة عدد من رجال الفكر والسياسة والأكاديميين والشباب.
وقال الرزاز: إن الأوراق النقاشية الملكية يتعلق بعضها بالمؤسسات الدستورية التنفيذية والتشريعية، وبعضها بالعلاقة بين السلطات الثلاث وبعضها بدور المجتمع وتفعيل دور الشباب وبعضها يتعلق بالقانون ودولة القانون، " وبالتالي نلخص الرسالة الأساسية هو أننا نسعى إلى دولة قوية ومجتمع قوي، وكل منهم مدرك لحقوقه وواجباته فتكون علاقة نموذجية " .
وأشار الرزاز الى أن الدولة القوية هي التي تسعى إلى تنفيذ وتطبيق القانون على الجميع بالتساوي، ولا تعني الدولة المستبدة، وأن المجتمع القوي ليس المجتمع الذي يتطاول على القانون أو تطاول فئاته على بعضها، بل هو المجتمع المدرك تماما لحقوقه وواجباته، وإذا لم يعجبه قانون فيسعى لتطويره وتعديله من خلال مؤسساته التشريعية، فالقانون هو الفيصل.
وأكد أن الثوابت الوطنية هي جزء أساسي من الهوية الوطنية، وهي القاعدة الأساسية التي تبنى عليها المؤسسات، قائلا "بلا هوية وطنية جامعة يصعب على الدول أن تنشئ مؤسسات عامة تمثل المجتمع بكافة أطيافه".
وقال الرزاز "بين اسراء ومعراج سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والدفاع عن مقدساتنا القدس الشريف علاقة راسخة حملتها قيادتنا الهاشمية على مر التاريخ، التي أكدت مرارًا وتكرارا أن موضوع القدس خط أحمر، وهو جزء من ثوابتنا الأردنية مثلما هو حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم".
ودعا الرزاز الشباب من فئة طلاب الجامعات إلى قراءة الأوراق الملكية النقاشية خاصة الورقة الرابعة والخامسة والتي تتناول موضوع الشباب ودورهم في العملية الديمقراطية، قائلا "من حق الشباب المطالبة بالحصول على حيز وافر في التواصل والحوار والتعبير عن الرأي"، مضيفًا "نتابع ما ينشره الشباب على وسائل التواصل الاجتماعي وآرائهم التي يطرحونها في كافة الأصعدة على المستوى المحلي وعلى مستوى المحافظات وعلى مستوى الدولة الأردنية".
وأكد الرزاز "التربية الإعلامية" في موضوع التعبير عن الرأي على منصات التواصل الاجتماعي، قائلا: إنها في غاية الأهمية فلا نريد لوسائل التواصل الاجتماعية أن تصبح وسائل للتناحر الاجتماعي وكل ما نريده هو الارتقاء بها لتعبر عن التغاير في الآراء والاختلاف بشرط احترام الرأي الآخر ومحاولة الوصول إلى قواسم مشتركة ونتفق ونختلف تحت مظلة القيادة والدستور دون تطاول عليها ".
وأشار الرزاز إلى مفهوم الديمقراطية في الأوراق النقاشية قائلا "يتحدث سيد البلاد عن الديمقراطية، ويؤكد أن الديمقراطية ليست صندوق اقتراع، هناك عديد من الدول التي اختزلت العملية الديمقراطية بصندوق اقتراع، وهذه تسمى الديمقراطية الفاشلة التي يعبث فيها المال السياسي، وهي لا توصل إلى ديمقراطية ناجحة".
وتابع الرزاز نجد في العالم نماذج للديمقراطيات الناجحة فليس هناك نموذج واحد ولكل دولة ظروفها، وبالتالي من حقها أن تخرج بنموذجها الخاص الديمقراطية الذي يعكس تاريخها وانفتاحها على التجارب الأخرى، مضيفًا: بدأت هذه العملية الحمد لله في الأردن وسنمضي بها بالشراكة مع الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني ومجلس الامة والنقابات وكل الفعاليات.
واعتبر الرزاز أن الإصلاح السياسي، والعملية الديمقراطية ليست قرارا، بل تراكم للتشريعات وتطوير لها وهو تراكم في بناء المؤسسات التي تطبق القانون وترعى الحوار الوطني وهي أيضا ثقافة علينا العمل بها كمجتمع لأن لا ديمقراطية بلا ديمقراطيين، قائلا "إذا لم نمارس الديمقراطية في المنزل والمدرسة والمصنع فلا يمكننا الادعاء أن بإمكاننا ممارستها على المستويات الأعلى".
واعتبر الرزاز أن تغليب الهويات الفرعية على الهوية الجامعة هي أحد المخاطر والهواجس التي تواجه عملية الإصلاح السياسي والديمقراطية، معتبرًا أن الهويات الفرعية في المجتمعات الديمقراطية تعمل على تقوية المجتمع لأنها تحت الهوية الوطنية الجامعة، قائلا "نحتاج إلى وجود تعددية حقيقية دون استئثار أي حزب بالسلطة على مستوى الوطن لأننا نعلم آثار تجربة الحزب الواحد في كل العالم وفي المنطقة العربية وما آلت إليه هذه التجربة".
وأشار الرزاز إلى مفهوم دولة القانون باعتبارها الدولة التي يتم فيها تعزيز مشاركة المواطن بشكل عام وخصوصا الشباب على مستوى المحلي، من خلال تمكن المواطن من الشعور بأنه يشارك في عملية صنع القرار على المستوى المحلي والتجربة الحقيقة.
وشدد على اهمية تعميق قيم الحوار للوصول الى توافقات وقواسم مشتركة تجمعنا جميعا تحت مظلة الدستور، وتمكننا من ممارسة الاختلاف ضمن العملية الديمقراطية.
واكد ان هذه الحكومة بدأت وبتوجيهات من جلالة الملك بمشروع نهضة وطني يتضمن دولة القانون ودولة الانتاج ودولة التكافل، لافتا الى ان ابرز ما تركز عليه دولة القانون هو تعزيز مشاركة المواطنة الفاعلة وخصوصا الشباب.
كما اكد التزام الحكومة بتطوير تجربة اللامركزية التي شابها صعوبات في عامها الاول الامر الذي يستدعي إعادة النظر بموادها التشريعية والعلاقة بين المحافظة والمركز وايضا العلاقة بين المحافظة والبلدية. واختتم الرزاز حديثه بدعوة المشاركين إلى الخروج بتوصيات تساهم في اغناء العملية الحوارية.
وأكد النائب الأول لرئيس مجلس النواب الدكتور نصار القيسي القيم الإصلاحية الراسخة والمعاني السامية التي مثلتها أوراق جلالة الملك عبد الله الثاني النقاشية، والتي شكلت مسارًا مهمًا من مسارات الحوار الوطني حول المستقبل وحصة الأجيال من الإصلاح.
وقال نصار "ولما كانت أفكار الملك منذ توليه سلطاته الدستورية قبل نحو عشرين عامًا تشكل جرأة في الذهن الوطني نحو الاشتباك مع مفاهيم حديثة واصلاحية تتماشى مع قيم العصر وتطور الديمقراطية، فأصبح من واجبنا الارتقاء بعملنا نحو تجذير مفهوم الإصلاح الشامل.
واعتبر نصار أن الأوراق النقاشية لجلالة الملك شكلت خارطة الطريق لجملة الإصلاحات المنشودة، وقد تقدم جلالته بطرحه على أحاديث النخبة والساسة ليسطر مفاهيم عامة نستطيع من خلالها أن تقدم لفضاءات مختلفة.
وقال: "لعل الأوراق الملكية ما تزال مادة لنقاش عام يثري الساحة المحلية بسؤال المستقبل الذي نتطلع إليه ليكون للأجيال القادمة واقعها المنشود لأثر ديمقراطي عريق بأصالته وثابت في جذوره.
واشار رئيس جامعة البترا الدكتور مروان مولا إلى أن الأوراق النقاشية لجلالة الملك عبد الله الثاني، جديرة بأن تحظى باهتمام النخب السياسية والأكاديمية، واهتمام أهل الخبرة، لمزيد من التوضيح لأبعاد هذه الأوراق ومراميها. قائلا لا بدّ من أن تتجاوز مؤسسات الدولة الرسمية منها والمدنية مناقشة هذه الأوراق، وبلورة أبعادها، والتقدم إلى الخطوة الأهم، وترجمتها إلى حقائق ملموسة على أرض الواقع.
وقال وزير التنمية السياسية والشؤون البرلمانية الأسبق محمد داودية: إن أوراق الملك النقاشية السبع، تستحق عناية أوسع، باعتبارها وثائق قيمية فكرية مرجعية، للقوى المدنية والشبابية، هدفها تعزيز مفهوم المواطنة والدولة المدنية، مضيفًا "سننتظر خلاصة أعمالكم لنهتدي بتوصياتكم من أجل تحويل الأفكار الملكية الواردة في الأوراق النقاشية، إلى برنامج وطني للحوار والتدريب والتعاون والتسامح، وقبول المختلف ومواجهة التطرف والغلو والتشدد والإرهاب، بالتعاون مع الجهات المختصة، ونطمح إلى تحويل توصياتكم لبرامج تدريبية ومساقات تدريسية في مجالات المواطنة والتربية المدنية والإعلامية".
ويشمل المؤتمر الذي يستمر يومين مجموعة الجلسات النقاشية، منها "قراءة تحليلية في رؤية جلالة الملك عبد الله الثاني لدولة المواطنة"، و"الأوراق النقاشية أبعاد فلسفية وتربوية"، و"أسس بناء دولة المواطنة"، و"نحو مجتمع متقدم.. أدوار جديدة التحديات والفرص"، وندوة عن الواقع الراهن للأمة العربية يقدمها أحمد القلعي وندوة عن واقع الإعلام لياسر عبيدو.
ويشارك في أعمال المؤتمر مجموعة من الباحثين العرب والأجانب، منهم بروفيسور تشارلز بروت مدير عام معهد الدراسات الجيوسياسية في باريس، وبروفيسور يولي ياغير مدير عام مؤسسة برجهوف الألمانية، والبروفيسور صموائيل فيستروبي مدير مجلس الجوار الأوروبي في بلجيكا، والبروفيسور تومو ميلاسو مدير معهد البحث عن السلام في فلندا.
ويشارك من الدول العربية الدكتور محمد خربوش من جامعة القاهرة، ومدير المركز العربي لحقوق الإنسان في تونس أحمد القلعي، ومن جامعة كربلاء العراق الدكتور خالد العرداوي، والدكتور محمد عدوي من السعودية، والدكتور نور الدين حاروش من الجزائر، والدكتورة فاطمة الزهراء من المغرب.
وحضر أعمال المؤتمر وجلساته عدد من سفراء الدول العربية والملحقين الثقافيين العرب والأجانب، وعدد من السياسيين والوزراء السابقين إلى جانب شخصيات من المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية، وأعضاء من الهيئة الأكاديمية في الجامعات الأردنية.