أين رجالات الدولة الاردنية ...؟!!

نبض البلد -

خليل النظامي

في كل مرة تثبت الشواهد في الاردن أن أبناء الطبقة الكادحة والعاملة هم القوة الحقيقية التي يمكن الاعتماد عليها بالسير نحو الصعاب وفي المعارك، لأنهم خلقوا وعاشوا في رحم المعاناة والعمل والإنتاج بعكس اولئك الذين يعيشون في قصور عاجية يستمتعون بإنتاج الكادحين من العمال مقابل كسرة صغيرة ترمى لهم عن شرفة لقصر ارستقراطي.

مقدمة افتتح فيها مقالي الذي عنونته بسؤال استنكاري عن ماهية موقف النخب السياسية ورواد الصالونات والمزارع السياسية - بمختلف اشكالها وتياراتها وتبعياتها التي فرخت لنا ما اطلق عليهم وصف رجالات الدولة الاردنية - من توجهات ومواقف الملك عبدالله الثاني حفظه الله في مواجهة صفقة القرن وتصفية القضية الفلسطينية او ما يعرف بتهويد القدس.

وعلى هاجس هذه المقدمة استذكر السؤال الذي وجهه الملك خلال احد لقاءاته السابقة عن رجالات الدولة ودورهم في التصدي لأي عارض تمر به الاردن سواء على الصعيد الداخلي او ما يحاك عليها من الخارج من حروب اعلامية شأنها زعزعة الامن الاجتماعي وتفرقة الصف الواحد.

وعلى اثر سؤال الملك انذاك قمت بمعادلة تحليلية حينها عن مكونات الدولة الاردنية من احزاب ونقابات وائتلافات وصالونات سياسية دونتها في مقال صحفي، حيث بدت وكأن كثيرا منها تحوم حولها شبهة الانتماء للوبيات خارجية لها اهداف واطماع في الاردن يساقون كالنعاج بحسب رغبة وتوجه رأس المال الذي يضخ في حاضنتهم.

وتباعا ومنذ سفرة الملك الاخيرة لعدد من الدول الاوروبية وانتهت بمؤتمر القمة العربية، وقبلها تصريحاته خلال لقاء عقد له في محافظة الزرقاء حول الضغوطات التي يتعرض لها شخصيا والضغوطات التي يتعرض لها الاردن بسبب الموقف الحازم فيما يتعلق بالقضية الفلسطينيه وصفقة القرن، وانا اراقب ردود افعال من أطلق عليهم رجال الدولة والصالونات السياسية والاحزاب والمكونات السياسية في الاردن، التي لا تكاد تذكر حيث تبين ان هناك فتورا واضحا في ردود الافعال والمواقف للساسة الاردنيين ازاء تحركات الملك ومواقفةه الصامدة والرجولية في كل المحافل الدولية.

وفي لغة التحليل السياسي والبحث عن ظروف مشابهة في صفحات التاريخ نجد ان هذا امر لا يمكن حدوثه تحت بند المصادفة، وانما يقرأ على انه عمل ممنهج ومقصود، وهذا ان دل على شيء فإنما يدل على ان معظم المكونات الاردنية مخترقة من قبل لوبيات خارجية تمثل امتدادات لدى اجهزة استخباراتية وسفارات عاملة وانظمة سياسية يريدون تفتيت الاردن وتمزيقها بهدف اضعافها وبالتالي السيطرة على قرارها السياسي او بمعنى اصح تطويعها سياسيا.

وعلى العكس من ذلك، وبرغم انتشار الفقر وارتفاع معدلات البطالة وقسوة الظروف التي تتعرض لها القواعد الشعبية من الطبقة الكادحة والمزارعين والعمال نرى التكاتف وتوحيد الصفوف عناوين لمواقف مشرفة من السواد الاعظم في دعم موقف الملك وتعزيز توجهه ضد ما يتعلق بصفقة القرن والقضية الفلسطينية، حتى وصل هذا الامتداد الى شعوب بعض الدول العربية والاسلامية المجاورة وبعض الدول الاجنبية التي باتت تطالب حكامها بدعم الموقف الاردني وحمايته.

بينما النخب السياسية ورموز الساسة في الدولة الاردنية لا نراهم الا في مسارح هوليودية يتراشقون الاتهامات في صراعات عبر وسائل الاعلام وعبر منصاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، او في وقت تسريبة حكومية لتعديل وزاري او تغيير حكومي نراهم يخرجون علينا من خلال حملات اعلامية عبر وسائل الاعلام بالتنظير والتصحيح السياسي والاقتصادي بهدف لفت انتباه المطبخ الاول لهم لينالهم نصيب من التدوير الحاصل لمناصب الدولة.

لست هنا بموضع لعمل دراسة مقارنة في مواقف الطبقات الشعبية والسياسية والاجتماعية بتنوعها من تحركات الملك فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وصفقة القرن، وانما انا هنا لأوضح ما قرأته وحللته من تبعات هذه المكونات وردود افعالها في دعم وتعزيز موقف الرجل الاول في الدولة الاردنية الملك عبدالله الثاني.

الحرب باتت علنية والوقت ينفد من ايدينا، واي تراخ او فتور في دعم وتعزيز موقف الملك ستكون نتيجته غير سارة، لهذا يجب الان على كافة رجالات الدولة والاحزاب والنقابات وكافة المكونات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والصالونات السياسية والمحاربين القدامى بغض النظر عن امتداداتهم الفكرية والسياسية سواء من اليسار او من اليمين او من المعتدلين قيادة وتوحيد الصفوف في مؤازرة ودعم الموقف الرسمي الاردني قيادة وشعبا من صفقة القرن وتصفية القضية الفلسطينية.//