نبض البلدـ رام الله
فوجئ أهالي الفارسية بالأغوار الشمالية، الجمعة، بقيام مجموعة من المستوطنين بتسييج عشرات الدونمات من أراضيهم وزراعتها بأشجار الزيتون، ليكون هذا الاعتداء حلقة من سلسلة المصادرات والاعتداءات التي ينفذها المستوطنون وسلطات الاحتلال على حد سواء في مناطق الأغوار بهدف تهجير سكانها منها.
المواطن برهان بشارات، من خربة مكحول بالأغوار الشمالية يروي شكلا آخرا من أشكال الاعتداءات الاستيطانية، فالمزارعون وأصحاب المواشي يتعرضون لاعتداءات يومية من المستوطنين، بالإضافة إلى استيلائهم على مساحات شاسعة من الأراضي والمراعي بهدف تهجير السكان، فقبل فترة وجيزة أقدم أحد المستوطنين على تسييج 800 دونم وزراعتها لصالحه مما أدى لتضييق المراعي.
ويقول الناشط الحقوقي عارف دراغمة، إن ما يجري في الأغوار الشمالية عبارة عن ممارسات ينتهجها الاحتلال لتهجير المواطن من أرضه وطرده من مناطق سكناه.
وأضاف، أن المستوطنين عملوا خلال العامين الأخيرين على الاستيلاء على مساحات إضافية من المناطق الشرقية في الأغوار الشمالية، وقاموا ببناء ثلاث بؤر استيطانية جديدة تغلق حوالي 40 ألف دونم في الحدود الشرقية حتى تصل للحدود الاردنية.
ومع هذه البؤر الجديدة، يبلغ مجموع المستوطنات في الأغوار الشمالية وحدها 9 مستوطنات وثلاث بؤر، بالإضافة إلى ثمانية معسكرات تدريب للجيش، حيث تسيطر على 78 % من الأراضي في الأغوار الشمالية، ولم يبق للأهالي سوى قرى عين البيضا، وبردلة، وكردلة، بينما جميع المناطق الباقية مطوقة بالمستوطنات ولا يوجد للفلسطينيين سوى 8% منها، بينما في الأغوار ككل يوجد ما يقارب 19 مستوطنة وبؤرة استيطانية و15 معسكر جيش.
وأضاف، أن أشكال وذرائع السيطرة على الأراضي التي ينتهجها الاحتلال متعددة، ففي مناطق يسيطر على الأراضي بقرارات عسكرية ثم يحولها للمستوطنين كما حصل في الساكوت، ويضاف لذلك قيام ما تسمى "الطبيعة الإسرائيلية" بإغلاق مساحات واسعة من الأراضي المملوكة للسكان، فقبل 15 عاما أغلقت ما يقارب 30 ألف دونم بحجة تحويلها إلى محمية، ولكنها قامت بإعطائها للمستوطنين.
وتذهب سلطات الاحتلال إلى أبعد من ذلك بهدف تهجير السكان والسيطرة على أراضيهم، وذلك من خلال سياسة تجفيف الآبار ومنابع المياه جراء قيام شركة "ميكروت"، بحفر آبار بأعماق كبيرة جدا مما يؤدي لجفاف آبار المواطنين وتصحر أراضيهم.
ونوه دراغمة إلى أن المستوطنين وجنود الاحتلال يكملون بعضهم البعض في الاعتداء على أهالي الأغوار والتضييق عليهم، حيث يقوم المستوطنون بالاعتداء على المواطنين ورعاة الماشية، ثم يتدخل بعد ذلك الجنود ويقومون باعتقالهم وطردهم وتغريمهم.
وتقدر الاعتداءات على المواطنين في الأغوار الشمالية بـ 15 أسبوعيا، ولوحظ تزايد ملحوظ بعدد الاعتداءات منذ بداية العام 2019.
وأوضح، أن سياسة الاحتلال في الأغوار يقودها المستوطنون وتتحالف كل مؤسسات الاحتلال لدعم سياسة تهجير الأهالي والسيطرة على أراضيهم، فالاحتلال ينظر للأغوار كمنطقة ذات أهمية استراتيجية، فهي غنية بالمياه والأراضي الخصبة، كما أنها منطقة حدودية.
ويشير تقرير لمركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (بتسيلم) إلى أن "إسرائيل تسعى إلى إلغاء الوجود الفلسطيني في منطقة الأغوار ومنع أي تطوير فلسطيني في المنطقة، وتمنع الفلسطينيين من استخدام معظم مساحة الأغوار بذرائع مختلفة وتقيّد وصولهم إلى مصادر المياه الوافرة في المنطقة، وتمنع الفلسطينيين هناك من بناء منازل لأنفسهم وتوسيع وتطوير بلداتهم".
ويضيف: "إضافة إلى ذلك تبذل السلطات الإسرائيلية جهدا دؤوبا في خلق واقع معيشي لا يطاق لدفع سكان التجمعات الفلسطينية إلى مغادرة منازلهم وأراضيهم. والغاية من هذه السياسة تعميق السيطرة الإسرائيلية في منطقة الأغوار وضمها إلى إسرائيل بحُكم الأمر الواقع وضمن ذلك استغلال موارد المنطقة وتقليص الوجود الفلسطيني إلى الحد الأدنى".