نبض البلد - خلصت الحلقة النقاشية التي عقدت في مكتب الأمم المتحدة في جنيف الاسبوع الماضي إلى أن تنامي السياسات الإقصائية والخطابات التي تحرض على العداء تجاه الآخر لا يمكن معالجتها إلا من خلال تعزيز مفاهيم التعددية والتنوع والتعاطف بين الأفراد.
وجاء عقد هذه الحلقة النقاشية بعنوان "الاحتفاء بالتنوع: التسامح وما في طياته من امتداد نحو التعاطف"، على هامش الدورة العادية الأربعين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والتي نظمها مركز جنيف لحقوق الإنسان والحوار العالمي والبعثة الدائمة لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى الأمم المتحدة في جنيف بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري لعام 2019.
وفي رسالة وجهها سمو الأمير حسن بن طلال للمشاركين في الحلقة النقاشية، أكد سموه أن "علينا أن نرفع صوتنا جميعا، مسلمين ومسيحيين على حد سواء، لنعبر عن استنكارنا وإدانتنا للهجمات الإرهابية لمثل تلك التي شهدتها مدينة كرايست تشيرش في نيوزيلندا". وأضاف سموه، إن "الإرهاب ليس له جنسية أو ديانة، وعلينا زيادة الوعي وتعزيز القيم التي تشكل جوهر العقيدة الإسلامية؛ الرحمة، التعاطف، والاحترام، وكرامة الإنسان؛ وإذا فشلنا في ذلك، فإن الإرهاب سيفوز". وقال السفير والممثل الدائم لدولة الإمارات العربية المتحدة في جنيف عبيد سالم الزعابي في بيانه: إن الإرهابيين يعتزمون نشر الخوف والكراهية، لكننا هنا اليوم نوجه رسالة عن السلام والتسامح والأخوة الإنسانية.
وأشار المدير التنفيذي لمركز جنيف، السفير إدريس الجزائري، إلى أن العالم "يشهد تصاعداً لسياسات الاستبعاد وتزايدا لخطابات الانقسام"، مضيفا: في مثل هذا السياق، نرفض مفهوم التنوع باعتباره مصدرًا مزعوماً للضعف؛ لذا لا بد من تحديد المثل الملهمة لتعزيز الوحدة في إطار من التنوع وإنسانيتنا المشتركة". وقال مدير برنامج الحوار والتعاون بين الأديان التابع لمجلس الكنائس العالمي، القس الدكتور بينيل راجكومار: إن حسن الاستضافة والتعاطف لديهما القدرة على الانتقال إلى ما وراء نطاق راحتنا الخاصة للتعرف على حياة الآخر.
وتحدث رئيس اليونيتار ومدير قسم "الشعب والاحتضان الاجتماعي" ألكسندر ميخيا، عن أهمية الحوار في إطار خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030 التي تدعو إلى التركيز على الأفراد أنفسهم والتي تمنح الأولوية للسلام والتسامح؛ مشيرًا إلى أهمية دور المنظمات الدينية في هذا الإطار. وتناول اللقاء نتائج الزيارة التاريخية التي أجراها البابا فرانسيس والإمام الأكبر للأزهر الشيخ أحمد الطيب إلى دولة الإمارات العربية المتحدة في شباط 2019. وفي هذا الإطار أكد الدكتور فاروق حمادة، المستشار الديني بديوان ولي عهد أبو ظبي، أن مستقبل الإنسانية يكمن في تعزيز السلام والأمن، مشيرًا إلى المسؤولية التي تقع على عاتق الزعماء الدينيين والمدنيين والمؤسسات التعليمية، واستدل في هذا السياق بمثال دولة الإمارات العربية المتحدة التي تمثل نموذجًا معاصرًا للتعاون والتعايش والتسامح.
وفي هذا الصدد، ذكرت المراقبة الدائم لمنظمة فرسان مالطة المستقلة لدى الأمم المتحدة في جنيف، السفيرة ماري تيريز بيكت ألتان، أن الوثيقة المشتركة بشأن الأخوة الإنسانية هي وسيلة لمعالجة "التحديات التي تواجهها البشرية في إطار جهودها لاستعادة ثقافة التسامح ونشرها".
وفي نهاية الحلقة النقاشية، لفت الممثل الدائم السابق لليمن لدى الأمم المتحدة في جنيف، الدكتور إبراهيم العدوفي، إلى أن المشاركين في هذا اللقاء يوجهون رسالة تقدير لحكومة نيوزيلندا في أعقاب الهجمات الإرهابية الواقعة ضد مصلين مسلمين في مسجدين في كرايست تشيرش في 15 آذار، مؤكدين أن التعامل مع عواقب هذا الحدث الأليم كان مثالاً ساطعًا على التقارب بين أتباع الديانات، وأن التعاطف وليس التعصب للدين او العرق هو ما يكوِّن المجتمع ويحافظ عليه.