تنامي الحاضنة الشعبية للمقاومة في الضفة
نبض البلد ـ رام الله
بصورة متصاعدة، سجلت الضفة الغربية المحتلة خلال الأشهر الأخيرة نجاحا في تنفيذ عدة عمليات نوعية ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما عده مراقبون فشلا استخباريا من قبل أجهزة الأمن "الإسرائيلية" في توقع توقيت وآلية تنفيذ هذه العمليات.
واستفاقت مستعمرة آرييل قرب مدينة سلفيت وسط الضفة الأحد، على وقع عملية نفذها أحد الشبان سقط فيها عدد من جنود الاحتلال بين قتيل ومصاب.
ووصفت العملية "بالمزدوجة والمتدحرجة"، حيث تشير الروايات التي نقلها مراسلو الإذاعات العبرية، أنه المنفذ هاجم جنديا إسرائيليا وطعنه، وأخذ سلاحه، ثم استقل مركبة تقل مستوطنين واختطفها بعد إطلاق النار على من فيها، ثم انتقل إلى مستوطنة جيتي أفيخاي وأطلق النار على جنود آخرين، وواصل طريقه لمستوطنة بركان الصناعية واشتبك مع جنود الجيش، حتى استطاع أن يلوذ بالفرار.
وتزامنا مع عملية سلفيت انتشرت دعوات شعبية في قرى ومخيمات وبلدات وسط الضفة إلى تحطيم كاميرات المراقبة المنتشرة على جدران المحال التجارية والمنازل، لإعاقة الجيش من الوصول للطريق الذي سلكه منفذ العملية.
"ورغم غياب بيئة تنظيمية لأجنحة عسكرية تنشط في الضفة كما هو الحال في قطاع غزة، إلا أن الحاضنة الشعبية ساهمت بتشجيع كثير من الفدائيين إلى الإقدام على تنفيذ عمليات نوعية تستهدف الجيش والمستوطنين بنسبة نجاح عالية وبأقل الخسائر الممكنة"، وفق ما أشار إليه اللواء المتقاعد والخبير العسكري يوسف الشرقاوي.
وأضاف الشرقاوي، "تتمثل الحاضنة الشعبية في احتواء القرى والبلدات للفدائيين، وتوفير الدعم اللوجستي لهم سواء ما يتعلق بالمواد الغذائية والحماية الأمنية، من خلال تكسير كاميرات المراقبة على مفترقات الطرق، لإعاقة الجيش من عملية البحث عن الفدائي".
على الجانب الآخر، يشير المختص في الشؤون الإسرائيلية مؤمن مقداد، أن "التقدير الاستخباري الأولي للجيش، يشير إلى أن عملية سلفيت تمت بشكل فردي، أي إن المهاجم تولى مهمة مراقبة الجيش بمفرده، ثم اتخذ قراره بالهجوم على وطعن أحد الجنود والاستيلاء على سلاحه ومواصلة طريقة بإيقاع أكبر قدر ممكن من الخسائر في الجيش، وفق الظروف التي أتيحت له".
ويضيف مقداد "أن الاستنفار الإسرائيلي على المستوى السياسي والعسكري لقراءة ما جرى في العملية، يشير إلى فشل أجهزة الاستخبارات في توقع اشتعال جبهة الضفة في ظل الانشغال الحاصل في ملف جبهتي الشمال والجنوب، إضافة إلى الظرف السياسي الراهن المحكوم باقتراب موعد انتخابات الكنيست في 9 من نيسان/ إبريل القادم".
وتابع مقداد: "تخشى إسرائيل من أن تتكرر عمليات من هذا النوع، فمن جهة تعد جبهة الضفة ذات أهمية مزدوجة من الناحية السياسية والأمنية للاحتلال، فنظرا لكبر مساحة الضفة، فهي تتطلب استدعاء قوات ضخمة للبحث عن المطاردين، وهذا قد يكون على حساب أولويات أمنية أخرى، إضافة إلى المراهنة السياسية في حصد أصوات المستوطنين، الذين يشكلون نسبة لا يستهان بها في أي استحقاق انتخابي".
وتستحضر عملية سلفيت، شواهد لعمليات فدائية سابقة نفذها مقاومون، كان أبرزها عملية بركان الغضب التي نفذها الشهيد أشرف نعالوة الذي استطاع بعد قتله لجنديين إسرائيليين أن يتخفى عن الأنظار لأكثر من شهرين، إضافة إلى عمليات مشابهة قام بها كل من عاصم البرغوثي، وأحمد جرار، وباسل الأعرج.
من جانبه، يشير أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح عبد الستار قاسم، إلى أن "تنامي ظاهرة العمليات الفدائية الفردية في الضفة، هو الأخطر على إسرائيل مقارنة بالعمل المسلح الذي يتم من خلال التنظيمات، لأن إسرائيل ستضطر إلى الدخول في حرب العصابات بشكل مستمر، وهذا يسبب لها الإرهاق إذا ما استمرت عمليات المطاردة لأكثر من شهر".
وأضاف،"بات فلسطينيو الضفة في حالة وعي وإدراك لحقيقة ما يجري على الأرض، فهم لم يعودوا يثقون بالسلطة التي ترفض تبني خيار المقاومة، أو تهيئ لهم الظروف التي تسمح بوجود عمل عسكري منظم، لذلك اختار الفلسطينيون خيار العمليات الفردية لإيلام السلطة من جهة، وإحراجها أمام الطرف الإسرائيلي بأنها تتقاعس في ملف التنسيق الأمني، والضغط على إسرائيل لوقف هجماتها ضد الفلسطينيين".