نبض البلد - جملة من المؤشرات الاقتصادية ظهرت خلال الأشهر القليلة الماضية تؤكد بأن اقتصاد مملكة البحرين ورغم التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي، ومست بتداعياتها دول العالم أجمع، وأدت ضمن ما أدت إلى قدر من الركود وتباطؤ النمو، نجح إلى حد كبير في التعاطي مع الأبعاد المختلفة لهذه التحديات، واستطاع بفضل السياسات المتخذة الحد من تداعياتها، سيما بعد إقرار برنامج التوازن المالي، وموافقة السلطة التشريعية على البرنامج الحكومي بمفرداته ومبادراته المختلفة.
ومن بين أهم هذه المؤشرات ارتفاع الإيرادات المتوقعة في مشروع الميزانية الجديدة المقدم من الحكومة لمجلس النواب 22 % لتصل إلى 5.617 مليار دينار بحريني بمعدل 2.744 مليار دينار عام 2019 و2.873 مليار دينار عام 2020 بعد أن كانت 4.609 مليار دينار في الميزانية السابقة، وهو ما يعني إضافة إلى ارتفاع الإيرادات غير النفطية بنسبة 26.5 % من إجمالي الميزانية الجديدة، تقليص المصروفات الحكومية المتكررة إلى 3.932 مليار دينار بنسبة 8 %.
ويضاف إلى هذه المؤشرات توقعات صندوق النقد الدولي بتحقيق البحرين نسبة نمو تقارب 1.8 % خلال العام الجاري، مؤكدا أن برنامج البحرين الاقتصادي سيعزز من حركة النمو الشامل في البلاد، وزيادة التنوع الاقتصادي خلال الفترة المقبلة، والتي جاءت متزامنة مع توقعات محافظ مصرف البحرين المركزي الذي أكد أن نسبة نمو الاقتصاد البحريني عام 2019 ستبلغ 2.5 %، وهي مقاربة للنسبة المسجلة عام 2018، مشيرا إلى أن احتياطي النقد الأجنبي بالمملكة يغطي بكفاءة كل احتياجاتها وبخاصة من التحويلات والواردات.
وكان اقتصاد البحرين وعقب إقرار برنامج التوازن المالي الذي أطلق عدة مبادرات لتحقيق النمو والاستقرار والاستدامة، وينتظر أن يعود بـ 800 مليون دينار بحريني كأثر مالي سنوي، شهد مطلع هذا العام عدة تطورات مهمة جسدت الجهود المبذولة لإعادة تنشيط حركته وسرعة تدوير عجلته.
ومن تلك الجهود السعي الدؤوب لخفض الميزانيات التشغيلية لعدد من الأجهزة الحكومية ودون المساس بالخدمات المقدمة للمواطنين، والعمل على رفع كفاءة وفاعلية القطاع الحكومي،وتقديم برامج تدريبية متجددة تتوافق مع احتياجات سوق العمل، حيث بلغ عدد المتدربين عام 2018 نحو 30 ألفا مقارنة بـ 25 ألفا عام 2017.
وتم تدشين البرنامج الوطني للتوظيف الذي يعطي الأولوية للعامل البحريني باعتباره الخيار المفضل لدى أرباب العمل، خاصة بعد تنفيذ برنامج التقاعد الاختياري الذي تقدم إليه نحو 8 آلاف موظف، وتحفيز دخول المتخرجين وبخاصة من النساء إلى سوق العمل، حيث بلغ من حصل على عمل من خلال معارض التوظيف عام 2018 نحو 2652 بحرينيا، وبلغ إجمالي عدد المؤمن عليهم من الموظفين الجدد في نفس العام نحو 7895 بحرينيا بواقع 6403 في القطاع الخاص و1492 في القطاع العام بحسب تقرير لهيئة التأمينات الاجتماعية للربع الرابع من عام 2018.
ونجحت هذه الجهود وغيرها في ضمان تحقيق العديد من النتائج الجوهرية على صعيد التحسن الاقتصادي، حيث أبرزت تقارير نجاح مجلس التنمية الاقتصادية في استقطاب 92 شركة محلية وعالمية باستثمارات تبلغ 514 مليون دينار أو نحو 850 مليون دولار عام 2018، والتي يتوقع أن تخلق أكثر من 4700 وظيفة في السنوات الثلاث المقبلة.
ووفقا لمسوحات وإحصائيات صدرت عن هيئة المعلومات والحكومة الالكترونية،بلغ حجم الاستثمار الأجنبي المباشر الداخل للبحرين 10.3 مليون دينار أو ما يعادل 44.56 % من إجمالي الاستثمارات الأجنبية بنهاية عام 2017، وبلغ إجمالي قيمة الصادرات البحرينية وطنية المنشأ 2.286 مليار دينار عام 2018 بالمقارنة بـ 2.093 مليار دينار عام 2017.
كما زاد احتياطي الأجيال القادمة لعام 2017، بمعدل 11.4 %، حيث بلغت 642.351 مليون دولار مقارنة بالحساب الختامي للاحتياطي المتراكم عام 2016 الذي بلغ 576.642 مليون دولار، وانخفض العجز الكلي للسنة المالية 2018 نحو 35 % عن عام 2017.
وجسدت مثل هذه التطورات الإيجابية حقيقة النمو الحاصل في العديد من القطاعات الاقتصادية، والجهود المبذولة لضخ دماء جديدة في شرايين الاقتصاد الوطني، مع استمرار إيلاء الاهتمام بالقطاع النفطي باعتباره محركا للتنمية، خاصة مع وصول أول وحدة بحرينية عائمة للغاز المسال، وذلك ضمن 4 مشاريع نفطية حيوية يجري تنفيذها حاليا لتطوير هذا القطاع الحيوي، ومنها توسعة مصفاة بابكو، والعمل على الترويج للحقل النفطي الصخري وبدء الإنتاج منه بنهاية نيسان 2019، فضلا عن العمل على البدء في انتاج الغاز العميق من حقل خليج البحرين بنهاية 2019.
وحققت القطاعات الاقتصادية غير النفطية في المملكة منذ العام 2002 نسبة نمو سنوي تقدر بـ 7.5 % لتبلغ إسهامات هذه القطاعات في الاقتصاد الوطني أكثر من 80 % بحسب تصريحات لوزير المالية مطلع شباط 2019، وهو ما أكده التقرير الاقتصادي الفصلي لمجلس التنمية الاقتصادية الصادر في نفس الفترة.
وكان هذا التقرير الأخير أشار إلى أن القطاع غير النفطي سجل توسعا بنسبة 2.4 على أساس سنوي في الربع الثالث من عام 2018 مدفوعا بعدة عوامل، الأول: قطاع الأعمال الإنشائية 5.4 % و 6.2 % في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2018، والثاني: قطاع التصنيع 3 % على أساس سنوي في الربع الثالث و 3.8 % في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2018، والثالث: زيادة الإنفاق على البنية التحتية بالنظر إلى حجم المشروعات المنفذة في هذا القطاع، وتدعمها التمويلات المقدمة من صندوق التنمية الخليجي، حيث زاد الإجمالي التراكمي للمشاريع التي يجري العمل على تنفيذها 16.3 % على أساس سنوي.
ووصلت نسبة مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي غير النفطي عام 2018 إلى 6.5 % بعد أن كانت 4.6 % عام 2015، وارتفع مجموع الزوار الوافدين للمملكة من 9.7 مليون زائر عام 2015 بعدد يبلغ 9 ملايين ليلة إلى 12 مليون زائر عام 2018 بمجموع عدد ليال سياحية يصل إلى 13 مليون ليلة سياحية بحسب تصريحات للرئيس التنفيذي لهيئة السياحة والمعارض في الثلث الأخير من شباط 2019.
ودخل إلى المملكة عام 2018 أكثر من 16.1 مليون زائر بحسب إحصائيات لشؤون الجنسية والجوازات، ما عزز من قدرات ومساهمة قطاع الضيافة والفندقة عموما في الدخل القومي، وسجل جسر الملك فهد يوم 9 آذار الفائت أعلى عدد للمسافرين في كلا الاتجاهين بعبور 119291 مسافرا.
ومع نجاح الجهود التنموية المبذولة، اعتبرت وكالة (بلومبرغ) الدولية أن البحرين حققت أعلى مردود لاستثماراتها منذ التعاون المالي مع الدول الخليجية الشقيقة وباعتبارها أفضل أداء للدين العام بمعدل عائد يبلغ 5 % منذ عام 2018، كما جاءت في المركز الأول عربيا في قائمة أكثر الدول صحة في العالم، والـ 36 عالميا بحسب نفس الوكالة، واحتلت المركز الـ 16 عامليا على مؤشر اجيلتي اللوجيستي للأسواق الناشئة عام 2019 الذي يقيس القدرة التنافسية للخدمات اللوجستية وأساسيات مزاولة الأعمال من بين 50 سوقا ناشئة.
وكذلك صُنفت بيئة العمل في البحرين باعتبارها من أفضل أماكن الاستثمار في العالم بحسب تقرير نشره موقع( بي بي سي)، والثانية عالميا كأفضل أماكن العمل للمرأة المغتربة لعام 2018، وذلك بحسب تقرير لشركة (انتر ناشن) اللذين أبرزا موقع البحرين كأفضل مكان في العالم للمرأة العاملة وللمهن الوافدة عموما بعد كل من ألمانيا والتشيك متقدمة بذلك على أماكن جذب عالمية مهمة.