حسين الجغبير
لا تبدو الفرصة مواتية لأن تحقق القمة العربية المزمع عقدها في بداية الشهر المقبل في تونس لتحقيق خرق سياسي أو اقتصادي يدفع بعجلة العمل العربي المشترك إلى الأمام في ظل عدد من الملفات العالقة بين المجتمع العربي وعلى رأسها الملفين السوري واليمني رغم عدة محاولات لرأب الصدع العربي خصوصا في الموضوع السوري، والخاص بمشاركة دمشق في أعمال القمة.
ومع تطورات المشهدين العربي والدولي، وتحديدا إزاء الملف الفلسطيني الذي تلوح في أفقه صفقة أميركية تحمل عنوان "صفقة القرن" غير واضحة المعالم حتى هذه اللحظة رغم التسريبات التي تخرج بين الفينة والأخرى والتي تشير إلى سوداويتها، ما تزال طموحات الشارع العربي حاضرة بنسبة متفاوتة لأن تشهد تونس مصالحة عربية تعود بالنفع على الناطقين بلغة "الضاد"، بيد أن القمم السابقة خرجت بنفس النتيجة المخيبة للآمال، بل أن عدد منها شهد خلافات وغيابات أضعفت من مستوى التمثيل بهذا الحدث العربي الهام.
تونس تتميز بعلاقات طيبة مع جميع ملوك ورؤساء الدول العربية، وهذا من شأنه أن يضمن بحد أدنى حضور كبير لرؤساء هذه الدول، ما يعني أن مستوى التمثيل سيكون متماشيا مع مستوى الحدث، ولربما تكون قمة تاريخية إذا ما أرادوا إلى ذلك سبيلا.
لقد سبق كما ذكر انعقاد القمة جولات قام بها مبعوث الرئيس التونسي بين الدول العربية لبحث وجهات النظر بشأن ملفات متعددة، ولم يقف الأمر عن عملية البحث، بل تم نقلها إلى الفرقاء سعيا لإيجاد مستوى مرض من التوافق بينهم قبيل انعقاد القمة. بيد أن الاختلاف العربي كان حاضرا في قمم أخرى لم تنجح في كسر جموده أو تحقيق تقدم يذكر فيه، ما انعكس سلبا على انطباع الشارع العربي، الذي بات ينظر لهذه القمم أنها عبارة عن اجتماع بروتوكولي يهدف إلى حفظ ماء الوجه ليس أكثر.
وفي التفاصيل، وجنبا إلى جنب القضية الفلسطينية والتدخل الإيراني في عدد من الدول العربية كالعراق وسورية واليمن، مع القصة التركية، يبقى الملف السوري ومشاركة بشار الأسد هي نقطة الفصل بين قدرة القمة على اعادة اللحمة العربية إلى أوجها، والاتفاق على تحديد الأولويات، خصوصا وأن هناك تحرك دولي واضح للعيان باتجاه تعزيز فكرة أن طهران هي العدو الأول لدول منطقة الشرق الأوسط وليست اسرائيل.
أردنيا، فإن الموقف في عمان واضحا وداعما لأي تجمع عربي من شأنه تفعيل العمل المشترك، وأن يكون هناك موقفا جامعا وموحدا بشأن مختلف القضايا، إيمانا من المملكة وقائدها جلالة الملك أن الخلافات العربية العربية هي من تؤخر عجلة التقدم، وأن عملية السلام وفق حل الدولتين، والمبادرة العربية للسلام هي أساس استقرار المنطقة، مع التأكيد على ضرورة استقرار الأوضاع في سورية.
نرجو أن نشاهد قمة عربية في تونس تلبي طموحات الشارع العربي من أقصاه إلى أقصاه، وأن لا تكون قمة روتينية تزيد من الفجوة بين الدول والشعوب، وتساهم في فقدان الأمل من جديد.