نبض البلد ـ الخليل
محضر محكمة صلح الخليل، ياسر، موظف بسيط يتفانى في أداء عمله وعلى أكمل وجه، هو نجل الصحفي فوزي الشويكي وشقيق الصحفي وسام، ودع زوجته وأطفاله أثناء ذهابهم لمدارسهم كما سائر الأيام، عادوا جميعا لكنه لم يعد، طالته يد الغدر والاجرام الاسرائيلية، إذ أعدمه جنود الاحتلال في وضح النهار وتركوه ينزف دون علاج حتى ارتقى شهيدا.
بحرقة ومرارة تقول أم إسلام زوجة الشهيد، "خرج ياسر من المنزل ونظراته تراقب سير اطفالنا صوب مدارسهم، ودقات قلبه تنبض مع خطواتهم رويدا رويدا يا صغاري، لا زال المستقبل امامكم، يا قرة عيني، اخاف عليكم ان تشوبكم أي شائبة حتى من الهواء احنو عليكم.. عادوا جميعا ولم يعد ياسر".
وتابعت أم الاطفال الستة وهي تبكي زوجها، "اعدمه الاحتلال بدم بارد، عقب خروجه من مؤسسته التي يعمل بها، كان يحمل بيده قلما وحقيبة، ركن مركبته على قارعة الطريق وسار بين القبور لتأدية واجبه الوطني، متجها صوب من كلف بتبليغهم لحضور قضاياهم في محكمة الخليل، لكن جنود الاحتلال باغتوه واطلقوا الرصاص صوبه، لم يأبه الجنود للقوانين والقرارات الدولية الحامية لحقوق الانسان، قتلوا الانسانية ونثروا اوراق العدالة من حقيبته على الارض، سقط ولم يسمحوا بعلاجه وتركوه ينزف على الارض حتى ارتقى شهيدا".
والد الشهيد ياسر، كبير صحفيي الخليل الحاج فوزي الشويكي (74عاما)، بصلابه ورباطة جأش وايمان مطلق بقضاء الله وقدره، قال، "أظهر اعدام فلذة كبدي ياسر، الساعي لرفع الظلم وانصاف العدالة قرب ما تسمى مستوطنة "كريات اربع"، الجاثمة على أراضي المواطنين شرق الخليل، مدى استباحة الاحتلال للدم الفلسطيني، بإطلاقهم الرصاص على كل ما هو فلسطيني وتنفيذهم عمليات الاعدام على الحواجز العسكرية بحجة محاولات الطعن".
وتابع أن هذا نهج ومسلسل ممنهج من قبل الاحتلال ومستوطنيه في استهداف الفلسطينيين، ابنائنا وعائلاتنا ليسوا بأمان، مزاجية الجنود والمستوطنين تدمر حياتنا وتقتلنا في كل وقت، ياسر شهيد فلسطين ونحن جميعا فداء للقدس ومقدساتنا.
أما شقيقه الصحفي وسام قال، "ياسر عاش بسيطا وارتقى شهيدا، قتلوه وسحلوه وهو ينزف الى داخل عمارة استولوا عليها في حي الرأس قرب واد الحصين بالمدينة".
واسهب وسام، عقب اعدامه استدعيت انا من قبل سلطات الاحتلال لأقابلهم في ما يسمى مركز تحقيق "عصيون"، حاولوا امتصاص غضبي لإخفاء جريمتهم، لكنني اطالب بتشكيل لجنة تحقيق دولية، فالعمارة التي استشهد بمحاذاتها شقيقي مراقبة بكاميرات تسجيل خاصة بالاحتلال ومستوطنيه.
من جانبها، اوضحت مديرة مؤسسة رعاية اسر الشهداء والجرحى في الخليل امل جرادات، ان 59 شهيدا ارتقوا بإعدامات ميدانية بزعم محاولة طعن او دهس في محافظة الخليل منذ عام 2015، وكان اخرها الشهيد ياسر الشويكي، الذي لم يكن يحمل أيّة أسلحة بيضاء أو أيّ شيء بل كان يحمل حقيبته لأداء مهمته بكل مهنية لإنصاف العدالة.
بدوره، قال رئيس محكمة بداية الخليل محمد عياد العجلوني، إن الشاب الخلوق الموظف الشويكي هو شهيد العدالة وليس الأول الذي اعدمته قوات الاحتلال في المنطقة، ولن يكون الأخير، فاطلاق النار بدم بارد يعد دليلاً دامغًا على وحشية الاحتلال وتطرفه، وتأكيدًا على الاستهتار بالدم الفلسطيني، واستسهال الضغط على الزناد.
واضاف، أن رواية عائلات الشهداء وشهود العيان الذين شاهدوا العديد من الاعدامات التي ارتكبها الجنود والمستوطنين في الخليل وبلدتها القديمة خاصة، تدحض الادّعاءات الإسرائيلية، وتثبت أن حكومة الاحتلال تخلق الأكاذيب بإلصاق تهمة محاولة الدهس وحمل السكين بنية الطعن للفلسطينيين، لتبرير إعداماتهم.