أ.د.محمد طالب عبيدات
في زمن الألفية الثالثة تطوّرت التجارة والبزنس من مادية بحتة صوب المعنوية، وتنوّعت التجارة بالمفهوم المطلق لدرجة أنها أصبحت عزف على أوتار حسب الحاجة والطلب، وغدت التجارة كالمتاجرة:
1. من أنواع المتاجرة في هذا الزمان المتاجرة بالدين والمتاجرة بالوطنية والمتاجرة بالإقليمية الضيقة والمتاجرة بالأوطان والمتاجرة بالمنابت والأصول والمتاجرة بالعلوم والمتاجرة بالمدنية وغيرها.
2. بعض متاجري الدين يعزفون على أوتار الحلال والحرام وفق الطلب أحياناً، ويعزفون على وتر الفتاوى أحياناً أخرى، ويعزفون على أوتار الوسطية وربما التطرف، وهكذا.
3. متاجرو الوطنية يعزفون على أوتار الإنتماءات وتوزيع صكوك الغفران فيها، ويعزفون على ميزان الوطنية وكشوف حساب الواجبات والحقوق والمواطنة.
4. متاجرو المنابت والأصول يعزفون على أوتار الإقليمية الضيقة لنعت الناس وفق مسميات تبثّ سموم الفتنة، ويعزفون على أوتار تقسيم الناس لقيس ويمن.
5. بعض متاجري العلوم يتبجّحون بالتخصصيّة ومعرفتهم أكثر من غيرهم، ويعزفون على غزارة الإنتاج العلمي ونوعيته، ويعزفون على إسم الجامعة التي تخرجوا منها، وهكذا.
6. متاجرو النزاهة يعزفون على أوتار قضايا الفساد وتنوعها وحجمها، ويعزفون على أوتار الإتهام الجزاف والإشاعة المغرضة، ويعزفون على أوتار الفساد المالي والإداري والفني وحجمه، وهكذا
7. متاجرو العمل يقسمون الناس لحراثين ومدنيين، ويعزفون على أوتار الإنتاجية والعطاء، وهكذا.
بصراحة: الحياة أصبحت عزف أوتار نختار فيها الوتر الذي سنعزف عليه ونتاجر من خلالة بالمادة التي نرغب بتسويقها، والمتاجرة في الحياة تتنوّع وفق سُمك ونوعية الوتر الذي سنعزف علية، فلنتقي الله في أنفسنا وفي غيرنا وفي أوطاننا ولنُحسن العزف على وتر الحقيقة لا الخيال.