نبض البلد - عمر كلاب
يحتل الجدل السياسي مساحة واسعة في العقل الوطني, ويبدو ان التراشق السياسي قد سيطر على اسبوع اردني, يمكن وصفه بالاقتصادي المميز, او يمكن اطلاق لقب انتفاضة اقتصادية عليه, حتى يتماشى مع الجدل الدائر حاليا, فقد بدات الحكومة اسبوعها بمدينة عمرة,التي طواها النسيان منذ قرابة العقد, رغم الحاجة الوطنية اليها, ليس اقتصاديا فقط, بل حاجة انسانية, ترفع من احساس الاردنيين, ان ثمة افق قادم وثمة فضاءات حضرية جديدة قادمة, بعيدا عن حسابات تجارالعقارات وموازين الربح الخاص, فالمدينة تقع على تقاطع ثلاثي, يمنحها مكانة تؤهلها للنجاح, وفق المفهوم الحضري, فهي على مثلث سورية والعراق والسعودية, وهذه لوحدها بداية طيبة.
المدينة التي جرى تظهيرها بعد سنوات من الغفلة, لم تؤخذ حقها في النقاش الوطني العام, رغم جرأة الاطلاق واثره على البنية الاقتصادية الوطنية, القائمة على تحريك المستثمرين وجذبهم لبناء, يملكون تحديد فضاءاته, دون حدود مرسومة سلفا, فالاستاد الرياضي والمدينة الترفيهية كلها عناصر تحفيز, لرسم مدينة جديدة بكل معاني الجدة, مدينة مستقبل قائمة على الابتكار والابداع والطاقة الخضراء, مما يعني ان معظم كلف الاستثمار وحتى كلف الحياة في اضيق الحدود, فالحكومة تعاملت بواقعية حميدة مع المشروع, وتركت الفضاء للمستثمرين والمطورين كي يرسموا مسار خيالهم.
الاسبوع لم يتوقف عند حدود المدينة, بل كشف عن اجراءات موازية, لا تقل قيمة عن اعلان شهادة ميلاد المدينة, فأرقام الناتج المحلي ارتفعت, مما يرفع بالتالي التصنيف الائتماني وهذا يخفف من كلفة الاقتراض, وبالتالي يخفف من اعباء المديونية وكلفة القروض, التي ان جرى شراء القروض المرتفعة الفائدة, بقروض اقل فائدة, سيخفف من اعباء خدمة الدين التي وصلت الى ارقام مقلقة, ناهيك انه يكشف عن نجاح كبير في رفع نسب التصدير ونشاط الاقتصاد الكلي, متوازيا ذلك مع رقم مثير صادر عن مراقب الشركات, يؤكد ارتفاع غير مسبوق في تسجيل الشركات بواقع 47% عن عام الاساس, 2019, العام الذي افترضناه نشيطا ان لم يكن الانشط.
الارقام مبشرة نعم, ولكن الامر لم يتوقف عند حدود الرقم الذي يحتاج ربما الى وقت كي يلمس الجميع ثماره, رغم ان ارقام المشتركين الجدد في الضمان الاجتماعي, تعزز هذه الارقام, فقد انضم 90 الف اردني الى قوائم الضمان الاجتماعي, اي الى سوق العمل, وهو رقم ليس بالسهل في عام واحد, بل ان هذا هو الرقم المطلوب للتخلص من آفة البطالة, خلال عمر الرؤية الاقتصادية العابرة للحكومات, بمعنى ان الارقام مدعومة فعلا بحقائق على الارض, واذا بقي رئيس الحكومة وفريقه الاقتصادي على هذه الوتيرة, فنحن امام افق جديد خلال العام القادم, الذي يتوجس كثيرون منه.
تتويج اسبوع الانتفاضة بظني, كان في اعلان وزير الدولة للشؤون الاقتصادية, عن الغاء الام مرضى السرطان, ووقوفهم امام مكاتب او في طوابير, بعد ان بات تطبيق سند هو مكان الاعفاء لمرضى السرطان, بل لكل الاردنيين شافاهم الله وعافاهم من المرض الخبيث, فلم تعد الحاجة لواسطة او لمعرفة من العيار الثقيل, للحصول على اعفاء او سرير, بل بات هذا الحق مكفول للانسان بانسانيته, ولعل هذا هو ما نسعى اليه في حفظ قيمة وكرامة الاردني, الذي ينتظر من الحكومة ورئيسها وفريقها الاقتصادي, مزيدا من العمل, لمواجهة ظروف معيشية ليست سهلة, ومواجهة طروحات احباط, ترفض ان ترى بارقة الامل.