الدوحة مُضاءة بالحضور العربي الجماهيري.. كأس العرب يشتعل قبل صافرة البداية

الجاليات العربية تتجمع فيFan Walkوالنشامى يتصدرون مبيعات التذاكر كأس العرب بتعديلات تحكيمية تجريبية

الأنباط – ميناس بني ياسين و عمر الخطيب

قبل ساعات من انطلاق بطولةكأس العربFIFAقطرتبدو الدوحة كما لو أنها تستعيد نبض ديسمبر 2022؛ ملاعب مضاءة، حركة جماهيرية متصاعدة، استعدادات مكثّفة، ورغبة واضحة في كتابة فصل جديد من الحكاية الكروية العربية.
وفي مؤتمر صحفي واسع حضرته وسائل إعلام عربية وعالمية قدّمجاسم الجاسمرئيس اللجنة المنظمة سرداً شفافاً لمستوى الجاهزية، مؤكداً أن قطر تعود إلى الواجهة الرياضية من بوابة بطولة عربية تحمل بصمتها التنظيمية الخاصة.

وكشف الجاسم أن مبيعات التذاكر تخطّت700ألف تذكرةحتى قبل انطلاق البطولة بيوم واحد، في رقم يعكس حالة "العودة الكبيرة" للملاعب العربية كفضاء جماعي يجمع الشعوب على اختلاف ميولها وهوياتها الرياضية، لكن الرقم الأكثر لفتاً للنظر كان إعلان الجاسم أنالأردن هو أكثر دولة شراءً للتذاكرإلى جانب السعودية وقطر.
وهذا ليس مجرد إحصاء بلتحوّل اجتماعي رياضييستحق الوقوف عنده بأن الأردن يعيش ذروة جماهيرية غير مسبوقة في تاريخه الكروي، والجمهور يرافق "النشامى" بعد التأهل التاريخي لكأس العالم، في حالة تُشبه "التجديد العاطفي” بين الشعب ومنتخبه، وأن الجالية الأردنية في قطر إلى جانب آلاف المشجعين الذين سافروا خصيصاً، يرون البطولة فرصة لاختبار المنتخب في محيط عربي تنافسي جديد.

هذا الحضور الكثيف يضع الأردن في دائرة الضوء، ويجعل مبارياته من أكثر المواجهات المنتظرة جماهيرياً في النسخة الحالية.

وتشير مصادر داخل اللجنة المنظمة إلى أن قطر أعادت تشغيل شبكة إرث كأس العالم بكفاءة عالية، من الملاعب إلى المترو إلى مناطق الفان زون.
المعلومة الأبرز كانت إعلان الجاسم أنمترو الدوحة سيكون مجانيّاً لحاملي التذاكر، في خطوة تؤكد أن التجربة الجماهيرية ليست مجرد حضور للمباراة، بل منظومة يومية متكاملة تضمن الوصول والانسيابية والراحة.

كما تؤكد مصادرنا أن نسب الإشغال الفندقي ترتفع تدريجياً، وأن موجة وصول الجماهير العربية بدأت منذ مساء الجمعة، مع توقعات بأن تشهد الدوحة واحداً من "أكثر الأسابيع الرياضية العربية ازدحاماً بعد كأس العالم”.

ولم تكن التصريحات الفنية أقل حرارة من الجو الجماهيري المحيط بالبطولة وفي تتبع شامل لما قاله مدربو ولاعبو المنتخبات المشاركة، تتشكل لوحة واسعة لمزاج الفرق قبل انطلاق الصافرة.

صرّح المدرب الوطني الأردنيعبدالله أبو زمعبأن المنتخب الأردني يعيش "مرحلة نضج حقيقية”، مؤكداً أنه الأفضل حالياً بين منتخبات عرب آسيا، ضمن عوامل تتعلق بالانسجام، وتطور الأداء، والجرأة التكتيكية الجديدة التي أصبحت جزءاً من شخصية الفريق.
وبدأ المنتخب الوطني لكرة القدم، تدريباته الفنية والبدنية في الدوحة، تأهبا للمشاركة في بطولة كأس العربوأجرى المنتخب السبت أولى تدريباته على ملعب العقلة في الدوحة، بقيادة المدرب جمال سلامي بمشاركة جميع اللاعبين.
وتضم قائمة المنتخب للبطولة 23 لاعبا: يزيد أبو ليلى، نور بني عطية، مالك شلبية، عبدالله نصيب، سعد الروسان، سليم عبيد، حسام أبو ذهب، علي حجبي، هادي الحوراني، عصام السميري، أدهم القريشي، رجائي عايد، عامر جاموس، نزار الرشدان، إبراهيم سعادة، محمد أبو حشيش، مهند أبو طه، عودة الفاخوري، أحمد عرسان، محمود مرضي، محمد أبو زريق، علي علوان، ويزن النعيمات.
يشار إلى أن المنتخب الوطني يخوض مشاركته العاشرة في بطولة كأس العرب، ومنذ ظهوره الأول في النسخة الأولى عام 1963 في لبنان، وغدا صاحب الرقم الأكبر في عدد المشاركات بين المنتخبات العربية.
وحسم منتخب النشامى تأهله إلى نهائيات كأس العالم 2026 لأول مرة في تاريخه، ليصبح بذلك أول منتخب عربي يضمن مقعده في المونديال.

لاعب المنتخب السوريمحمد الحلاقحمّل الجماهير السورية رسالة واضحة قال فيها "نحن بحاجة لكم، حضوركم ضد تونس سيكون أكبر حافز لنا ونحن جاهزون ونتمنى أن نراكم بكثافة" وصوت الحلاق لم يكن فردياً؛ بل يعكس حالة الحنين الجماهيري السوري لكرة متماسكة وعودة قوية للمنتخب في البطولات الإقليمية.

المدربسامي الطرابلسيقالها بوضوح "عشت في قطر أفضل فترات مسيرتي" هذه الجملة تحمل عمقاً شخصياً يجعل عودة الطرابلسي إلى الملاعب القطرية أكثر من مجرد مشاركة؛ إنهاعودة إلى مكان ترك فيه أثراً،أما اللاعبساميفرجاني فوجه رسالة مباشرة للجماهير:" وجودكم مهم ونعدكم بمنافسة جميلة وجاهزية عالية.”

أما مدرب المنتخب القطريجولين لوبيتيغيظهر بتوازن واضح بين الواقعية والطموح قائلاً:"لدينا العديد من اللاعبين الجدد، هدفنا ليس المشاركة فقط، بل الفوز والتطوير والاستعداد للمراحل المقبلة" وهذا التصريح يعكس مشروعاً جديداً لمنتخب قطر، يعتمد على مجموعة شابة مع بقاء نواة أساسية من أصحاب الخبرة.

وكان الصوت الأكثر تأثيراً هو صوتعميد محاجنة، حيث قال:"الرسائل التي وصلتنا من شعبنا الذي عانى من الحرب في غزة تحفزنا، تشجيعهم أكبر داعم، وإن شاء الله نكرمهم بكأس العرب" وتصريحه يحمل بعداً إنسانياً يجعل المنتخب الفلسطيني واحداً من الفرق التي ستجد دعماً عربياً واسعاً.

وفي السياق تحدث المدرب عثمان الحسنات عن تعديل القانون التحكيمي الذي سينفذ في البطولة تجريبيا فقط وهو أن يعاقب اللاعب الذي قد يصطنع الإصابة ويعرقل سير المباراة وتوقيتها بوقفه دقيقتين وهو ما يعني بعض التعقيد للمباراة بحسب قوله.

وأكد أن القانون تجريبي سيجري تنفيذه على كل لاعب يشعر الحكم بعدم جدية إصابته وإنما يصطنعها ويوقفه خارج الملعب لدقيقتين باستثناء الحارس، مشيراً أن القانون غير مناسب لأن الحكم بشر قد يصيب ويخط~ ما يعني عدم معرفته في كل مرة جدية الإصابة وبالتالي من الممكن ان يمون هناك نوعاً من الظلم على الفريق الذي قد يكون خاسر أو ضاغط او بعشرة لاعبين ما يعني التأثير على اللعب تكتيكياً.

وجاء القانون وتعديله بمحاولة من الاتحاد الدولي البحث عن طريقة تجعل اللعب الفعلي بمدة طويلة، وأعرب أنه تعديل من الأفضل أن يظل تجريبي لانه غير مناسب للبطولة.

واستعدت شوارع الدوحة لأجواء احتفالية غير مسبوقة مع تنظيم فعاليةFIFA Arab Cup Qatar 2025 Fan Walk، التي تحوّلت إلى كرنفال جماهيري عربي يسبق انطلاق البطولة، والمئات من المشجعين العرب اجتمعوا فيميناء الدوحة القديم، حاملين أعلام بلدانهم ومرددين الأهازيج والأغاني الوطنية، في مشهد يبرز الحماس الجماهيري الكبير الذي يسبق صافرة البداية.

ولم تقتصر الفعالية على قطر فقط بل شهدت مشاركة واسعة منالجاليات العربيةالمقيمة في البلاد، حيث كانتالجالية الأردنية في المقدمة،المشاركون الأردنيون نظموا فعاليات خاصة فيسوق واقف، رافعين أعلام الوطن مرددين الأغاني الوطنية، في رسالة دعم واضحة للمنتخب "النشامى”، الذي يحظى بمتابعة واسعة بعد تأهله التاريخي لكأس العالم.

كما شاركتالجالية المغربية، التونسية، السودانية، العمانية، والسعودية، إلى جانب مشجعين من دول أخرى، لتتحول الفعالية إلى لوحة عربية موحدة تعكس التنوع والاندماج الجماهيري في قلب الدوحة.

تفاعل الجمهور لم يقتصر على حضورهم الشخصي بل امتد إلى منصات التواصل الاجتماعي، حيث غمرت التعليقات وهاشتاغات#كأس_العرب2025تويتر وإنستغرام، مؤكدة على حالة الترقب والإعجاب بالتنظيم القطري والترحيب الواسع بالمشجعين، الفيديوهات المنشورة أظهرت مشاهد من الجماهير وهم يسافرون خصيصاً من الخارج لحضور البطولة، ما يوضح حجم الاهتمام العربي وارتباط الجماهير بالحدث قبل بدايته على أرض الملعب.

الـFan Walkلم يكن مجرد مسيرة مشجعين بل فرصة للتواصل الثقافي والاجتماعي بين مختلف الجاليات، فعاليات مصاحبة مثل العروض الموسيقية، الألعاب الشعبية، والمسابقات الصغيرة عززت من التفاعل، ما جعل الحدث تجربة شاملة تتعدى كرة القدم لتصبحمساحة للاحتفال بالهوية والوحدة العربية.

وأكدت التغطية الإعلامية على أن هذه اللحظات تعكس فكرة البطولة كمنصةلتجمع العرب في مكان واحد، قبل أن تبدأ المنافسة على أرض الملعب، ما يعزز من أهمية هذه الفعاليات كجزء لا يتجزأ من تجربة كأس العرب 2025.

مع إعلان جدول المباريات والمجموعات، اشتعلت المنصات العربية تحليلاً وتوقعاً،نقاشات حول مجموعات المنتخبات ومنهم من اسماها مجموعة الموت، توقعات بتفوق أردني ومصري في المجموعة الثالثة،جدل حول قوة النسخة الحالية مقارنة بنسخة 2021،وتفاعل واسع مع تصريحات المدربين واللاعبين.

هذه الحالة الرقمية تعطي مؤشراً على أن البطولة ليست حدثاً رياضياً فحسب، بل مساحة تواصل اجتماعي وثقافي تمتد خارج الملاعب.

ومن المقرر أن يُقامحفل الافتتاحاليوم الإثنين عند الساعة:305على ستاد البيت، أحد أبرز الملاعب التي شهدت افتتاح كأس العالم، وتؤكد مصادر داخل اللجنة أن الحفل سيكون قصيراً لكن "مكثفاً بصرياً"، مع إبراز الهوية العربية وخلفيات البطولة.

على أن يعقب الحفل مباراة الانطلاقة الرسمية للبطولة والتي تجمع المنتخب القطري صاحب الأرض مع نظيره الفلسطيني ضمن منافسات المجموعة الأولى التي تضم إلى جانبهما المنتخبين التونسي والسوري اللذين يلتقيان في اليوم ذاته عند الساعة الرابعة.

ويستهل منتخب النشامى مشاركته في البطولة بمواجهة الإمارات عند الثامنة مساء الأربعاء المقبل، على ستاد البيت، ثم يلتقي الكويت عند الثانية ظهر السبت المقبل على ستاد أحمد بن علي، حيث يختتم منافسات الدور الأول بلقاء مصر عند الخامسة والنصف مساء الثلاثاء 9 الشهر الحالي على ستاد البيتفي مواجهة ينتظرها جمهور واسع قد يجعلهاأعلى مباريات الجولة حضوراً.

بين جماهير متعطشة تصريحات مشتعلة، تجهيزات محكمة، وصوت عربي واحد يجتمع من المحيط إلى الخليج تعود بطولة كأس العرب هذا العام لتكونأكثر من بطولةبإنها مساحة لاستعادة الفرح، وتجديد العلاقة بين الشعوب ومنتخباتها، وكتابة فصل جديد في رواية الكرة العربية.