نبض البلد -
أحمد الضرابعة
انفرد جلالة الملك عبد الله الثاني بالمشاركة في أعمال قمة دول جنوب أوروبا "ميد 9" ليكون الزعيم الوحيد الذي دُعي إليها من خارجها. المشاركة الملكية الأردنية للمرة الثانية على التوالي في هذه القمة تُكرّس الاعتراف الأوروبي بالأردن كشريك استراتيجي موثوق لا بد من الاستماع إلى وجهات نظره في شؤون الشرق الأوسط المختلفة، فالقراءات الأردنية الواقعية لمسارات الأحداث في المنطقة لطالما أثبتت دقتها، ولعل الخطابات الملكية التي حذرت من وقوع الكارثة في حال الاستمرار بانتهاك حقوق الشعب الفلسطيني قبل السابع من أكتوبر لعام 2023 كانت دليلاً على بعد النظر السياسي لدى الأردن وقدرته على استشراف مستقبل المنطقة.
لفهم تعقيدات المنطقة يحتاج الأوروبيون إلى صوت سياسي عاقل وحكيم، وخبير في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وهذا ما ينطبق على الأردن الذي تتصف سياساته في المنطقة بالاعتدال، وتعد خطاباته الدبلوماسية هي الأكثر اتزاناً، وهو من الدول التي تحافظ على استقرارها وسط محيط إقليمي مضطرب. الصورة التي أظهرت جلالة الملك عبد الله الثاني وهو يتحدث إلى القادة الأوروبيين على هامش قمة "ميد 9" وهم يصغون إليه تشرح مدى اهتمام القادة الأوروبيين برؤية الأردن تجاه القضايا الإقليمية والدولية في أوقات التوتر والتعقيد. ومن الجدير بالذكر أن هذه القمة التي حضرها جلالة الملك كان ملف غزة ضمن أجندتها، إلى جانب شؤون شرق أوسطية أخرى تهم الأردن
من وجهة نظر القادة الأوروبيين، يملك الأردن المقومات التي تجعل تحركاته الدبلوماسية على الساحة الدولية لافتة للنظر، وتتيح لصوته أن يتردد صداه في المنابر الأممية، ولطالما عبر الرؤساء وكبار المسؤولين في أوروبا عن احترامهم العميق للدور الأردني في القضايا الإقليمية، إلى جانب اعتزازهم بجهود جلالة الملك عبد الله الثاني في ترسيخ الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.
البيان الختامي لقمة الـ "ميد 9" حفل بالتقدير الأوروبي الكبير لمواقف الأردن والاحترام لمصالحه، وهو ما أكد استمرار النظرة الأوروبية للأردن كفاعل سياسي يملك رؤية استراتيجية ومصداقية عالية في القضايا الإقليمية والدولية.