نبض البلد - بهدوء
عمر كلاب
ليس سرا ان كثير من المأزومين, نفخوا في كير شغب الجامعة الاردنية الاخير, ليس من بوابة الحرص على وأد هذه الظاهرة التي أطلت برأسها من جديد, بعد فترة هدوء اشاعت روح الطمانينة, بل لنكاية ما او رغبة في اجهاض ما انجزته ام الجامعات في الاعوام الاخيرة, وإلا, ما السبب في التشكيك في الترتيب العالمي او الاشارة اليه في معرض هكذا شغب, او التهكم على تحسين بيئة القاعات الجامعية, والتزامها بمعايير التعليم الذكي.
الطالب الجامعي, هو نتاج حي لفترة الدراسة المدرسية, ونتاج لواقع اجتماعي تعيشه مدارسنا, التي تعاني من اكتظاظ يفضي الى خشونة في التعامل, واشكاليات تربوية لا يلتفت اليها كادر المدرسة ومشرفها الاجتماعي, وقبل اسبوع او اكثر, استمعت ورفقة طيبة من رئيس وزراء اسبق الى قصة محزنة, رواها الرئيس الاسبق, وهي ظاهرة مقلقلة ومرعبة, يرويها الرجل على لسان طالب في المرحلة الاساسية, الذي بادر الرئيس عند سؤاله للطالب, عن احواله في المدرسة بالقول " بنطلع عالساحة بنقف إحنا مع بعض وذكر اسم عشيرته, ويقف الاخرين كل حسب عشيرته او بلدته مع بعضهم", ولا أود ذكر اسم العشائر او المناطق.
هذا واقع في مدارسنا الحكومية وربما الخاصة ايضا, اي ان التعليم الدامج اجتماعيا, غير متوفر ولا تلتفت اليه كوادرنا في المدارس, فيأتي الطالب الى الجامعة مسكون بهويته الفرعية, سواء العشائرية او المناطقبة, ولا اظن ان الفترة الوجيزة التي يقضيها في الجامعة, ضمن نموذج القبول الموحد العقيم, قابل لكسر هذه النمذجة المعيشية, ولا يتوفر لدينا في الكليات الانسانية نماذج من المدرسين اصلح حالا من الواقع الذي نعيشه, فمجرد اختلاف في الرأي مع احدهم, اقصد اساتذة العلوم السياسية او الاجتماعية, يضعك في دائرة القطيعة او الحرب, فهل هكذا استاذ, قادر على تعليم الطالب فقه الاختلاف في الرأي, او ادارة الاختلاف بروية وهدوء؟
نراهم على شاشات التلفاز واعني الاساتذة, وهم ينفعلون ويضربون بالحائط, فقه الاختلاف واحترام الرأي الاخر, ونرى اساليب التدريس ومراجعه الاكاديمية, التي تم سلقها سلقا ودون دراية او مضمون تفاعلي, ثم نستغرب ان يحدث الاصطفاف داخل حرم الجامعة على اسس ضيقة, وضمن فزعة الحميّة للدم او للمنطقة؟ ازمتنا في الكليات الانسانية والعلوم الاجتماعية, تبدا من كادرها التدريسي, ثم من اكتظاظ القاعات وانشغال الاساتذة بالبحث عن شاشة فضائية او منصب سياسي, فقد جرى تجريف الجامعات من نخبها الاكاديمية, الا في اضيق الحدود.
ما حدث في الجامعة الاردنية نتيجة, لاسباب ربما تكون الجامعة الاردنية اخر مسؤول عنها, فهي مارست خلال سنوات قليلة سابقة, سلوكا ملفتا, سواء على قاعدة الانتخابات الطلابية, او على صعيد انفتاح الجامعة على الاخر الاكاديمي والسياسي, لكن مخرجات العملية السياسية لما تنضج بعد, وما زالت اصابع العبث قائمة وقادرة على احداث الخلل والشرخ المجتمعي, وما زال النشاط اللامنهجي والاجتماعي والسياسي في اضيق الحدود, لاسباب متعددة تتحمل الجامعة الجزء الاقل منها, فالهواء العام في المجتمع ليس نقيا, والضيق الاقتصادي والاجتماعي وصل الى مرحلة الحلقوم, ولا بد ن تغيير شامل لكثير من المنهجيات السياسية والاكاديمية والاجتماعية, قبل ان نحاسب الطلاب على ما زرعناه في اجسادهم وعقولهم.
omarkallab@yahoo.com