فليغضب من يغضب،، فهذا قول حق،،

نبض البلد - خليل النظامي


أقولها علنا،،،،
الدراما الأردنية اليوم مشلولة،، مشلولة ليس بسبب نقص المال أو قلة الممثلين، بل لأنها فقدت البوصلة، فقدت الروح، وفقدت الجرأة على البحث عن الواقع،،

فما يعرض علينا اليوم ومنذ سنوات من أعمال فنية لا يمت للمجتمع الأردني أو لتاريخه ولا لواقعه بصلة،،،

كل شيء يبدو جاهزا، معاد تدويره، بلا حياة، بلا صدق، وكأن الكتاب والمؤلفون والمخرجون اختاروا أن يعيشوا في غرف مكيفة مع الشقراوات بعيد عن الشوارع والبوادي والحقائق اليومية،،،

في الأردن هناك قصص نستطيع بها ان نملأ شاشات التلفزة العربية كاملة، لكنها مغيبة تماما،،،

خذوا عني ،،،
هناك بطولات القوات المسلحة، رجال يضحون بالغالي والنفيس لحماية الوطن، قصص ضباط تصلح ان تسرد في نواصي التاريخ،،،، وتلك القصص المركونة في ادراج المخابرات العامة التي تحمل الغموض والشجاعة في آن واحد، فيها أجمل التضحيات وفيها ذكاء وحنكة لا تضاهى،،

هناك قصص لضباط استشهدوا في مكافحة الإرهاب والتطرف،، وهناك ضباط وأفراد جهاز الأمن العام الذين يكافحون ويحاربون المخدرات وارهابها يوميا، في ملاحم لم تسرد بعد بطريقة درامية حقيقية،،،

وهناك السجون الأردنية، مشبعة بالقصص الحقيقية التي يمكن أن نصنع منها مسلسلات درامية توعوية فيها رسائل عظيمة تخدم الجيل والمجتمع، وهناك المحاكم النظامية والشرعية فيها ملايين القضايا والمآسي،،،

أما المجتمع الأردني، فيا حزني عليه،،،

مجتمع غنى بالقصص الحقيقية التي تعد ولا تحصى وتستحق التوثيق،، فمن هناك تجدون الفلاحين، أبناء كروم العنب والزيتون، الذين تعبوا وناضلوا من أجل الأرض وبنائها،، وهناك صناديد البدو الذين تجردت البوادي من تعب أرجلهم، هم وأغنامهم وإبلهم، ومعاناتهم اليومية،،

قصص عطشى تبحث عن قلم مؤلف، يمكن أن تصنع مئات المسلسلات والملاحم الدرامية دون الحاجة لأي اختلاق او اصطناع لسكريبتات تافهة سخيفة،،،

ومن هناك ايضا، الباحثون والعلماء الأردنيين والشخصيات الناجحة التي صنعت المستقبل بصمت، وقصص الحب والغرام والوفاء النزيهة والشريفة،،،

وهناك ايضا، قصص معاناة الأردنيات الفاضلات، اللواتي ضحين بكل شيء لبناء عائلة، هناك مطلقات وأرامل صنعن من لا شيء كل شيء،،،

في كل مكان في أردني العزيز هناك مواد درامية حقيقية،، نهايات مأساوية للزعران والبلطجية، ودهاليز السجون، وأروقة المحاكم، والقضايا، وقصص الوزراء الفاسدين والناجحين، أرشيف هائل لم يستطع قلم وعين كاتب ومؤلف أو مخرج أو منتج رؤيته او حتى الاقتراب منه،،،

بينما رأت أعينهم وكتبت أقلامهم نصوص سخيفة، وحب منمط، ودموع مصطنعة، ومطاردات بلا روح ولا واقع،،،

السؤال الحقيقي هنا،،،
أليس فيكم احد يحمل إرث الكاتب المجنون وحيد حامد رحمه الله،،،؟

أين المخرج والمؤلف والمنتج الذي يبحث عن القصة الحقيقية في كل زاوية من الأردن،،!!؟؟!!

لماذا نخاف من الواقع أكثر من حبنا له؟

لدينا كل شيء في يومياتنا،، بطولات، وشجاعة، وتضحية، ونضال، وحب، وعلم، ومجتمع حي،،،

وكل ما نراه على الشاشات اليوم مجرد قشور مسلوخة بلا عمق وبلا روح وبلا رسالة،،،

لا تغضبوا مني يا سادة،،،
ولكن الدراما الأردنية ليست فقط مشلولة، بل ميتة سريريا، وتنتظر فقط من يعرف كيف يحول الواقع الغني إلى نص حي ينبض بالحياة، ليخدم به هذا المجتمع الطيب وهذه الدولة العظيمة، التي لم يعرف الكثيرين قيمتها لغاية هذه اللحظة،،،