منتدى الاستراتيجيات الأردني يطلق أول معجم عربي تفاعلي لمصطلحات الاستدامة والاقتصاد الدائري في الأردن والمنطقة العربية

نبض البلد -
أطلق منتدى الاستراتيجيات الأردني أمس أول معجم عربي تفاعلي لمصطلحات الاستدامة والاقتصاد الدائري، خلال فعالية خاصة برعاية وزير الصناعة والتجارة والتموين، المهندس يعرب القضاة، إلى جانب ممثلين عن القطاعين العام والخاص، والجامعات، والمنظمات الدولية.
ويُعد هذا المعجم الأول من نوعه في المنطقة العربية، حيث جرى تطويره على مدى عام كامل بالتعاون مع خبراء محليين ودوليين في مجالات البيئة والاستدامة واللغة العربية، وبمواءمة دقيقة مع أبرز المعايير الدولية المعتمدة. كما تم تسجيله رسميًا لدى دائرة المكتبة الوطنية، ليكون مرجعًا مفتوحًا ومتاحًا مجانًا، يهدف إلى توحيد اللغة والمصطلحات في قضايا الاستدامة والاقتصاد الدائري، وتعزيز قدرة الأردن والمنطقة على التحول نحو اقتصاد أكثر استدامة.
من جانبه أشاد وزير الصناعة والتجارة والتموين، المهندس يعرب القضاة، بأهمية المعجم باعتباره مرجعًا وطنيًا داعمًا للسياسات والمبادرات الحكومية، مؤكدًا أنّ المرحلة الراهنة تتطلب انتقالًا استراتيجيًا «من الاستثمار إلى الاستدامة»، بوصفه تحوّلًا نوعيًا في منظومة صنع السياسات الاقتصادية وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني.
وأشار القضاة إلى أنّ منتدى الاستراتيجيات أسهم منذ العام 2022 في إرساء أدوات عملية لصياغة السياسات باللغة العربية، وفي مقدمتها معجم الاستدامة والاقتصاد الدائري، موضحًا أنّ المعجم يجسر العلاقة بين صانعي السياسات والمستفيدين منها، ويعزّز اتساق القرارات الحكومية مع دراسات الأثر الاقتصادي قبل إصدار أي قانون أو نظام أو تعليمات.
ولفت القضاة إلى أنّ 95% من منشآت القطاع الخاص الأردني عبارة عن مشاريع صغيرة ومتوسطة. وهذا المعجم يساعدها على الوصول للتمويل والتصدير للأسواق العالمية بتنافسية عالية. مشيراً في هذا السياق إلى أن تبنّي نهج الاقتصاد الدائري لم يعد خيارًا ترفيًّا، وإنما ضرورة ملحّة لدخول الأسواق العالمية، لاسيّما أسواق الاتحاد الأوروبي، ومؤكدًا أنّ الجهات الحكومية ستواصل مواءمة السياسات والاشتراطات لتمكين الشركات من استيفاء معايير الاستدامة في سلاسل القيمة والإنتاج.
وأعرب القضاة عن إيمانه العميق بالمعجم، مؤكدًا أن ذلك يشكل دافعًا لمواصلة العمل على تعميمه على المستوى العربي، من خلال مخاطبة المجلس الاقتصادي والاجتماعي في جامعة الدول العربية ليصار إلى اعتماده كمشروع عربي مشترك يخدم مختلف القطاعات. كما أوضح أن الوزارة ستعمل على تعميم المعجم على معظم الشركات الاستشارية الدولية التي تتعاون مع الحكومة الأردنية، بحيث تعتمد معجم الاستدامة والاقتصاد الدائري عند إعداد تقاريرها. مشيراً إلى أن الآفاق المستقبلية تبقى مفتوحة أمام تطوير معاجم متخصصة وقطاعية تُكمل مسيرة معجم الاستدامة والاقتصاد الدائري.
من جهتها، أكدت المديرة التنفيذية لمنتدى الاستراتيجيات الأردني، نسرين بركات، أن إطلاق المعجم جاء استجابة لحاجة ملحّة لطالما واجهت المؤسسات الأردنية والعربية، والمتمثلة في غياب مرجع عربي موحّد لمصطلحات الاستدامة والاقتصاد الدائري. وأوضحت أن هذا الغياب كان يضع المؤسسات الحكومية والشركات والجامعات أمام تحديات كبيرة عند إعداد تقارير الاستدامة أو صياغة السياسات أو حتى عند إعداد الأبحاث والدراسات ذات العلاقة، حيث تتعدد الترجمات وتختلف المفاهيم، ما يربك الجهود ويضعف الأثر.
وأضافت بركات أن المنتدى أخذ زمام المبادرة انطلاقًا من قناعته بأن المعرفة الموثوقة هي حجر الأساس لأي تحوّل اقتصادي مستدام، وبأن الأردن قادر على أن يكون رائدًا إقليميًا في توفير مرجع علمي وعملي يخدم المنطقة بأكملها.
مشيرة إلى أن المنتدى لا يكتفي بدور البحث والتحليل، بل يسعى دائمًا لتحويل الأفكار إلى أدوات عملية، والمعجم خير مثال على ذلك.
وشددت على أن هذه المبادرة تعكس فلسفة المنتدى في الجمع بين العلم والسياسات والممارسات العملية، حيث يتكامل المعجم مع جهود المنتدى السابقة في إعداد الدراسات ورفع الوعي حول الاقتصاد الدائري، وأهمية تطبيق المعايير البيئية والمجتمعية والحوكمة للشركات.
وأكدت أن هذه المبادرات مجتمعة تجسد رؤية المنتدى في أن يكون منصة وطنية تدفع بالاقتصاد الأردني إلى مصاف الاقتصادات الأكثر استدامة وقدرة على المنافسة إقليميًا ودوليًا.
وتخلّل الفعالية جلسة حوارات سريعة قدّم خلالها ممثلون عن سوق رأس المال، والتعليم، والقطاع المصرفي مقاربات عملية حول دور المعجم في تعزيز الشفافية، وتطوير المناهج، وتمكين أدوات التمويل المستدام. حيث أدار الجلسة الخبير في استراتيجيات استشراف المستقبل والابتكار وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، رامي الكرمي الذي أكد على أن هذا المعجم يمثل ابتكاراً مؤسسيًا يعزّز مكانة الأردن كدولة رائدة في تبنّي أدوات جديدة للاقتصاد الأخضر. وأضاف أن توحيد المصطلحات يضع الأردن في موقع متقدّم إقليميًا، كنموذج يُحتذى في تحويل الاستدامة من شعارات إلى تطبيقات عملية تستند إلى لغة واضحة ومشتركة.
وأكد المدير التنفيذي لبورصة عمان، مازن الوظائفي على أهمية إطلاق أول معجم عربي موحّد لمصطلحات الاستدامة والاقتصاد الدائري، مشيرًا إلى أن البورصة ستعمل على تعميمه تدريجياً على جميع الشركات المدرجة والمدربين المعتمدين.
 
وأوضح الوظائفي أن هذا المعجم يشكل خطوة نوعية في تعزيز جاهزية الشركات الأردنية للامتثال للمعايير الدولية، كما يسهم في تعزيز دقة الإفصاح، وتحسين جودة التقارير السنوية وتقارير الاستدامة، فضلًا عن دوره في رفع كفاءة عمليات الرقابة والتنظيم، وتعزيز جاذبية السوق الأردني أمام الاستثمارات الخضراء والمستدامة.
 
من جانبه، أكد رئيس جامعة الحسين التقنية، الدكتور إسماعيل الحنطي، على أهمية المعجم في دعم المحتوى الأكاديمي والبحثي باللغة العربية، مشيرًا إلى أن غياب مرجع موحد لطالما شكّل تحديًا أمام الباحثين وطلبة الدراسات العليا في مجالات الاستدامة والاقتصاد الدائري.
كما شدد على أن دمج المصطلحات الواردة في المعجم ضمن المناهج الدراسية سيسهم في ترسيخ هذه المفاهيم لدى الطلبة منذ مراحل مبكرة، مما يعزز قدرتهم على التعبير العلمي الدقيق باللغة العربية دون الحاجة إلى العودة للمصطلحات الأجنبية أو الترجمة الارتجالية.
وفي سياق متصل، أشار فادي خليل، رئيس الأعمال المصرفية للشركات في البنك الأردني الكويتي، إلى أن توفر مرجع لغوي موحد يُعد أداة استراتيجية لتعزيز كفاءة التواصل داخل المؤسسات المالية، وبينها وبين الجهات التنظيمية والمستثمرين.
 
وأوضح خليل أن استخدام مصطلحات دقيقة ومعتمدة يُسهم في تحسين جودة تقارير الإفصاح المالي وغير المالي، ويُعزز من قدرة المؤسسات على تصميم منتجات وخدمات متوائمة مع مبادئ التمويل المستدام. كما أشار إلى أن التوجه الدولي في أسواق المال بات يشترط التزام الشركات بمعايير الاستدامة كأحد متطلبات الجاذبية الاستثمارية، ما يجعل المعجم أداة تمكينية محورية في هذا التحول.