محسن الشوبكي يكتب :بين حلم “إسرائيل الكبرى” وغياب الرد العربي… الضفة تُقسم رسميًا

نبض البلد -
بين حلم "إسرائيل الكبرى” وغياب الرد العربي… الضفة تُقسم رسميًا

في خطوة تحمل دلالات استراتيجية عميقة، أقرّ الاحتلال بناء مئات الوحدات الاستيطانية في منطقة E1، الواقعة شرق القدس، وهي منطقة حساسة جغرافيًا وسياسيًا. هذا التوسع لا يندرج ضمن مشاريع عمرانية عادية، بل يشكّل فصلًا شبه كامل بين شمال الضفة الغربية وجنوبها، ويؤسس لواقع جديد يُمهّد لابتلاعها بالكامل.

القرار يأتي في سياق تصريحات متكررة لرئيس وزراء الكيان، بنيامين نتنياهو، الذي عبّر صراحة عن حلمه بما يسميه "إسرائيل الكبرى”، وهو ليس مجرد شعار سياسي، بل مشروع تنفيذي مدعوم بخطط هندسية وموازنات حكومية، تُرسم على الأرض وتُفرض بالقوة. الاحتلال لم يعد يكتفي بتجاوز الخطوط الحمراء، بل بات يرسم خطوطًا جديدة، واضحة، مرئية، ويُشرعنها عبر مؤسسات رسمية، في ظل غياب ردع حقيقي.

ما يجري في الضفة الغربية وغزة من تهجير قسري وتضييق ممنهج لم يعد شأنًا فلسطينيًا داخليًا، بل قضية إقليمية تمسّ الأمن الجماعي للمنطقة، وتضع الجميع أمام اختبار سياسي وأخلاقي. فحين يُعاد تشكيل الجغرافيا السياسية وفق رؤية أحادية، فإن تداعياتها لا تتوقف عند حدود فلسطين، بل تمتد لتطال استقرار الإقليم بأكمله.

في المقابل، لا تزال المواقف العربية الرسمية تتسم بالحذر، وتغلب عليها اللغة الدبلوماسية التقليدية، التي لا تواكب حجم التحولات على الأرض. لا أحد يطالب بالحرب ، لكن غياب أدوات الرد الفاعل يفتح الباب أمام مزيد من التعديات، ويكرّس واقعًا جديدًا يصعب التراجع عنه لاحقًا.

الكيان يرى نفسه شرطيًا للمنطقة، ويتصرف وفق هذه الرؤية، مستندًا إلى دعم دولي وصمت إقليمي. أما العرب، فإنهم مطالبون اليوم بإعادة تعريف دورهم، وتجاوز مرحلة البيانات الإنشائية، نحو موقف استراتيجي يستند إلى القانون الدولي، ويعيد الاعتبار للفاعلية السياسية في المحافل العالمية. فالمعادلة لا تُكسر بالإنكار، بل بإعادة صياغة الفعل، وتفعيل أدوات التأثير، ضمن إطار يحترم السيادة ويصون الحقوق، ويمنع تحويل الحلم التوسعي إلى واقع دائم.