نبض البلد - فايز شبيكات الدعجه
بالتزامن مع احتفالات المملكة بيوم العلم الأردني، قدمت لنا دائرة المخابرات العامة هدية العلم بإعلانها القبض على ارهابيين استهدفوا أمن الأردن باستخدام مواد متفجرة، ومحاولة تصنيع طائرات مسيرة وأسلحة نارية وما إليها من أدوات الفتك والإجرام ،
تابعتهم الدائرة على مدى سنوات، وقبضت عليهم عند اقتراب مرحلة الخطر القصوى، وبعد أن خططوا لعملياتهم الإرهابية بارتباط فعلي مع جهات خارجية معادية تعمل في لبنان بصفة غير مشروعة، سافروا إليها وتلقوا تدريبات، وحصلوا من أعضائها على دعم مالي لخدمة غاية الشراء والتجهيز والتصنيع.
ومع أن احتمالات التنفيذ مع تتبع الدائرة لنشاط المجموعه كانت مستحيلة، لكن المسألة بأبعادها الشمولية المختلفة تكفي لإثارة القلق، ذلك أن المملكة تعرضت لهجمات إرهابية متكررة لعل أبرزها تفجيرات فنادق عمان والكرك والسلط والحسينية، ما يجعل من الأهمية بمكان الاستعداد لأية سيناريوهات مستقبلية طارئه ممزوجة بالحذر الشديد، تتطلب إعداد استراتيجية وطنية مشتركة أكثر إحكاما.
لقد قامت دائرة المخابرات بدورها الوطني خير قيام. لكن على الجانب الآخر من المعادلة لا بد من ملاحظة المعطيات والمؤشرات المقلقة في مسألة التطرف والإرهاب ،ما يدعو لإجراء مقاربات أخرى غير المقاربة الأمنية، وإعادة نظر وتركيز جديد من قبل المسؤولين والمؤسسات الوطنية المعنية، ودورها في مكافحة التطرف والإرهاب.
فعلى الرغم من أهمية المعالجة الأمنية، التي منعت كثيراً من الكوارث، لكنّها لا تكفي، لأنّ الدلائل تشير إلى أن التيار المنحرف يجب وقف تمدده، ومكافحة الروافد الفكرية المتباينة. ورصد تأثير الأصدقاء، سواء كانوا في الجامعة أو العمل أو الحيّ أو الجامع أو حتى النادي، إضافة لتأثير دور عامل القرابة ، فلم يعد الموضوع ضبط نشاطات هذه التيارات والأفكار في إطار التنظيم الديني، فكل ألاماكن متوقعة لعملية التأثير كما تشير الدراسات التي أجرت في السياق وأكدت أهمية تخصيص جهد مؤسسي وثقافي ومجتمعي، والى تقييم كامل لبرنامج الوقاية الفكرية، ومأسسة الجهود في هذا المجال، وإشراك مؤسسات متعددة من الدولة والمجتمع المدني، فالتطرف عاد إلينا اليوم بنشاط ملحوظ، وكاد يصيبنا لولا لطف الله والعملية الأمنية المتقنة التي قامت بها دائرة المخابرات العامة مشكوره.