نبض البلد -
أحمد الضرابعة
تقف إيران على أعتاب مرحلة حاسمة، في ظل التشدد الأميركي والإسرائيلي في التعامل مع الملفات المتعلقة بها، والتي تشمل سلاحها النووي، وبرنامجها للصواريخ الباليستية، وشبكة نفوذها الإقليمية، وهي الملفات التي ساهمت بشكل أساسي في تعيين حدود الدور الإيراني في الشرق الأوسط، وبالتالي، فإن رضوخ إيران للضغوطات الأميركية، يعني فقدانها كل أوراق التفاوض مع القوى الدولية، وهو ما سيؤدي بالضرورة، لإضعاف دورها الإقليمي وحرمانها من التمدد خارج حدودها القومية، وهي من اللاعبين الكبار في الشرق الأوسط.
تعرّضت إيران لخسائر استراتيجية منذ بدء الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، كان أبرزها سقوط النظام السوري وتهميش دور حزب الله في السياسة اللبنانية وإضعاف المقاومة في قطاع غزة، وأخيرًا الهجوم العنيف على الحوثيين. شكلت هذه الكيانات إطارًا يُعرف بـ "محور المقاومة"، ولكنه ما لبث أن انهار في غضون سنة وأكثر بقليل، وهذا تسبب في استنزاف رصيد إيران الاستراتيجي في الشرق الأوسط، وهي التي لطالما حرصت على خوض مواجهاتها مع خصومها بشكل غير مباشر في الساحات العربية، ولكنها اليوم أمام واقع صعب، لا يسمح بنقل أي مواجهة عسكرية محتملة خارج الأراضي الإيرانية.
رغم ذلك، يواصل الحرس الثوري رفض الخيارات العقلانية للتعامل مع الضغوطات الأميركية المتزايدة على إيران، وهو بذلك يسرّع الوصول إلى لحظة المواجهة التي تُحضِّر لها الولايات المتحدة، والتي بدأت بالفعل نقل قواتها ومعداتها العسكرية من مناطق أخرى إلى الشرق الأوسط، تزامنًا مع زيارة يجريها رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو لواشنطن، لإجراء محادثات مع الرئيس ترامب حول عدة ملفات، أبرزها إيران، ومن المتوقع، أن يكون للقاء نتنياهو - ترامب، ما بعده.
هل تمتص إيران الضغوطات الأميركية قبل فوات الأوان؟
هذا سؤال تجيب عنه التفاعلات المستمرة في النظام السياسي الإيراني، ونتائج صراع أجنحته والتيارات التي تحكم مؤسساته، ولكن من الواضح أن إيران قررت السير في اتجاهين، هما، الدبلوماسي والعسكري، حيث يجري المسؤولون الإيرانيون اتصالاتهم ومباحثاتهم مع نظرائهم في المنطقة، واستغلا القنوات المفتوحة مع القوى الإقليمية والدولية لإدارة ملفاتها الساخنة، وهو ما يُفهم منه حرصها على البقاء في المساحة الآمنة، مع الاستعداد والاستعراض العسكري لتوجيه رسائل التهديد للدول التي قد تتعرض لها.