التوسع بتصدير الطاقة النظيفة.. هل يحدث نقلة بالاقتصاد الوطني؟

نبض البلد -
عايش: زيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة يعزز النمو الاقتصادي ويقلل التكاليف التشغيلية

الأنباط - عمر الخطيب

لم تعد الطاقة مجرد سلعة أو خدمة فحسب، بل أصبحت أداة استراتيجية تعيد تشكيل ميزان القوى الاقتصادية بين الدول، فمنها يمتلك إمكانات توليدية كبيرة للطاقة المتجددة لا تحقق فقط الاكتفاء الذاتي وإنما تستطيع تصدير الفائض لتعزيز ميزانها التجاري وجذب الاستثمارات الأجنبية.
ويمتلك الأردن فرصة كبيرة للتحول إلى مركز إقليمي لتصدير الطاقة النظيفة، وهو تحول قد يُحدث نقلة نوعية في اقتصاده، لكن التحدي الحقيقي لا يكمن فقط في إنتاج الطاقة المتجددة، بل في تسويقها وتوظيفها بفعالية داخل الاقتصاد، فكيف يمكن للطاقة المتجددة أن تصبح محركًا للنمو وليس مجرد مصدر للإيرادات؟
وإذا تمكن الأردن من تجاوز العقبات التنظيمية وتطوير سياسات تسعير محفزة وتعزيز شراكاته الإقليمية، فإنه لا يكون فقط مصدّرًا للطاقة، وإنما سيكون قادرًا على إعادة رسم خريطة الطاقة في المنطقة لـ يصبح محورًا اقتصاديًا جديدًا في الشرق الأوسط.
الخبير الاقتصادي حسام عايش أكد أن الأردن من الدول الرائدة في إنتاج الطاقة المتجددة، حيث يولد حاليًا نحو 29-30% من إجمالي حاجته من الكهرباء من مصادر نظيفة، ويسعى إلى رفع هذه النسبة إلى 50% أو أكثر بحلول عام 2030.
وأوضح، في حديثه لـ"الأنباط"، أن مصادر الطاقة المتجددة في الأردن تشمل الطاقة الشمسية والرياح والصخر الزيتي، وأن التوسع في استخدامها سيساهم في تنويع مصادر الدخل وتحفيز النمو الاقتصادي بالإضافة إلى تقليل التكاليف التشغيلية وتحسين الإنتاجي، كما سيؤدي إلى تعزيز الأنشطة الاقتصادية التي تعتمد على الكهرباء وخفض الاعتماد على الوقود الأحفوري، ما يزيد من تنافسية الصادرات الأردنية.
وأضاف أن قطاع الطاقة المتجددة سيجذب مزيدًا من الاستثمارات في التقنيات الحديثة لـ يسهم في خلق فرص عمل جديدة وتوسيع آفاق التصدير، الأمر الذي يعزز من نمو الاقتصاد الوطني.
وبين عايش أن الطاقة النظيفة تلعب دورًا مهمًا في دعم الاقتصاد الدائري ولا سيما في القطاع الزراعي حيث تسهم في تعزيز أنظمة الزراعة المستدامة مثل الزراعة العضوية، وتدوير المخلفات الزراعية لاستخدامها كسماد طبيعي أو في توليد الطاقة، ما يساهم في تقليل الهدر وتحقيق تنمية بيئية واقتصادية مستدامة.
وأشار إلى أن الأردن يمتلك قدرة توليدية تتجاوز 2000 ميجاواط من الطاقة المتجددة، الذي مكنه من تصدير الكهرباء إلى العراق وفلسطين والتبادل مع مصر، بالإضافة إلى مشاركته في مشاريع الربط الكهربائي العربي حيث بدأ بتزويد سوريا ولبنان بالطاقة، كما تطرح خطط مستقبلية لتصدير الكهرباء إلى أوروبا، الذي سيعزز حجم الصادرات الأردنية ويقلل العجز في الميزان التجاري ويدعم موقع الأردن كـ مركز إقليمي للطاقة.
ولفت إلى أن تصدير الطاقة يساهم في تعزيز الاقتصاد الأردني من خلال زيادة حجم الصادرات ما يوفر عملات أجنبية ويدعم تحسين الميزان التجاري، كما يعزز تنافسية المنتجات الأردنية خاصة عند استخدام الطاقة المتجددة في الإنتاج، إلى جانب تطوير شبكة كهربائية إضافية تعمل بهذه الطاقة، حيث لعبت الاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة دورًا مهمًا في زيادة القدرة التوليدية.
ويلعب القطاع الخاص دورًا محوريًا في تطوير الاستثمار في الطاقة المتجددة، لكنه يحتاج إلى سياسات تحفيزية تسهّل دخوله، بحسب عايش.
وأوضح أنه يمكن الاستفادة من الطاقة المتجددة في المصانع والشركات والبنوك لـ تقليل الاعتماد على الكهرباء التقليدية، ولـ تخفيف الضغط على الشبكة الوطنية وتوسيع استخدام الكهرباء للفئات محدودة الدخل والمشاريع الصغيرة.
وأضاف عايش أن ارتفاع التكلفة والمنافسة الإقليمية بالإضافة إلى البيروقراطية وعوامل عدم اليقين التي تعيق استغلال الفرص، كما أنه يوجد طاقة فائضة يتطلب استثمارات مكلفة لتخزينها أو استخدامها بفعالية، مما يستدعي تحويلها إلى مورد اقتصادي مستدام يخدم مختلف القطاعات، مشيرًا إلى أن الاستثمار في الطاقة والمياه يعد أمرًا استراتيجيًا، إذ يسهم في تنويع الاقتصاد وتعزيز الصادرات واستقطاب الاستثمارات، ما يتيح للأردن فرصة التحول إلى مركز إقليمي للطاقة المتجددة.