القطاع الصحي يعاني فقر الرقمنة

نبض البلد -

 

الدّبّاس: التطبيقات الصحية المُحمَّلة على الهاتف أو الساعة الإلكترونية تُعتبر "تطبيقات فعَّالة ودقيقة"

الحوراني: جودة البيانات التي يتم جمعها عبر الذكاء الاصطناعي تلعب دورًا أساسيًا في دقّة التحليل

 

الأنباط - كارمن أيمن

 

مع التطوُّر التكنولوجي والتقدُّم الرقمي، أصبح لتقنيات الذكاء الاصطناعي وبرامجه وبعض التطبيقات المتواجدة على الهواتف والساعات الإلكترونية دورٌ كبيرٌ وحيويّ لاسيَّما في قطاع الصّحّة.

في كثير من دول الغرب احتلت هذه التطبيقات جزءًا كبيرًا في مجال تشخيص أمراض وتخطيط القلب ويُمكن الاعتماد عليها باعتبارها دقيقة إلى حدٍّ ما، وعلى الرغم من ذلك إلَّا أنَّ هذا التطوُّر لم يصل بذروته إلى الأردن.

محليًا، لا يزال القطاع الصّحي يفتقر التطوُّر الرقمي ورُبَّما يعود السبب لعدّة عوامل تكمن في افتقار وجود بنية تحتية متخصّصة إضافةً إلى تخوُّف بعض المستشفيات والأطباء من أن تَحُلَّ محلَّهم، إذ يتساءل البعض حول مدى فعّالية هذه التطبيقات وما هي احتمالية تطبيقها في الأردن؟

وأوضح الطبيب جمال الدبَّاس أنَّ التطبيقات الصحية المُحمَّلة على الهاتف أو الساعة الإلكترونية "تطبيقات فعَّالة" وتعمل على قياس النبض والضغط ورسم تخطيط القلب، موضِّحًا أنَّها تُوفِّر توجيهًا مباشرًا للمستخدم، إذ يشير في كثير من الأحيان إلى وجود جلطات لدى المرضى، ما يستدعي الذهاب الفوري للطبيب.

وأضاف أنَّها تطبيقات "دقيقة ويُمكن الاعتماد عليها"، كما يتم استخدامها لرصد نظم القلب ونوبات التسارع المُفاجئة، لافتًا إلى أنَّ الوقت الأفضل لعمل التخطيط للقلب يكون أثناء النوبة، وذلك لتوضيح الخلل الكامن في نظم القلب، إذ يُستخدم كبديل لجهاز ضغط القلب الكهربائي "Holter monitor"، لقياس نظم الكهرباء والتخطيط وتخزينه، و يكونُ مُثبَّتًا على صدر المريض لمُدَّة لا تقل عن 24 ساعة.

وتابع أنَّه من خلالها يُعطي الجهاز تحذيرًا للمريض ويقوم بعمل تخطيط للقلب باستمرار وبطريقة تلقائية، وبالتالي يتمكَّن الطبيب من تشخيص الخلل المتواجد في كهرباء القلب، منوِّهًا إلى ضرورة ترخيصها من قِبَل مؤسسة الغذاء والدواء إضافةً إلى وزارة الصحة في الدولة المُنشئة للتطبيق، فشركة APPLE أنشأت جهاز ذكي مُركَّب لقياس ضغط الدم وتخطيط القلب والنبض ويخضع لرقابة مؤسسة الغذاء والدواء الأمريكية، ويتَّصل مباشرةً بالدفاع المدني ويُحدِّد موقع المريض حتّى في حالات الغيبوبة، إذ يعمل بشكلٍ أوتوماتيكي.

وبيَّن الدّبّاس أنَّ التطبيق مُفعَّل في 17 دولة إضافةً للولايات المُتَّحدة الأمريكية، مشيرًا إلى أنَّها تتمتَّع بنوعٍ من الخصوصية لدى المريض، بالإضافة إلى إمكانية إرسالها للطبيب الخاص به للتشخيص بدقَّة.

واختتم حديثه ل"الأنباط" بضرورة تنزيل هذه التطبيقات لاسيَّما لمرضى القلب وتفعيله في الأردن على الأقلّ مرَّة واحدة، كتطبيق "الصحّة" المتواجد في الهواتف والساعات الإلكترونية، مشدِدًا على أهمّيّة إنشاء تطبيقات صحّيّة كهذه في الأردن والعمل على تطويرها، خاصّة أنَّه قد طالب الجهات المعنية بتأسيس تطبيقات تقوم بهذه الأدوار منذ أكثر من عامين إلَّا أنَّه لم يكن هناك استجابة.

بدوره، أشار خبير الذكاء الاصطناعي والتحوُّل الرقمي حسام الحوراني أنَّ خوارزميات الذكاء الاصطناعي تعتمد على تقنيات مُتقدِّمة في التَّعلُّم العميق والشبكات العصبية لتحليل تخطيط القلب الكهربائي (ECG)إذ تبدأ العملية بجمع البيانات من خلال أجهزة الاستشعار الموجودة في الهواتف الذكية أو الساعات الإلكترونية، بهدف تحويل الإشارات الكهربائية للقلب إلى بيانات رقمية، موضِّحًا أنَّ هذه البيانات تخضع للتحليل باستخدام خوارزميات قادرة على اكتشاف الأنماط غير الطبيعية كالرجفان الأُذيني أو تسارع القلب، بناءً على مقارنة التخطيط الحالي بقاعدة بيانات ضخمة تحتوي على ملايين التخطيطات القلبية السابقة، وذلك في حال رصد أي إشارات تدل على اضطراب قلبي، لاسيَّما أنَّ الذكاء الاصطناعي يُقدِّم تقريرًا تفصيليًا، وقد يوصي المستخدم باستشارة الطبيب لاتِّخاذ الإجراء اللازم.

وأضاف أنَّه على الرغم من التطوُّر الكبير في تحليل تخطيط القلب عبر الذكاء الاصطناعي، إلَّا أنَّ هذه التقنية "ليست معصومة من الخطأ"، لافتًا إلى أنَّ أحد التحدِّيات الرئيسية تكمن في احتمالية حدوث أخطاء في التشخيص، إذ يمكن تصنيف حالة صحّيّة طبيعية على أنَّها مشكلة قلبية، مِمَّا يُسبِّب قلقًا غير مبرَّر للمستخدم، وعلى العكس، فإنَّه قد يفشل التطبيق في اكتشاف اضطراب حقيقي، ما يؤدي إلى تأخُّر العلاج وزيادة المخاطر الصّحّيّة.

وتابع الحوارني أنَّ جودة البيانات التي يتم جمعها تلعب دورًا أساسيًا في دقّة التحليل، إذ تختلف دقِّة أجهزة الاستشعار المستخدمة في الهواتف الذكية والساعات عن تلك الموجودة في الأجهزة الطبّيّة المتخصِّصة، بالإضافة إلى ذلك، قد تتأثَّر الخوارزميات بالتحيُّز في البيانات، فإذا تمَّ تدريبها على حالات مأخوذة من فئات عمرية أو جغرافية مُحدَّدة، فقد لا تكون نتائجها دقيقة عند تطبيقها على فئات أخرى.

وبيَّن أنَّها رغم الإمكانيات الكبيرة للذكاء الاصطناعي، إلَّا أنَّه لا يمكن أن يكون في الوقت الحالي بديلًا كاملًا عن الأطباء في تشخيص أمراض القلب، فالطبيب لا يعتمد فقط على تخطيط القلب، بل يأخذ في الاعتبار الأعراض السريرية الأخرى التي تشمل التاريخ الطّبّي للمريض والعوامل البيئية التي قد تؤثِّر على حالته الصّحّيّة، منوِّهًا على أنَّ الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة قوية تساعد الأطباء في تحليل البيانات بشكل أسرع وأكثر دقة، لكنَّه لا يمتلك القدرة على إجراء التشخيص السريري المتكامل أو اتِّخاذ قرارات علاجية بناءً على تفاعل مباشر مع المريض.

وأكد على أنَّ التكامل بين الأطباء والذكاء الاصطناعي يُعدّ الحل الأمثل مستقبلًا من خلال استفادة الأطباء من التحليلات الدقيقة التي يقدِّمها الذكاء الاصطناعي، وبالحفاظ على دورهم الأساسي في تقديم الرعاية الصحية واتِّخاذ القرارات الطبية.

وأشار أنَّه رغم التقدُّم الكبير في الذكاء الاصطناعي، إلَّا أنَّ هناك العديد من العوائق التي تحُدُّ من انتشاره على نطاق واسع في المجال الطبّي، خاصَّة أنَّه يفتقر إلى معايير موحَّدة لتقييم دقّة وموثوقية الخوارزميات المستخدمة في التشخيص، ففي العديد من البلدان، تحتاج هذه التطبيقات إلى موافقة الهيئات الصحية قبل استخدامها رسميًّا، وهو ما قد يستغرق وقتًا طويلًا، وبالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف تتعلَّق بـ خصوصية البيانات الصحية، حيث يجب على المطوِّرين ضمان حماية المعلومات الشخصية للمرضى وفقًا للوائح التنظيمية الصارمة كاللائحة العامّة لحماية البيانات(GDPR) في أوروبا أو قانون حماية البيانات الصحية(HIPAA) في الولايات المتحدة.

ونوَّه الحوراني إلى أنَّ بعض الأطباء والمستشفيات لا يزالون مترددين في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، حيث يشعر البعض بأنَّه قد يُقلِّل من دور الأطباء في التشخيص، لهذا السبب يحتاج الأمر إلى تدريب الكوادر الطبية على كيفية استخدام هذه الأدوات بفعَّالية.

وأختتم حديثه لـ"الأنباط" بأنَّه لضمان نجاح تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجال الطبّي، لابُدَّ من وجود دعم حكومي ومؤسسي واضح، إذ يُمكن للحكومات تسهيل انتشار هذه التقنيات من خلال توفير البُنية التحتية الرقمية، كتحسين الاتِّصال بالإنترنت وتمكين استخدام البيانات الضخمة في القطاع الصحي، فضلًا عن قدرتها في وضع سياسات تشجيعية كتقديم حوافز مالية للشركات الناشئة التي تُطوِّر حلولًا طبّيّة تعتمد على الذكاء الاصطناعي.

ومن جانب آخر، على المؤسسات الصحية أن تعمل على دمج هذه التقنيات في أنظمتها التشغيلية، بحيث لا تكون مُجرَّد أدوات منفصلة، بل تصبح جزءًا أساسيًا من إجراءات التشخيص والعلاج، بالإضافة إلى أنَّ التعاون بين