جبر: عائلة الضيف بحماية المقاومة أولًا ثم الشعب الفلسطيني
فراعنة: رسالة "حماس" لـ "فتح": "جميعنا في خندق واحد"
الأنباط - رزان السيد
بعد انتقاله من قوائم المقاومة إلى قوائم الشهداء، وبعد الإفصاح عن صورته وعن هوية عائلته التي كانت طي الكتمان، يتخوف مراقبون من استهداف الاحتلال لعائلة قائد هيئة أركان كتائب القسام السابق محمد الضيف الذي قض مضجع الاحتلال طيلة 23 عامًا.
حياة الضيف ظلت سرية، دون أن تظهر له صورة واضحة، كما بقيت هويته الشخصية بعيدة عن الأضواء، حتى أن زوجته وأبناءه كانوا مجهولين. واستمر ذلك حتى إعلان الناطق باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، في 31 يناير 2025، استشهاد الضيف والذي تم اغتياله في 13 يوليو 2024.
الضيف الذي أصبح رمزًا للمقاومة الفلسطينية بفضل تكتيكاته العسكرية وحنكته الاستراتيجية، قاد العديد من العمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي، ولم يكن مجرد قائد عسكري، بل كان رمزًا حقيقيًا للصمود والمقاومة في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية.
خبراء سياسيون يرون أن سلامة أفراد أسرة الضيف كانت ممكنة بإخفاء هويتهم، والأمر كان معدًا تخوفًا من فكرة ملاحقة العائلة واستخدامها كدروع بشرية من قبل الكيان المحتل، أو توظيفها كورقة ضغط على الضيف.
وقللوا من مخاوف استهداف عائلته، باعتبار أن الضيف هو الذي كان مطلوبًا وليس عائلته، متوقعين أن العائلة تحت حماية المقاومة، وقبل ذلك بحماية الفلسطينيين في قطاع غزة.
بعد أن تم إعلان استشهاد الضيف، تداولت وسائل التواصل الاجتماعي "فيديو" يظهر زوجته وأبناءه، قالت خلاله: "كان دائمًا يوصي بحب القرآن، لم يكن يكتفي فقط بحفظه، بل كان يسعى دائمًا لأن يفهمه ويطبقه، وكان دائمًا يرغب أن يتحلى أبناؤه بأخلاق القرآن، وفي مجال العلم، فقد كان دائمًا يشجعهم على الدراسة بجدية. رغم أنه لم يدرس في المجال الأكاديمي بشكل كبير، إلا أنه كان أيقونة في العلم".
وأضافت: "كان أبو خالد إنسانًا متواضعًا، بسيطًا في ملبسه وكلامه، قليل الكلام، لكنه كان يبكي إذا وجد الفقراء"، وكان دائمًا يقول: "سنسأل عن هؤلاء يوم القيامة".
وفي هذا السياق، قالت أستاذة العلوم السياسية والمختصة بالشأن الفلسطيني الدكتورة أريج جبر، بأن المقاومة الإسلامية "حماس" أعلنت عن استشهاد القائد محمد الضيف بالإضافة إلى قيادات أخرى، والتي كانت فاعلة وحاضرة في فترة اشتعال طوفان الأقصى، هذا التوقيت تحديدا الذي تم فيه إعلان استشهادهم، كان بداية للحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية، والروح المعنوية لدى المقاومة الفاعلة على الأرض.
كما أنه جاء للتأكيد على أن هناك عقيدة راسخة لدى المقاومين وأن القضية الفلسطينية ومقارعة الكيان المحتل تفوق أي قيادات وأي تعليمات عسكرية، بالإضافة الى التأكيد على أن المقاومين على الأرض تلقوا التدريبات الكفيلة بتمكينهم من إدارة المعركة بشكل أمثل.
وتابعت جبر أنه كان أيضا بمثابة الترويع للكيان المحتل، في محاولة عدم جعل الكيان المحتل يستغل فرصة الإعلان في فترة سابقة، قبل إنهاء ووقف العدوان بشكل مؤقت كما هو حادث الآن، حتى لا يستغل هذه النقطة ويتغنى بأنه نصراً كما حدث بالفعل على غرار استشهاد القائد هنية والسنوار، لذلك ذهبت المقاومة إلى ضرورة التحفظ على خبر إعلان استشهاده، واستشهاد القيادات الآخرين، وذلك لحرمان الكيان المحتل من فرصة التغني بهذا النبأ واعتباره نصراً عسكرياً يمكن تحويله بشكل استراتيجي لصالح الكيان المحتل.
كما أنه لتمكين الجبهة الداخلية والحفاظ على الجبهة الداخلية للمقاومة، وحتى يتم إدراك كم التغيرات على جبهة القيادات الميدانية لدى المقاومة، واستبدال أو إحلال شخص جدد في موقع القيادات الشاغرة بعد استشهادهم، لذا هو بمثابة التفكير والتكتيك الاستراتيجي والميداني والعسكري من قبل المقاومة حتى لا يتم الإضرار بالحركة وإضعاف روحها المعنوية وحتى تستمر بالنضال، مشيرة الى أن القضية الفلسطينية هي أعمق وأكبر من كل القيادات.
وأكدت بأن القيادات هم المثال الحي للتأكيد على أن الجميع نذر نفسه فداء لفلسطين، بالإضافة للتأكيد على أن دلالات التوقيت، أن حركة حماس حركة تنظيمية موحدة الصفوف تعمل ضمن هياكل، وهذه الهياكل تنتقل ما بينها القرارات والإدارة والحركة فهي ليست حركة عشوائية أو حركة قد ضربت كما يدعي الكيان المحتل في عمقها، على العكس فإنه ما دفع للذهاب باتجاه الصفقة هو رغبة الكيان المحتل وضعفه، وأن المقاومة رغم استشهاد قياداتها كانت قادرة على النضال حتى آخر لحظة.
وبينت جبر أنه الإعلان عن استشهاد الضيف جاء مع فترة المظاهر العسكرية التي قدمتها حماس أثناء تسليم الأسرى، موضحة أن تلك القيادات أسست لحركة ذات نهج وطني، نضالي، جهادي، مستمر، لا تتعلق ولا ترتبط فقط في القيادات، فالقيادات قائد يسلم للآخر الراية
وأشارت جبر خلال حديثها بأنه فيما يتعلق بإخفاء هوية محمد الضيف وعائلته ومجموعة ابنائه وتغيير الأسماء هو بمثابة حفاظاً على أمنهم وعلى حياتهم وعلى أرواحهم، وحتى لا تكون ورقة الضغط التي يتم لي ذراع محمد الضيف بها باستغلالها واستثمارها ضده، وحتى لا يتم ملاحقتهم ومطاردتهم أو التنكيل بهم وأسرهم وما إلى غير ذلك من النهج والسلوك الصهيوني والسلوك الإجرامي لدى الكيان المحتل.
وتابعت بأن إخفاء هويتهم كان متعمدا على الرغم من أن الضيف كان مطاردا برغم عدم معرفة شكله أوهويته الفعلية، لكن كان هناك تخوفاً من فكرة ملاحقة العائلة حتى لا يتم استخدام عائلته كدروع بشرية من قبل الكيان المحتل، أو توظيفهم كورقة ضغط على الضيف.
وأكدت بأنه لا تعتقد بوجود أي مخاوف على عائلة الضيف بعد كشف هويتهم فور استشهاده، وذلك لأن الهدف كان القائد الضيف، مشيرة بأن العائلة تحت حماية المقاومة، وبحماية المدنيين في قطاع غزة، لذا لا يمكن أن يتنكروا لفضل الضيف وقدرته على حماية قطاع غزة لفترات طويلة، أيضا لا يمكن التنكر لتاريخه في النضال من أجل القضية الفلسطينية، فعائلة الضيفة بحماية المقاومة أولاً ومن ثم الشعب الفلسطيني.
من جهته، أكد الكاتب والمحلل السياسي حمادة الفراعنة في حديثه لـ"الأنباط" أن الضيف لم يكن معروفًا بالنسبة لنا، لكن أهل قطاع غزة كانوا يعرفونه جيدًا هو وعائلته، لذا كان الضيف حريصًا على أن يعيش أفراد عائلته نفس الظروف التي يعيشها سكان القطاع.
وعبّر الفراعنة عن عدم قلقه على حياة عائلة الضيف بعد ظهورهم علنًا، موضحًا أنه رغم وجود بعض المخاوف، إلا أنه من المرجح أن عائلته لن تتعرض للخطر، خاصة أن أبناؤه ما زالوا في عمر صغير، وأضاف أنه إذا كان هناك أي خطر حقيقي، لكانت قيادة حركة حماس نصحتهم بعدم الظهور علنًا.
وأضاف أن الاحتلال سبق وأن أعلن عن قيامه بعملية اغتيال استهدفت القائد الضيف ونائبه مروان عيسى، بالمقابل لم تقم حركة حماس بتأكيد الخبر، وعندما قامت بإعلانه، جاء بالتوافق والتزامن مع إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، وذلك لأن أغلبية الأسرى الذين تم إطلاق سراحهم ينتمون إلى حركة فتح.
وتابع الفراعنة أن ذلك يدل على أن القسام أرادت أن تقول بأن إطلاق سراح الأسرى يعود إلى عمليات الاستشهاد التي دفع ثمنها اغتيال قيادات حركة حماس، ولذلك أرادت أن توصل رسالة مفادها أننا جميعًا في خندق واحد، وأن حركة حماس تؤدي الدور المطلوب منها بموقعها القيادي في مواجهات المستعمر الإسرائيلي.