هل تواكب برامج تدريب المعلمين احتياجات التطور التعليمي؟

نبض البلد -
عبيدات: أعداد المعلمين تفوق ما يمكن لمشاريع الوزارة الحالية استيعابه

مساد: حان الوقت للانتقال من التدريب التقليدي ل الفعال

 
الأنباط - شذى حتاملة

تدريب وتأهيل المعلمين أحد أعمدة النهوض بالعملية التعليمية وتحسين جودتها، ومع تطورِ أساليب التعليم وظُهور طرقٍ حديثة، تبرز أهمية إعداد معلمين قادرين على مواكبة هذه التطورات من خلال إخضاعهم لتدريب يساعدهم على تطويرِ مهاراتهم التدريسية، ويبقى التساؤل هنا حول ماهية المعيقات والتحديات التي يواجهها المعلمين أثناء تلقيهم التدريب.
"الأنباط" استقت آراء خبراء ومختصين في مجال التعليم، لبحث فعالية برامج تدريب المعلمين ومدى تحقيقها للأهداف المرجوة، لتقييم هذه البرامج ومواقع القوة والضعف والأساليب المتبعة بتطوير مهارات المعلمين.
الخبير التربوي الدكتور ذوقان عبيدات، أكد أن وزارة التربية والتعليم تبذل جهودًا كبيرة في تدريب المعلمين، حيث يتم توزيع هذه الجهود على ثلاثة أقسام، الأول يتلقى تدريبه في الجامعات، والثاني في مركز الملكة رانيا للتدريب، والثالث عبر التدريب الداخلي الذي تقدمه الوزارة، مضيفًا أن أعداد المعلمين تفوق ما يمكن لمشاريع الوزارة الحالية استيعابه.
وبين أن فرص التدريب متاحة لعددٍ محدود فقط، مع تفاوتٍ في مستوى التدريب بين المؤسسات المختلفة؛ فمركز الملكة رانيا يوفر تدريبًا جيدًا يفيد المعلمين، في حين أن التدريب في الجامعات يتسم بالروتين، بينما يقتصر تدريب وزارة التربية والتعليم على تقديم مهارات محددة، وهو أفضل ما يحصل عليه المعلمون في الجامعات.
وأوضحَ عبيدات لـ"الأنباط" أن جودة التعليم مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بتدريب المعلمين، وبالتالي يجب أن يتوجه التدريب نحو اتجاهين، الأول يتعلق بالقيم الأخلاقية، حيث يتم تدريب المعلمين على المسؤولية والالتزام والمهنية، أما الثاني فيركز على المهارات التدريسية الحديثة، لافتًا إلى أن تحسين التعليم يتطلب أيضًا تحسين البيئة المدرسية، حيث أن بيئة التعليم المزدحمة قد تجعل من الصعب تطبيق مهارات التدريس بشكل فعال، مما يجعل تحسين البيئة المدرسية جزءًا من تحسين جودة التعليم بشكل عام.
ولفت إلى أن هناك أساليب حديثة يمكن اتباعها في تدريب المعلمين، مثل الاعتماد على مدربين يتبعون أساليب تدريبية حديثة تركز على مهارات التمايز، مشيرًا إلى أن هناك عدة عقبات تُواجه تدريب المعلمين، بما في ذلك عدم رضا المعلمين عن أوضاعهم المالية والاجتماعية، والصعوبات التي يواجهونها في بيئات عملهم.
وفي السياق ذاته أشارَ الدكتور محمود المساد، مدير المركز الوطني لتطوير المناهج سابقًا، إلى أن مستوى تأهيل المعلمين في الأردن، سواء في المدارس الحكومية أو الخاصة، يعتبر من الأفضل في دول الإقليم، حيث يشترط أن يكونَ المعلم في المدارس الحكومية حائزًا على درجة البكالوريوس على الأقل، ومن لم يتوفر لديهم هذا المؤهل، تم تأهيلهم من خلال برنامج خاص أُعد لهذه الغاية في الجامعات الحكومية.

وأضاف أن نسبة المعلمين الحاصلين على درجات الماجستير والدكتوراه ارتفعت لتتجاوز 20٪ من إجمالي الكادر التعليمي، ورغم أهمية تأهيل المعلمين، إلا أن تدريبهم على المهارات الحديثة في الأداء داخل الفصول الدراسية يعد الأهم، فإتقان المعلمين لمهارات التدريس وقدرتهم على تكييف أدائهم بما يلبي احتياجات الطلاب الفردية والجماعية هو العامل الأساسي الذي يسهم في تحسينِ نسب تعلم الطلاب.
وتابع المساد أن جودة التعليم المطلوبة هي المبنية على مهارات التفكير والتفكير الإبداعي، التي من خلالها وبفعل مرور الطلبة ضمن عملياتها، وممارستهم لها عمليًا في مواقف حياتية متكررة، تطلب معلمين ذات كفاءة عالية في أساليب التدريس الحديثة،حيث يؤمنون بأن تلقين الطلبة محتوى التعلم واختباراتهم به ليس هو المطلوب ولا يحقق أهداف التعلم ، مؤكدًا أن تدريب المعلمين على المهارات المطلوبة، واكتسابهم لها، وإتقانهم أداءها في غرف الفصول وخارجها هو الفيصل والحاسم في تحقيق أهداف التعلم.
وأكد أن مهارات التفكير بشكل عام، وخاصة تلك التي تركز على التحليل والتأمل والتفكير النقدي واختبار الفرضيات واتخاذ القرارات المدروسة، بالإضافة إلى المهارات المتعددة المتعلقة بالتفكير الإبداعي، واستخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الحديثة، وكذلك مهارات العرض وإدارة الوقت والقيادة، تعتبر جميعها ضرورية لتحقيق أعلى مستويات الإنجاز، داعيًا إلى أن يقوم مصممي برامج التدريب أن يطوروا برامج شاملة تجمع بين هذه المهارات كافة، وتعمل على تمكين المعلمين من تطبيقها عمليًا، مع التركيز على تطوير قدرتهم على استخدام التكنولوجيا الرقمية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي بكفاءة عالية.
ولفت المساد إلى أن الأوان حان للانتقال إلى تعليم فعال نشط يقوم على المهارات التي سبق ذكرها مع الالتزام بتوفير كل ما من شأنه إنجاح هذا البرنامج، مشددًا على ضرورة توفير وتوظيف متطلبات التنفيذ، من أدوات ومختبرات ومرافق في بيئات التعلم الفقيرة أصلًا.