نبض البلد -
شخصية تجذب الإنظار وكان لها دور محوري في الأحداث التي عاشتها وتعيشها المنطقة، إستطاع التجيش والتجميع واللعب على الإيدولوجيات والطائفية، وشكل التحالفات والقوى لدعم قضية واحدة، هي فرض سيطرة إيران بفكرها وجماعاتها وايدلوجياتها الطائفية على المنطقة، دفع الكثيرون حياتهم واملاكهم واعراضهم ثمنا لما قام به. كيف إستطاع تشكيل الجماعات ودعمها وتسليحها وفرضها على المناطق المختلفة في العراق واليمن وسوريا ولبنان وحتى وصل نفوذه إلى باكستان وأفغانستان.
ادار حروبا بالوكالة في عالمنا العربي والإسلامي، استخدم الشيعة في القتال في العراق واليمن وسوريا، واستخدم القوات الشيعية التي جمعها من المناطق المختلفة، شكل قوة الفاطميين من القوات الباكستانية، والزنيبيون من الأفغان، واستخدم قوات حزب الله اللبناني في سوريا للقتال ضد المقاومة، وبعد أن شعر بالخطر وأن الثورة تنتصر كان له دور كبير في التأثير على الموقف الروسي وإقناعه بالمشاركة في مقاتلة الثوار، وهذا ما كان دور كبير في فرض السيطرة الشيعية على سوريا، قاتلت هذه القوات الشيعية بسبب الطمع المادي والأيدولوجي في تثبيت حكم الأسد.
بعد ذلك بدأ الأخطبوط الإيراني يسيطر على سوريا سياسيا واقتصاديا وجغرافيا، وسعى لمنح الشركات الإيرانية الإفضلية في مشاريع البنية التحتية، واعادة الإعمار، والتنقيب عن النفط والغاز وغيره من ثروات سوريا، استطاعت السياسة الإيرانية فرض سيطرة كاملة على الحياة في سوريا، وحتى على طبيعة المناسبات الدينية والإحتفالات الدينية، وسعت إلى تشكيل جماعات شيعية لنشر الفكر الشيعي في مناطق سوريا السنية، وخصصت احياء السوريين المهاجرين للقادمين الشيعة من شتى أصقاع الأرض.
حتى ان روسيا نفسها شعرت بالخيبة من النتيجة التي آلت إليها الأمور في سوريا، فهي لم تحصل على نصيبها من الكعكة كما هو مفترض، ولذلك كان الموقف الروسي الأخير بهذه الصورة التي رأها العالم، ونظام الأسد نفسه لم يعد قادر على تأمين احتياجاته المالية، إلا عبر تجارة المخدارت تصنيعا ورعاية وتروجيا وهذا ليس تبريرا طبعا، ولكن نتيجة طبيعية لكل من رهن وطنه وامنه بهذه الفئة من البشر، وهذا مع بقاء قوات امريكية وتركية وسيطرة للثوار في مناطق اخرى خارج نطاق سيطرة نظام الأسد، سوريا فعليا أصبحت لغير أهلها، وهذا أمر متوقع مع محاولة فصيل أو مكون أو طائفة تعد قليلة نسبيا ولا تشكل إلا حوالي خمسة عشر بالمائة من مجموع السكان، السيطرة بهذا الشكل القمعي والديكتاتوري على بلد كامل، وهذا العدد لا يستطيع فرض هذا النوع من السيطرة على هذا البلد المتسع، والممتد وصاحب العدد السكاني الكبير إلا بتحالفات خارجية، وكان ذلك هو الثمن الذي دفعته سوريا أولا، ونظام الأسد ثانيا، وكانت النتيجة التي وصل إليها النظام هي النتيجة الطبيعية، بأن يخسر الحكم والسيطرة على البلد.
طبعا هنا يجب الإشارة إلى العقل الجمعي لهذه المنطقة التي نعيش فيها، والتي لم تهدأ فيها الظروف على مدى ثلاثة ألاف سنة، فهي ذاكرة ممتدة واعية وحضارية، وترفض هذا النوع من السيطرة، ولذلك تجدها تسعى بكل السبل للتخلص من هذا النوع من الحكم، وهذا ما كان له دور كبير في الأحداث الأخيرة.
نعود لهذه الشخصية والتي أقول بحق بأنه كان لها دور كبير في مآلات الأحداث والصراعات والنفوذ في المنطقة، بل إنها فرضت تقسيما أيدولوجيا على المنطقة، وسيكون له أثر على مدى طويل من الزمن، وهي قاسم سليماني، لقد إستطاعت القيادة الدينية في إيران توظيف هذه الشخصية وتوظيف قدرتها لخلق تقسيم في المنطقة، وقاد شعوب المنطقة لحروب بالوكالة لصالح إيران، وجعل اقتصاد الدول في المنطقة سولء في العراق وسوريا واليمن وفي صورة ما لبنان، كل هؤلاء يدفون ثمن حروب إيران بالوكالة، وليس هذه الدول تدفع الثمن.
قاسم سليماني عانت منه المنطقة والسنة والشيعة في المنطقه، ودول المنطقة وانظمتها ما زالت تدفع ثمنا بالغا لما قام به هذا الرجل، وما دفعه نظام الأسد هو جزء من هذه الفاتورة، التي جعل شعوب المنطقة تدفعها.
إبراهيم أبو حويله