نبض البلد -
أحمد السعدي
يتميز موسم الأمطار في معظم البلاد العربية، باستثناء جنوب الجزيرة العربية، بفترة محددة تمتد من منتصف أكتوبر وحتى منتصف مايو، إذ عادة أشهر أكتوبر، نوفمبر، ديسمبر، يناير، فبراير، مارس، أبريل، ومايو.
ويعرف الهطول المطري الغزير في بداية الموسم بـ"الوسم"، وهو مصطلح مشتق من أثر الأمطار على الأرض، إذ تترك علامة واضحة تنمو من خلالها النباتات، ويحدث عادة في فصل الخريف أو بداية الشتاء.
وكان العرب قديمًا يحددون وقت الوسم بناءً على تأثير الأمطار دون الحاجة إلى قياسها، ومع تطور علم الأرصاد الجوية في القرن العشرين وظهور أجهزة قياس المطر، أصبح تحديد الوسم يُبنى على أساس أول هطول في بداية الموسم يتجاوز 10% من معدل الهطول السنوي، بشرط أن يستمر لمدة ثلاثة أيام متتالية دون انقطاع تام يزيد عن عشرة أيام.
وقد يظهر الوسم في وقت مبكر من أكتوبر ويعرف بـ"الوسم البدري"، ورغم استبشار المزارعين بالوسم، فإنه قد يشكل خطرًا إذا لم يستمر الهطول، حيث قد يؤدي انقطاع الأمطار لاحقًا إلى تلف الأعشاب والمزروعات التي تنبت بسبب الوسم البدري.
بالمقابل، يعد الوسم "الثرياوي" الذي يأتي في منتصف نوفمبر أكثر ملاءمة؛ إذ يتزامن مع طلوع نجم الثريا، ويأتي بعد صيف طويل وخريف جاف، مما يجعل الأرض مهيأة للاستفادة الكاملة من الهطول ويعد بموسم خصب. يقول الشاعر: "إذا روت من مربض الضبي ناقتي، طلوع الثريا قلت عام ربيع."
وتأثرت مواسم الأمطار في السنوات الأخيرة بتغيرات مناخية، ما أدى إلى تذبذب وتفاوت مواعيد الهطول؛ فبينما يتأخر في بعض الأعوام، امتد موسم الأمطار في سنوات أخرى إلى أواخر مايو ويونيو، كما حدث في عام 2023.
ولعل الموسم الماضي كان مثالاً واضحًا على الوسم الثرياوي، حيث تأثرت المملكة الأردنية بكتلة هوائية باردة ورطبة في 19 نوفمبر، ما أدى إلى هطول أمطار غزيرة استمرت لثلاثة أيام، شملت معظم مناطق المملكة، تبعها منخفض جوي آخر أواخر الشهر جلب المزيد من الأمطار والأجواء الباردة.
وتشير التحديثات الجوية الحالية إلى توقعات متفائلة بحالات جوية خلال هذا الشهر، قد يرافقها عبور منخفضات جوية، ما يبشر ببداية قوية لموسم الأمطار المقبل، والله أعلم.