الكتابة الجماهرية ...

نبض البلد - إبراهيم ابو حويله ..
اذا انتهجت منهج المعترض دائما والمنتقد دائما فستجد جمهورا، ولكن عندما تستلم زمام المسؤولية هل تستطيع تحقيق ما انتقده، هل تستطيع تحقيق تلك الأهداف الخيالية التي كنت تتحدث عنها.
مصطلح مغري نعم هذا ما يفعله البعض ببعض الحقائق، يأخذ تلك الحقيقة ويبني عليها قصة من قصص الجميلة المغرية لجمهور عريض من الباحثين عن الشعبويات، والتسلق على القصص الفارغة ليبني مجدا من ورق، وهناك فرق كبير بين الأسد وصورة الأسد.
نحن نملك الكثير من الخطوط الحمر، ولكن هذه الخطوط كما اشار معالي مازن الفراية، هي تماما كمصطلح الكتابة الجماهرية الذي اشار إليه أيضا في معرض اللقاء الطويل الذي اقامه معه ملتقى النخبة-Elite في مقر وزارة الداخلية.
هل هي طبيعة بشرية ان تحسن عشر سنوات ثم تخطىء في موقف فلا يذكر الأخرون إلا ذلك الخطأ، هل نحن بين قوسين نطالب الأخر بما لا نطالب به انفسنا، هل نحن انانيون انتقائيون في التعامل مع الأخر، فأن كان من الدائرة القريبة او العشيرة او ضمن نطاق المحبة وجدنا له عذرا، وأن كان من خارج هذه الدائرة تناولته سياطنا بلجلد والتشهير، هل حقا يجب ان نتذكر قصة الوالد والولد، فليس هنا ميراث يأتي مجانا، فقد دفع الأباء ثمن بالغا لكل ما وصل إلى الأبناء، ولكن هل ادرك الأبناء قيمة هذا الأرث.
الموقف المتناقض الذي يعيشه المواطن يستحق وقفة متأنية، فهو يريد ويريد ويريد، ولكن هل تأتي كل هذه بلا مقابل، نحن نعيش في وطن حباه الله بالكثير من النعم، وهذه النعم يعيشها المواطن، يوميا منذ تلك اللحظة التي يستيقظ فيها، ولكن يبدو أنها ميراث أباء لا تجد تقديرا ولا ذكرا ولا احتراما.
وهذا ما يجعل تلك الفئة من العاملين المخلصين يشعرون بالضيق والحرج، فهل كل هذه الجهود التي تبذل في القطاع العام لا تجد تقديرأ، وتجلس فئة متيقظة لأي هفوة ليتم نشرها وتعظيمها وتداولها وكأنها هي كل ما يحدث هنا، وهنا أعود إلى كلام وزيرنا المحترم، الذي اشار بوضوح إلى كم الجهد التي تبذله الوزارة بكل طواقمها ليشعر المواطن بهذا الشعور، فأنت تعيش في وطن لا توجد فيه مناطق ساخنة، ولا يوجد فيه انسان فوق القانون، ويد القانون تصل إلى الجميع بلا استثناء، والمحافظين يعملون على مدار الساعة لمعالجة قضايا اخلاقية وحقوقية وتطاول من جار او مراهق، أو اعتداء من أبن على اب او ام، وهم من يصطدمون بشكل مباشر مع قضايا الوطن الحرجة، ويمنعون تفاقمها وتطاول البعض من المتنمرين على الأخر، ويرفعون عبئا كبيرا عن القضاء.
نعم سجوننا مكتظة ومشاكلنا كثيرة، ومن جهة تريد تنفيذ القضاء او الحبس، ومن جهة أخرى تعمل اجهزة الأمن الوقائي والجنائي والمخدرات وغيرها من اجل تسليم هؤلاء للجهات المختصة، وهنا القضاء والسجون لديها عبء كبير ولا تستطيع استيعاب المزيد، تعيش الأجهزة الأمنية هذه التناقضات بشكل يومي، فهم يريدون ان تكون المؤسسة الأمنية اصلاح وتأهيل، وبنفس الوقت رادع ومانع من وقوع الجرم على الأخرين.
اعلم تماما بأني هنا استفز الكثير من المشاعر التي لا تريد ان تسمع مثل هذا الكلام، فنحن نشهر سيوف النقد والتطاول والتجريم للحكومة ونحترم ونقدر من يقوم بذلك ونجعل له حظوة وجماهرية كبيرة.
ولكن بين الحق ومن يدعي الحق، تقف عدالة نادت بها السماء وطالبت كل من في قلبه ذرة من ايمان بأن لا يجرمنكم شنأن قوم على أن لا تعدلوا، ووضع الله الميزان في الأرض ليقوم الناس بالقسط، وطالبنا باحقاق الحق ولو من أنفسنا، فهل نشعر بهذه النعم في هذا الوطن أم لا، هل نقدر نعمة ان تخرج من بيتك إلى اي مكان تريد بلا خوف وخشية، هل نقدر ان تغادر وطنك إلى جهة وتعود متى تشاء، وهناك ملايين تغادر عبر حدودنا البرية والجوية بلا خوف ولا خشية، بل أن هناك من يضع واسطة من مسؤولين كبار في دول الجوار حتى يسطتيع العيش هنا، وهناك منظمات ومؤسسات دولية نقلت مقراتها إلى هذا الوطن.
نحن نفتقد الكثير نعم، وهناك مشكلة بطالة تؤرق الجميع، وهناك مشاكل سيولة ونقد وتعثر لمشاريع، وهناك عدم ثبات في القوانين والتشريعات، وهناك مزاجية تتحكم بنا بحيث يتم اقرار مشروع بعشرات الملايين هناك لا يستفيد منه إلا قلة قليلة لأن شخصا هناك يملك ناصية القرار، وتضيع في المقابل فرص كبيرة واستثمارات في اماكن كان من الممكن ان تساهم بتشغيل عشرات بل مئات من الشباب، او تحل مشكلة طريق او صرف صحي او مياه او كهرباء تخدم المئات بل ألاف من المواطنين.
ولكن هل كل قراراتنا الحياتية تتسم بالصوابية والنتائج المضمونة، هل سارت حياتنا بلا أخطاء ولا عثرات حتى نحاسب الأخرين على تلك المقصلة التي لا تتقبل العذر او الخطأ، لست مع تلك الحالة من عدم الرقابة او السماحية المطلقة، بل أؤمن بالرقابة والمحاسبة والتشديد في الحقوق العامة والمدنية، ولكن مع هذا هل هناك ما يمنع من رؤية الحق وانصاف الأخر.
ما قامت به وزارة الداخلية من تسهيل في كثير من القضايا الحرجة مثل التأشرات والاقامة، والسماح للجنسيات السورية والليبية وغيرها ضمن شروط واجراءات محددة وواضحة وضمن اطر تضمن دخول وخروج هؤلاء ضمن المدة القانونية، خلق فرص وساهم في تشغيل وتسكين وشراء وحركة في الوطن، وهذا شمل السياحة العلاجية او تلك القائمة على ان يجتمع مائتين وخمسين الفا من السوريون في مكان امن ويطمئن الأب على الأبن او الأم او الأخت.
وما تقوم به الحكومة و الداخلية من استمرار الدعم للأخوة الفلسطينين في الضفة وغزة، وفتح الممرات والجسور ما ساهم في ايصال ألاف الشاحنات إلى الأخوة في غزة والضفة، نعم تعرض الأردن قيادة وحكومة إلى الإحراج في هذا الملف فهو يعد ضاغطا رئيسيا على الجهات العالمية والمؤسسات الدولية، لفتح معابر أمنة لإيصال المساعدات الغذائية والطبية إلى الأخوة والأشقاء في فلسطين، التي كانت تصل إلى سبعمائة شاحنة يوميا، تتعرض إلى التضيق من الكيان حسب الظروف، حيث منع الكيان دخول الشاحنات مثلا بعد الأحداث الأخيرة التي حدثت على الجانب الأردني.
الوطن البديل والمواطنة، وهنا تكلم الوزير بصراحة بأن اغلب ما يطرح عبر وسائل التواصل والمواقع التي تسعى لأحدث ضجة غير واقعية، ولا تمت إلى الصحة بصلة، وموقف الأردن ممثلا بالملك حفظه والله وسدد خطاه، وموقف الخارجية والدبلوماسية والتنسيق العربي يرفض التهجير من بقعة إلى بقعة داخل الأرض الفلسطينية، فضلا عن وضع الخطوط الحمراء لأي تهجير داخلي وخارجي. بل أن المغادرين من الأردن إلى الضفة هم في العادة ضعف عدد القادمين جسب أحصاءات الجسور.
وخطوط الأردن الحمراء واضحة للجميع ومعلنة في كل المحافل العربية والدولية، أما من يحمل الجنسية الأردنية فهو مواطن يحق له الدخول والخروج متى شاء، وما يتم اعلانه من ارقام في الضفة وغيرها غير صحيحة بالمطلق، وهي من قبيل الإشاعات التي تجد اذنا صاغية وتخلق بيئة مريضة ولا تمت إلى الواقع بصلة.
ومشكلة المخدرات والتعاون بين المواطن والأجهزة الأمنية اصبح ضرورة في هذا الزمان، سواء من حيث مخالفات السير والتي خصصت الوزارة رقم للتواصل وتصوير المخالفة وارسالها، وقد ساهم المواطن في اثبات ومخالفة العديد المواطنين الذين مارسوا من مخالفات خطيرة، والتأكيد على أن موقف المواطن الحازم مع المخالفات التي تتعلق بأمن الوطن او المخدرات او القيادة المستهترة هو ضرورة للحد من هذه الظواهر وانتشارها، والتأكيد على اهمية هذا الدور في حماية المواطن والوطن.
نقف أخيرا مع الملف الأكثر حرجا وتأثيرا على المواطن وهو البطالة وكل ما يساهم بها من تصرفات حكومية او شعبية، وهذه تؤرق الجميع، وهناك تركيز واضح على هذا الملف من قبل وزارة الداخلية والجهات الأخرى التي تنسق معها، وتسعى لحل جميع المشاكل المتعلقة بهذا الملف، والوزير على استعداد شخصي للتعاون مع اي مستثمر وحل مشكلته إذا كانت تتعلق ببيرقراطية أو ضمن صلاحيات وزارة الداخلية، بل أبدى استعداد للسير شخصيا مع اي مستثمر جاد لحل مشاكله، أذا كانت هذه المشاكل تتعلق بمشكلة جدية ضن صلاحيات الحكومة، وليست مجرد اشاعة او قول يتضح بعده ان هناك نوايا اخرى، كما حدث في العديد من الملفات التي لا داعي لذكر تفاصيلها.
هذا غيض من فيض من لقاء استمر لأكثر من ثلاث ساعات، كان وزيرا حاضرا قلبا وقالبا مع الحضور وتعامل مع كل ملاحظة ورد عليها.
كل الشكر معالي الوزير المواطن الإنسان مازن الفراية .