نبض البلد - في البحث عن الحقيقة ، والتعمق في فهم العلاقات بين الاطراف المترابطة وغير المترابطة ، يبدع البعض في تحليل هذه العلاقات والروابط ويعجز البعض عن الوصول إلى كنّها وطبيعتها وظاهرها وباطنها ، حتى من عمالقة السياسة و الإعلام ودهاقنته تجد البعض لديه القدرة والأخر يعلق في المحاولة .
سأحاول هنا أن أقف مع مجموعة من الظواهر التي نعلق فيها نحن الشرقيون السنة غالبا ، ولا نقدر على الوصول إلى الحقيقة فيها وان كنا نسعى بجد ولكن يبدو اننا نفتقد الوسائل اللازمة لذلك .
بداية علاقة الكيان الصهيوني بإيران هي علاقة معقدة ولن تصل إلى تكوين صورة لها بسهولة ، ولذلك لا بد من الرجوع إلى مجموعة من المختصين بالعلاقات الايرانية ومن عاشرهم وخبر سياستهم ، وكيفية اتخاذ القرار في بلادهم .
وهنا تقف قناة نعرف على مواقع التواصل موقفا اجده محايدا يحاول أن يفهم خلفية اتخاذ القرار هناك واستضاف مجموعة من المختصين بهذه العلاقات ، وطبيعة العلاقات المتشابكة بين هذا البلد ايران الممعن بالقدم والمتجذر في عادات وطبائع معينة .
والقومي لدرجة ان القومية عنده مقدمة على الدين فالمهم ان تكون فارسيا ثم بعد ذلك يتم تصنيفك حسب التراتيبية التي يقدمون فيها الشيعة واهل الكتاب ، وينظرون بعين الريبة إلى السنة ، وبعداء بالغ إلى الطائفة البهائية والتي يرون ان اليهود حاولوا الدخول عبرها إلى اسلام لتشويه صورته وحرفه عن هدفه .
ويتعاملون مع اليهودية كدين باحترام ، وان كان اليهود في بلاد فارس يسمون بالكليم نسبة إلى كليم الله موسى ، هروبا من كلمة يهودي والتي تحمل طبائع الخداع والغدر والغش وعدم الوفاء بين العامة .
وكان للشاه علاقات متميزة مع الكيان والغرب وسهل هجرة يهود ايران بشكل كبير بل سمح ليهود العراق بالهجرة عن طريق ايران ، وكان يصدر النفط عبر وكلاء وتجار يهود ويحتفظ بعلاقات كاملة معهم ، وحظي اليهود على زمنه بمعاملة متميزة وتبؤوا مناصب ومواقع مهمة في بلده، وكل هذا لم يشفع له لتحميه القوى الغربية بعد سقوطه بل لم يجد ملجأ إلا في مصر .
ينظر اليهود إلى إيران بشيء من القداسة بسبب قورش وهو الذي حررهم من سبي نبوخذ نصر وسمح لهم بالعودة إلى القدس بعد ان اخرجهم نبوخذ نصر الملك العراقي منها بعد غزوهم وهدم هيكلهم ، وهناك الكثير من المقامات لحخامات وانبياء يهود في إيران ، وهي مقدسة حسب العرف اليهودي .
ولذلك يرى بعض اليهود أن ضرب ايران او الاعتداء عليها من المحرمات ، بل يذهبون إلى ابعد من ذلك بأن خروج المسيخ المخلص اليهودي سيكون من يهود اصفهان تحديدا ، وهناك حديث في صحيح مسلم عن سبعين ألفا من يهود اصفهان عليهم الطيالسة يتبعونه وينصرونه ، ولذلك يحرص اليهود المتدينون على بقاء يهود في إيران ، وما تزال جالية كبيرة هي الأكبر في المنطقة الإسلامية موجودة في إيران ، ويتجاوز عددها الخمسة عشر ألفا حسب الاحصائات الرسمية ويرى بعض الباحثين انه أكبر من ذلك .
اتهمت الجالية اليهودية في ايران مررا بالتخابر والتجسس لصالح الكيان واعدم بعضهم ، ومع ذلك يوجد لهم نائب دائم في البرلمان يتم انتخابه في كنسهم المتعددة والمحمية والمنتشرة في مناطقهم ، وقد كان رؤساء ايران يحرصون على اصطحابه معهم في زياراتهم إلى الغرب والولايات المتحدة ليظهر حقيقة التسامح الذي تعاملهم به الحكومة الايرانية .
رغم انه تم ايقاف هجرة اليهود من ايران بعد الثورة ، والتي كانت تتم عن طريق السفر إلى اليونان او غيرها من البلاد الأوروبية ومن ثم الهجرة إلى فلسطين المحتلة .
ايران لديها برنامج قومي تسعى له ، واليهود لديهم برنامج قومي يسعون إليه ، هناك مصالح تتلاقي بينهم ، كما حدث في الحرب العراقية الإيرانية ، حيث استطاع يهود ايران اقناع الكيان بتزويد ايران بالإسلحة والذخائر التي كان بحاجة إليها بشدة في حربه مع العراق ، وهناك نقاط تتقاطع فيها هذه المصالح ويسعى كل منهم إلى اخراج الأخر منها ولو بالقوة .
ولذلك القول بأن هناك تنسيق دائم بينهم هو قول يعارضه الواقع والمصالح والسياسة والحقائق ، والقول بأنه لا يوجد بينهم علاقات تلتقى هو ايضا قول يعارضه الواقع والمصالح والسياسة .
ويرى وضاح خنفر بأن السياسة في الكيان في هذه الفترة تحديدا تسعى للحرب مع ايران وحلفائها ، بهدف شل قدرتها على صناعة سلاح نووي ، والخوف من خروجها من معسكر التبعية إلى معسكر القدرة على المواجهة ، ويحاول الكيان جر المنطقة كلها والعالم إلى هذه الحرب مع ايران ، حتى يضمن عدم قدرتها مستقبلا على صناعة اسلحة الردع .
وبالتالي يهدف الى العودة إلى تلك النقطة من المنعة السياسية ، بحيث يكون الكيان في علاقة فوقية مع كل المحيطين به ، وهو صاحب القدرة واليد العليا ويستطيع ان يوقف كل من حوله وينتصر عليهم مجتمعين ، حتى أولئك الذين تربطه بهم علاقات دبلوماسية .
هو يريدهم فقط في حالة خوف وانصياع ، لا في حالة قوة وقدرة على المجابهة حتى لو ضمن الدوائر الدبلوماسية عندهم ، وهذا ما يفعله مع السلطة ، ويسعى بقوة إلى فعله مع حزب الله والمقاومة في غزة .
فلو ترك الأمر للدوائر السياسية في الكيان وليس مجلس الحرب فإن الحرب لن تتوقف بل ستتسع حتى تشمل كل تلك الدوائر التي يسعى إلى ايقافها ، وهو يعتمد على الدعم المطلق من حلفائه في الولايات المتحدة واوروبا في هذا القرار ، ويعلم تماما بأنهم لن يتوقفوا عن دعمه بكل ما يريد حتى يحقق هدفه .
والله غالب على أمره .
إبراهيم ابو حويله ...