الكاتبة والمستشارة التربوية : د.ريما زريقات
الحياة والعمل مرتبطان بشكل وثيق ويشكلان وحدة لا تتجزأ ، إذا أردنا أن نعيش حياة مذهلة ، فعلينا أن نجعل عملنا مذهلا بالقدر نفسه ، كما قال كريس باريز براون
عندما يكون لعملك هدفا ، تقفز من السرير كل صباح متحمسا للإحتمالات التي قد يحملها لك النهار ، كل شيء يتوهج في حياتك ويشع نورك بشكل أقوى بكثير ، كيف سيتحقق ذلك مع التعديلات التي طالت نظام الخدمة المدنية ؟!
أول ما سأبدأ به : المؤهلات العملية وخاصة الدراسات العليا ، لماذا يلجأ الموظف العام لاكمال دراسته ؟ كنوع من الخروج عن الروتين الممل ، وبسبب هدف يضعه نصب عينيه لتحقيقه ، ولتطوير ذاته ومؤكدا سينعكس على أدائه في العمل مواكبا كل جديد في تخصصه أو مايتعلق بتخصصه أو طبيعة عمله وكذلك للحوافز المالية والارتقاء الوظيفي خاصة الوظائف المتعددة مثلا في وزارة التربية والتعليم ، كمشرف تربوي أو مدير مدرسة ، أو مساعد مدير ، أو مدير مختص أو مدير تربية الخ ، حين نحرم الموظف من أي امتياز لهذا التطوير ، لن يكمل أحد دراسته وبالتالي لن يرتقي العمل ولا تغيير على الأداء وتكون النتيجة روتين ممل ، قاهر ، محبط ، قد يقوم الموظف العام بأعماله المطلوبة منه خوفا من التقييم ، لكنه لن يبدع ، لن يبادر ، لن يبتكر ، سيعيش يومه الوظيفي بلا هدف أو طموح وبلا أي انتماء وظيفي .
لماذا نحرم الموظف المتميز الترفيع الجوازي ، هل يكفي أي امتياز كالزيادة السنوية ؟ هل هناك أعداد محددة لمنح الامتياز ؟ ألن تتدخل المزاجية والعلاقات الشخصية في ذلك ، لا معايير محددة لذلك ، لكن الترفيع الجوازي له ضوابط ومحددات ومعايير ، هل يستطيع الحصول على الامتياز لأكثر من مره مثلا ، مؤكد لا .
العمل خارج أوقات الدوام الرسمي ، ما شأن الدوام الرسمي بالأوقات خارجه ، بما أن هناك تقييم أداء للموظف وسيعلم أن ذلك يحدد مصيره لن يتقاعس ولن يؤثر أي عمل خارجي على أدائه في المؤسسة والوظيفة العامة ، فأما التقييم وما يترتب عليه واما حرمانه من العمل الآخر ، أعتقد أنها ازدواجية ومعيار متعدد الأبعاد وهو غير مقبول مع كل الاحترام .
تبادل الخبرات ودمجها وتعددها هي قيمة مضافة لأي مؤسسة حكومية كانت أم خاصة ، لنكن منطقيين وعمليين ، الموظف الذي لا يستطيع اتقان عمله سيحاسب من خلال تقييم الأداء ، والكثير من الخبرات هي نتيجة الأعمال المتعددة ومؤكد ستنعكس على العمل .
عدم منح الاجازة دون راتب ، سيكون هناك نتيجتين ، اما أن يستقيل الموظف من وظيفته الرسمية وتكون خبراته وابداعه للغير خارج الوطن ، واما أن يعود بعد أن رتب أمور اسرته من حيث الدخل والدراسة وغيرها خارج البلاد ، تخيل حين يعود ومحمل بالقروض ولديه ابناء جامعيين مثلا مرتبطين بالدولة التي عمل فيها ، وسيتحمل السكن وأعباء المصروف وغيرها ويعود للوطن ولا عمل آخر أو دخل آخر ، ما الفائدة وكيف سيكون توجهه نحو المؤسسة ، وبأي نفسية سيعود وكيف سيقدم للمؤسسة وكم الحقد الذي سيتولد منه ومن جميع أفراد أسرته وعواقب ذلك وخيمه ؟!
هل فكرنا بالمشاكل النفسية والمجتمعية والأسرية مثلا لدى تطبيق هذا التعديل ؟ هل فكرنا حين ننهي خدمة موظف برقبته أسره ما عواقب ذلك ؟ هل لدينا أشخاص قياديين واشرافيين يتقنون التقييم المحايد ؟ هل وهل وهل .....؟
إن علاقتنا بالعمل أساسية في سياق تحقيق سعادتنا وحيويتنا وقدرتنا على التعبيرعن ذاتنا : أن نكوّن ذاتنا الحقيقية ، فما أحوجنا إلى اعادة دراسة التعديل والحكم بواقعية ووضع أنفسنا مكان الموظف العام بكل جزئية طرحت ، وللحديث بقية ....