نبض البلد -
يارا بادوسي
في الآونة الأخيرة، انتشر سلوك عند بعض المكاتب السياحية يثير القلق ويهدد الهوية السياحية الوطنية ، حيث أصبحت بعض المكاتب تركز بشكل مفرط على الربح المادي دون النظر إلى القيم الوطنية وأهمية تعزيز الهوية الوطنية لدى السياح والزوار.
فالأصل هو أن المكاتب السياحية تعتمد في ربحها على تقديم تجارب فريدة وجذابة للسياح، لكن البعض منها يتجاوز الحدود المقبولة عندما يتجاهل التاريخ والثقافة المحلية في سبيل إرضاء أذواق الزوار الأجانب، وتقديم خيارات سياحية بديلة لهم تتجه نحو السياحة الخارجية وتجميلها أمامهم وتهميش المعالم السياحية الوطنية ، فتلجأ تلك المكاتب للترويج لمعالم السياحة الأجنبية على حساب المعالم الوطنية.
هذا التوجه يثير العديد من التساؤلات حول دور المكاتب السياحية في تعزيز الهوية الوطنية، بدلا من أن تكون هذه المكاتب وسيلة لتعريف الزوار بتاريخ وثقافة البلد، أصبحت تساهم في تهميش هذه القيم.
وهنا لا بد من اتخاذ قرارات وخطوات حاسمة من قبل الجهات المختصة للحد من هذه الظاهرة المنتشرة عند بعض المكاتب المعنية باستقطاب السياح والتعامل معهم بشكل مباشر ، و يتوجب على الحكومات والجهات المختصة اتخاذ خطوات حاسمة لتعزيز الإنتماء الوطني من خلال التشريعات والقوانين التي تلزم المكاتب السياحية بالترويج للمعالم الوطنية والتاريخية وتقديم المعلومات الدقيقة والصحيحة حولها، إضافة إلى تنظيم دورات تدريبية للعاملين في القطاع السياحي حول أهمية الحفاظ على الهوية الوطنية وكيفية الترويج لها بطرق تجذب الزوار وتثير اهتمامهم.
كما يجب إشراك المجتمعات المحلية في الأنشطة السياحية لزيادة الوعي بأهمية التراث والثقافة المحلية، واستخدام وسائل الإعلام بشكل فعال للترويج للمعالم الوطنية والتاريخية، وتسليط الضوء على القصص المحلية التي تعكس الروح الوطنية.
إن فقدان الإنتماء والولاء للوطن عند بعض المكاتب السياحية ليس مجرد مشكلة اقتصادية تنحصر بين الربح والخسارة ، بل هو تحدٍ ثقافي واجتماعي يؤثرعلى الهوية السياحية الوطنية للمجتمع و علينا جميعاً العمل بجدية لتصحيح هذا المسار وضمان أن تكون السياحة وسيلة لتعزيز الإنتماء والولاء للوطن، وهو الهدف الأسمى وليس العكس من ذلك .