نبض البلد -
خليل النظامي
للتنوية : هذا سرد مخصص لأهل العقل، وليس لأهل العاطفة.
يتصدر شاشات التلفزة العربية الكثير من المحللين العسكريين، يتحدثون عن إنتصار ساحق لحركة حماس والمقاومة على جيش الإحتلال الإسرائيلي، ويتشدقون بأحاديثهم وكأن فلسطين قد تحررت من سطوة العدو الصهيوني الإرهابي والمتطرف.
أعلم أن حديثهم العاطفي هذا عبارة عن سرد إعلامي يرمي الى تحقيق التعبئة والتحشيد من خلال رفع معنويات الشعوب العربية والإسلامية من جهة، ودعم وتعزيز صمود المقاتلين المجاهدين في قطاع غزة من جهة أخرى.
كنا في السابق نقول في بداية العدوان الإسرائيلي على غزة: هذا العدوان نهاية "إسرائيل"، خاصة إن فكرت أو قررت إجتياح غزة بريا، وكان من جهته حزب الله يهدد "إسرائيل" بخطابات تهديد ووعيد إن إجتاحت غزة بريا، لكن إجتاحت "إسرائيل" غزة وسيطرت على معظم أراضيها على مراحل قبل خروجه من مناطق فيها في الوقت الذي كان يمارس فيه الحزب ألعابه الإلكترونية باستهداف الأسلاك والأبراج الحديدية بصواريخه.
سيقول قائل : حماس مجرد حركة مقاومة محدودة الإمكانات العسكرية، تواجه أعظم الجيوش في العالم، وما زالت صامدة بالرغم من إستمرار العدوان منذ أكثر من ٨ شهور، وهذا بحد ذاته إنجاز.
أنا أحيي صمود المجاهدين، ولكن، المجاهدين تحت الأرض يعيشون في أنفاق لا يعلم تفاصيلها سوى الله، وغالبية من يتعرض للقتل والإبادة والدمار هم من الأبرياء الفلسطينيين في قطاع غزة، حتى حجم الخسائر في صفوف المقاومة غير معروف.
سيقولون : أن جيش الإحتلال الإسرائيلي تدعمه أكبر قوى في العالم (أمريكا، فرنسا، إيطاليا، بريطانيا، ألمانيا وغيرها من دول الغرب والشرق)، في الوقت الذي تدعم فيه إيران وأتباعها الحوثيين والميليشيات الشيعية حركة حماس (دعما عسكريا) لا معنويا.
ولكن ؛ حين نقدم العقل، ونجري مقارنة واقعية للأحداث التي تجري في قطاع غزة، نجد أن المجاهدين ألحقوا خسائر بشرية كبيرة في صفوف جيش الإحتلال الإسرائيلي، ودمروا الكثير من آلياته العسكرية، بحسب ما تم رصده عبر الفيديوهات التي تبثها كتيبة القسام وغيرها من كتائب المقاومة.
بالمقابل، نجد أن جيش الإحتلال الإسرائيلي ألحق خسائر بشرية تجاوزت بحسب تقدير الكثيرين ٧٠ ألف شهيد وجريح، وخسائر في البنى التحتية نتج عنها مسح معظم غزة عن خارطة فلسطين، ناهيكم عن وقوع العديد من أراضي القطاع في يد الاحتلال، فضلا عن إجتياحه للسواد الأعظم من الأراضي في قطاع غزة.
فما هو النصر الذي يتحدثون عنه..؟
إن كان نصر معنوي فنعم كلامهم سليم، لأن العدوان على غزة، كان كعاصفة قوية، كشف لنا كشعوب حقيقة الأنظمة السياسية الغربية والإسلامية والعربية ايضا.
أما إن كان النصر عسكريا في أرض المعركة، فأين هو ..؟
ملاحظة: إن كنت من أهل العاطفة، فتجاوز هذا السرد...