نبض البلد - تظهر العديد من التصرفات والانفعالات السلوكية مع شهر رمضان المبارك، ويربط العديد من الأشخاص هذه التصرفات بالصيام، فيما يتساءل العديد هل من مبرر لهذه الانفعالات؟ وهل للصوم دور كبير في ذلك؟
بالعودة إلى العلم والدراسات فإن للصيام دورا فعالا في الحد من التوتر والاكتئاب والإجهاد، وليس العكس، حيث تشير نتائج دراسات عالمية إلى أن صيام رمضان يقلل من الاضطرابات النفسية، كما أنه يؤثر بشكل إيجابي على جميع جوانب الصحة العقلية ويعزز التعامل بشكل أفضل مع الأزمات والمشاكل النفسية، بحسب مختصين .
استشاري الطب النفسي الدكتور جورج متري قال إن كافة الدراسات التي نفذت للتعرف على تأثير الصيام على الصحة النفسية بينت بشكل واضح أن العبادات في شهر الصوم والتواصل المستمر مع الآخرين من عائلة وأصدقاء، تلعب دورا كبيرا في الصحة النفسية.
وأضاف: أظهرت الدراسات أيضا أن فترة العشاء وصلاة التروايح مع الآخرين تلعب دورا كبيرا جدا، ولها أثر واضح على محاربة الاكتئاب والوحدة والتوتر، مؤكدا أن هذا ينطبق بشكل كبير على أي مريض نفسي.
وذكر متري أن العديد من الدراسات بينت إن عددا كبيرا من المرضى النفسيين خرجوا من عزلتهم في شهر رمضان، وكان لذلك تأثير إيجابي لتعامل المريض مع الآخرين بنسبة 30 % فبات تعاملهم إيجابيا وانخفضت لديهم حدة التوتر والاكتئاب.
وأشار إلى أن هناك دراسات تؤكد انخفاض مؤشر التوتر والقلق لدى الشخص المريض في رمضان بنسبة 40 %. وترتفع النسبة أكثر كلما دخلنا في الأسبوع الثالث والرابع لتصل لدى عدد من الأشخاص إلى ما نسبته 60 %.
وقال إن فوائد الصيام النفسية أقل شهرة من فوائد الصيام الجسدية، إلا أنها ذات أهمية كبيرة.
وأوضح أن السبب الرئيسي للتوتر والقلق هو استهلاك الطعام المنظم على طريقة التفكير، لافتا إلى أن العديد من الدراسات أكدت أن انخفاض مستويات الأكل بما في ذلك الكربوهيدرات والدهون بكميات محددة يعزز من القدرة على التفكير والتحكم في العواطف والتركيز والإدراك.
من جهتها، قالت استشارية العلم النفسي الجيني الدكتورة منال الأسمر إن الدراسات تؤكد أن التقرب إلى الله بالعبادات له دور كبير في الثبات النفسي، وأن هذه حقيقة لا يمكن التشكيك فيها.
وأضافت أن الأشخاص الذين خضعوا للدراسات المختلفة تبين أن سعيهم الدؤوب لعمل كل ما فيه خير والمحافظة على الإيجابيات يؤدي إلى الشعور بالراحة التامة والسكينة الداخلية، وأن النشاط الوجداني يرتبط بشكل كبير بالهدوء، إضافة إلى أن العديد من الصائمين يؤمنون أن التسامح مع الآخر ضروري، وبالتالي يشعر الإنسان بنقاء أكثر في الحياة.
وأوضحت أنه «علميا فإن الصيام يقلل من إفراز الغدة الكظرية لهرمون الكورتيزول (هرمون التوتر الأساسي) حيث إن إنتاج كميات كبيرة منه وضخها في الدم يعمل على زيادة التقلبات المزاجية ومن ثم الشعور بالتوتر والخوف والقلق.
وأشارت إلى أن الصيام يساعد في زيادة تدفق الدم المؤكسد إلى المخ ومن ثم إفراز هرمون الدوبامين المسؤول عن تعزيز الشعور بالاسترخاء وتهدئة الأعصاب.
وحول أسباب العصبية، قالت إن بعض الأشخاص يتأثرون بعدد من العوامل وهي نقص الجلوكوز خلال الصيام ونقص الماء، والانقطاع عن التدخين والكافيين واضطرابات النوم، لكنها أكدت أن معظم الدراسات كشفت أن الانخراط في العبادة يخفف من هذه التصرفات بعد مرور الأسبوع الأول، مقدمة نصائح من بينها ممارسة الرياضة وبعض تمارين اليوغا والتنفس بعمق لخمسين ثانية تنفسا صحيحا من الأنف.