نبض البلد -
( واقع الحال وتصاميم الأحوال ٠٠٠
في علاقة الروائي الأسير بالسجن)
شادية دعيبس
ادب السجون ظاهرة تستحق أن نقف وقفة صادقة مع أنفسنا ومع الأسير الذي دون يومياته بين زنازين قبع فيها ومازال٠ رصد الكاتب ألأوضاع الإنسانية ومعاناتهم ووحشية الإحتلال الإسرائيلي في معاملة الأسرى في سجونها، الأمر الذي دفع الكثير من الأسرى كتابة هذه التجربة غير الإنسانية٠
لذا تتواتر الإحالة الإبداعية إلى الذات المتكلمة في بنية الخطاب الروائي، مما يدفعنا للتساؤل المشروع بعبداً عن العواطف، هل نحن أمام رواية تملك أدواتها وفنيتها الروائية؟ أم أمام يوميات مسيسة؟
هكذا يتَّسع مدلول سؤال الأنا في خطاب " رواية معبد الغريب" التي سردها الشافعي من الصفحة الأولى لروايته حتى ٣٨٦ صفحة، في نسق بنائي غير قابل للإتصال مع المتلقي، بقدر تخييل الذات للكاتب، فالعمليات التي نسجها الشافعي ما هي إلا تأملات كينونية خاصة به٠
يحلينا خطاب الكاتب ابتداء إلى فعل الذات المتكلمة أثناء تأمل الانتفاضة الفلسطينية في فضائها، والذي رسمه حسب إنطباعه، ومن ثم تشكل المتكلم خصوصيته/ النصية من داخل رفض الإنتفاضة وما آلت إليه من تداعيات سياسية٠
ثم تقيم ذات الكاتب نوعا من الحوار المجازي مع المعتقلين كظل الذي يندمج بمستويات اللاوعي العميقة في الرواية٠
كما تقيم الذات المتكلمة حوارية مع علامة الظل التي تقع بين المعتقل والاسير، والأنفصال عن العالم الواقعي٠
ويحلينا الكاتب إلى علامات الكينونة الأنثوية الخاصة في بنية النص اللغوية وإلى إمكانية تحرر وعيها من العلامات الأخلاقية، وبدت صورة الأنثى ملهاة وسلعة قابلة للتداول للذكر، وهو ما يؤكد تجاوز الأنا الكاتب من الوعي أو الذي يفترض أن يكون، إلى ثقافة شائعة في المجتمع، أن المرأة مرآة لرغبات الرجل، وهنا لم يوفق الكاتب بناء مشهد درامي يعزز وجه نظره، وبدت المرأة تترواح بين ولوج عالم الذات الذكورية٠
يجمع الخطاب الروائي هنا بين علامات الأماكن التي ذكرها الكاتب كحيفا، وعمل مقاربة بين حيفا الفلسطينية وبين حيفا " الإسرائيلية" من خلال ذكر التفاصيل المجازية، واليومية، وحالة التحلل التي تومئ بتجدد العالم الداخلي للمتكلم، ضمن رؤيته الخاصة به٠ وفيما يتجاوز هذه الرؤية نفسها من رؤى وإحلام قيد التشكل دائما من أثر الرافض المستدعى من تاريخ النضال الفلسطيني، وتاريخ الأدب الفلسطيني/ وأصواته كغسان كنفاني، وتناص مع أثر الثقوب السوداء الي صوّرها الكاتب٠
يشير الشافعي هنا إلى ثلاثة أشكال من التحول التصويري الروائي لبنية الذات الفنية، فهو يعيد تخييل الذات، كما يلجأ إلى طيف تسجيلي و يقوم بتفكيك المدلولات التي وضعها في النص كإشارات لرؤيته، ويبقى السؤال الحاضر هل نجح بذلك؟ نترك الإجابة للقارئ٠
ويبقى القول ؛ كان الله في عون كل أسير ونحن نقف قلبا وجهدا مع كل أسير، لأنها معناة صعبة، ولكن لا يعني هذا أن كل من كتب في الأسر يسمى أديبا أو كاتبا٠
القارئ يستحق أن يقرأ أجمل ما كتب٠٠٠ في السجون، حتى نستطيع أن نطلق عليه اسم ادب السجون٠