نبض البلد -
محمد علي الزعبي
أشرت سابقاً بأنه لا يمكن أن تتحقق لسوريا امنها واستقرارها إلى من خلال خارطة الطريق التي اشار اليها جلالة الملك عبدالله الثاني بالشان السوري ، والخروج من تحت عباءات المليشيات وتفكيكها ، وتحرير بعض الساسة السوريين من القيود الإيرانية واغلالها ، ووضع خطط واستراتيجيات أمنية بالتعاون مع الاردن لمكافحة آفة المخدرات وضمان سلامة الحدود ، والسير بالنهج الذي رسمهُ جلالة الملك عبدالله الثاني والبرنامج المحكم للتعامل مع الملف السوري ، لكسر المنظومة الامنية والسياسية لبعض الدول التي تحقق أهدافها ، من خلال ما الت آلية سوريا من فوضى عارمة ، نتيجة زعزعت النسيج الداخلي والهيمنة التي اوجدتها بعض دول الإقليم والمنطقة ، وتدخلها في الشان الداخلي لسوريا .
حالة الهذيان السياسي والفوضى الامنية في سوريا ، ستنعكس سلبياً على الحياة هناك وعلى امتداداتها المستقبلية ، وخاصة وجود مليشيات حزب الله المدعومة من الجيش الثوري الإيراني، والفصائل الفاطمية والزينبية ، وساحات التدريب في مناطق تم السيطرة عليها من قبل الجيش الثوري الإيراني ، لتعزيز تواجدها وامتدادها وتنفيذ خططها واستراتيجياتها الامنية والسياسية في المنطقة ، ومحاولاتها اختراق الساحة الأردنية كاهدف رئيسي لزعزعة الأمن الداخلي الأردني ، من خلال بناء شبكات وفصائل مرتبطة بالجيش الثوري الإيراني ، لكن الشعب الأردني وجيشه واجهزته الامنية على قدرة عالية من العمل الاستخباري، والقدرة على كسر جماح الإيرانيين واهدافهم .
منذ أن صرح جلالة الملك عبدالله عن الهلال الشيعي ، وجذب الانتباه إلى الساحة الإيرانية ، لمحاولاتها الامتدادية للسيطرة وفرض قوتها في الإقليم ، وخاصة بعد محاولاتها زعزعة الأمن الداخلي في مملكة البحرين وايجاد نقطة محورية وركيزه تزعزع منطقة الخليج واختراق الساحة الخليجية وخلق بلبله مجتمعية ، ناهيك عن دورها في لبنان واليمن ، وتشعبها وسيطرتها على الوضع في سوريا من خلال اغراق سوريا بالمديونية الإيرانية والتي تجاوزت (٣٠ ) مليار دولار ، واغراق بعض الساسة السوريين بالاموال للسير بالنهج الإيراني ، التي سهلت استغلالها للوضع في سوريا واختراق أجهزتها ، لتصبح سوريا مرتع سياسي وامني لإيران ، وقاعدة تهديد للمحيط ، وبناء شبكات ومركز تدريب .
الساسة السوريون لم يأخذوا برؤى جلالة الملك عبدالله الثاني بما نادى به في المحافل الدولية والعربية، ورسائلهُ الواضحة والصريحة في الشان السوري ، وانسحاب سوريا من كل ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر جدة ، هو دليل واضح على السيطرة الإيرانية سياسياً وامنياً وخاصة بعد ابتعاد روسيا عن الطريق والاهتمام في شانها الداخلي وحربها مع اوكرانيا ، وخاصة بعد زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لسوريا ، وانجرف الساسة السوريون نحو السياسة الإيرانية، والتهديد المبطن لسوريا ولساستها من قبل إيران .
لابد من مشهد سياسي جديد من الجانب السوري ، بإعادة ترتيب أوراقها بعيداُ عن كل مغريات الدول ذات الاطماع في سوريا ، لضمان استدامة العلاقات العربية السورية ، ومنع تغول بعض الدول والتدخل في شؤون سوريا الداخلية وعلاقتها مع شقيقاتها ، ضمن نهج سوري عميق ومتفهم للاخطار التي تحدق بها وما يحاك لها بعودتها إلى الحضن العربي ، نتيجة تجاربها التي مرت بها في المراحل السابقة ، وكسر قواعد التعنت التي ستفضي إلى عدم الاستقرار في المنطقة والتعقيدات البيرقراطية التي توضع في طريقها .