رغم كونها إحدى شعائر عيد الأضحى الأبرز.. هل من الآمن للطفل مشاهدة ذبح الأضحية؟

نبض البلد -

 

 يُعد عيد الأضحى من أعظم المناسبات الدينية عند المسلمين من حول العالم، وهو فرصة للفرح والتجمعات العائلية والتشارك في العديد من الطقوس والشعائر الدينية والأنشطة المحببة. لذا من الضروري دوماً أن يتم إشراك الأطفال في فعاليات هذا العيد، وتثقيفه بمفاهيم العيد وآدابه.

 

لذا يعتاد الكثير من الآباء والأمهات المسلمين على تشجيع الأطفال على المساعدة في توزيع اللحوم على المحتاجين والفقراء وإشراكهم في تفاصيل الأضاحي. ولكن هل من المسموح للصغار أن يشهدوا على عملية ذبح الأضحية أيضاً؟

 

 

انخراط الأطفال في طقوس عيد الأضحى

سُمي عيد الأضحى نسبة للأضحية التي تذبح لإطعام الفقراء والمحتاجين، وهي ترجع لأحداث دينية دارت بين النبي إبراهيم وولده إسماعيل.

 

ومن هنا يحرص الآباء على تثقيف أولادهم بقيمة العيد وأهميته فيما يتعلق بتضحيات العيد وارتباطها لدى المسلمين بكيف فدى الله سيدنا إسماعيل عندما استسلم لرؤية والده إبراهيم (عليهما السلام) بذبح ابنه قبل أن يفديه الله بكبش عظيم. لذلك فإن حكمة الذبيحة هي اتباع سنة النبي إبراهيم الذي أطاع أمر ربه وأطاع أوامره.

 

ومع ذلك، من الضروري الانتباه إلى أن للأمر تبعات أكبر بكثير من مجرد شعائر دينية، خاصة لدى الأجيال اليافعة وبين الأطفال. إذ يمكن لمشهد ذبح الأضحية أن يسبب صدمة غائرة في نفسية الطفل، وتؤدي للكثير من المشكلات إذا لم يتم تهيئته بالشكل الكافي أو تعريضه لها في سن مبكرة.

 

لذلك ينصح خبراء الصحة النفسية والتربية بأهمية ألا يتم قصر نشاطات عيد الأضحى وفعالياته وانخراط الأطفال فيه على معاني الذبح والسلخ فقط. إذ يُفضّل ألا يرى الأطفال هذه المشاهد في سن مبكرة، أو بدون ترتيبات.

 

أهمية الوقاية النفسية للأطفال في سن مبكرة

تقول أستاذة وخبيرة علم النفس الأمريكية عائشة محمد، والاستشارية النفسية والأسرية، إنه من الضروري على الوالدين تقييم إدراك الطفل واستيعاب قدراته وخبراته بالإضافة إلى مناقشة كيفية استجابته عاطفياً.

 

يمكن أيضاً استخدام هذا الوقت لتوضيح المعاملة اللطيفة للحيوانات، وأهمية التضحية الحلال والأعمال الخيرية، فضلاً عن مساعدتهم على تطوير فهم سليم لمفاهيم الحياة والموت.

 

أما بالنسبة لحضور الأطفال مشاهد ذبح الحيوان في عيد الأضحى، فيعتمد على الطفل والأسرة والمجتمع الذي يُربى فيه الطفل.

 

ففي العديد من الدول الغربية مثلاً، يتعلم الأطفال الذين يعيشون في المزارع ويعتمدون على حيوانات المزرعة منذ سن مبكرة جدًا أن هذا هو مسار الحياة الطبيعي والصحي، فأنت تربي الحيوانات وترعاها وعندما يحين الوقت تُذبح بعضها للحصول على الموارد.

 

كذلك فإن الأطفال في البلدان الإسلامية لديهم تجارب مماثلة لأن الانخراط في شعائر عيد الأضحى هو احتفال نشأوا معه واعتادوا عليه. وبالتالي لا يمكن تحديد عمر محدد لمشاهدة التضحية، ولكن من منظور نفسي، يعتمد الأمر بشكل أساسي على تجربة الطفل وظروف نشأته وكيفية استجابته عاطفياً للفكرة قبل تعريضه لها. مع ضرورة عدم إجبار الطفل بأي حال من الأحوال على مشاهدة التضحية وترك الطفل يقرر بنفسه.

 

 

تداعيات صدمة الأطفال من مشاهد الذبح

أما إذا تم إجبار الأطفال على حضور الشعائر من دون ترتيب أو تهيئة، وبالرغم من حساسية مشاعر الطفل، فقد تؤدي تداعيات التعرض للصدمة إلى عواقب وخيمة.

 

إذ غالباً لا يعبر الأطفال عن الخوف على الفور مثل البالغين، وأحياناً يأتي رد الفعل في وقت لاحق على شكل نوبات هلع أو عدوانية أو عنف أو حتى مشاكل النوم وسلس البول.

 

يمكن تجنب تلك العواقب إذا أدرك الآباء أنه لمجرد أن الأطفال يبدون بخير أثناء التضحية، فهذا لا يعني أن المشهد لم يؤذهم لا شعورياً بطريقة أو بأخرى إذا لم يتم تهيئتهم جيداً له.

 

ورداً على سؤال إذا ما كان يجب دفع الأولاد الصغار على مشاهدة الذبح وكأنه إلزامياً عليهم، تقول الدكتورة أمل العرفج، الأستاذة في كلية الآداب بالمملكة العربية السعودية: "لا يوجد حظر صريح أو توصية دينية للأطفال ليشهدوا الذبح، فالإسلام يهتم بالأطفال وحالتهم النفسية الحساسة".

 

بدوره يؤكد حساب الأمومة والحمل المتخصص في رعاية وتربية الأطفال أن هناك بعض المعايير التي تحكم العملية في المقام الأول.

 

مثلاً، من الضروري بمكان معرفة أن هناك أطفالاً تتأثر نفسياً وقد تعاني نوبات البكاء الشديد والتبول اللا إرادي أو حتى تطوير الفوبيا من رؤية الدماء أو من تناول اللحوم.

 

لذا من المستحسن للأطفال الأصغر من 8 إلى 10 سنوات عدم التعرض للتجربة بدون تدريب واستعداد. والاكتفاء في عمر 6 إلى 7 سنوات بتوضيح قصص وطقوس عيد الأضحى دون دفعهم لمشاهد عملية التضحية.

 

والتدريج بشكل سنوي في إشراك الطفل بمهام مساعدة الفقراء وتوزيع اللحوم والاكتفاء بذلك لحين حلول الوقت المناسب.

 

مع العلم أن بعض الأطفال الذين قد بلغوا مرحلة المراهقة قد لا يزالون غير مستعدين لمشاهدة ذبح الحيوان، لذا قد يختلف كل طفل عن غيره، وعلى الآباء تقدير ذلك بشكل دقيق ومحسوب.

 

كيفية تهيئة الأطفال لفهم أضحية العيد

بالرغم من أهميته، يظل مفهوم التضحية أحد الموضوعات الأكثر تعقيداً التي يجب شرحها للأطفال في الدين الإسلامي. وذلك لأن شرح رمضان ومفهوم الصوم سهل مثل شرح الصلاة.

 

 

ولكن يمكن شرح التضحية بالحيوانات التي عادة ما يرتبط الأطفال بها خلال فترة الرعاية قبل موعد الذبح في أول أيام العيد. لذلك يلفت موقع "مسلم إيد" (MuslimAid) بعض الخطوات التي يمكن للوالدين القيام بها لإيصال المعلومات بشكل سلس.

 

1- تقسيم القصة لمواضيع صغيرة: من الضروري عدم سرد الفكرة بشكل سريع للأطفال دفعة واحدة. بدلاً من ذلك، تُقسّم الأشياء إلى مواضيع أصغر. مثلاً البدء بالحديث عن الحج الذي يسبق التضحية بالحيوان، والحدث عن شعائر عرفات ورمي الجمرات على جلسات متقطعة، والسير بشكل تدريجي لحين الوصول إلى قصة القربان.

 

2- قصة النبي إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام: يجب على كل الآباء عدم إغفال قصة النبي إبراهيم مع ابنه إسماعيل عند تهيئة الأبناء لاستقبال عيد الأضحى، ثم التدرج بعدها في شرح كيف يقوم الملايين من الناس اليوم بهذه الطقوس المقدسة لتكريم ذلك اليوم وهذا الفعل.

 

3- بمجرد فهم القصة، ستصبح الأمور أكثر وضوحاً لدى الأطفال في مراحل الطفولة المتقدمة بداية من عُمر 7 سنوات إلى 10 سنوات.