تقع الدول العربية عند تقاطع آسيا وإفريقيا وأوروبا، وهي معروفة على نطاق واسع بمواقعها الجغرافية الفريدة واحتياطياتها الغنية من الطاقة والحضارات الرائعة. ومع ذلك، لا تزال التحديات التي تواجه السلام والتنمية قائمة نتيجة الحروب والصراعات الطويلة الأمد وعوامل أخرى. في مواجهة مثل هذه المشاكل، فإن سياسة الصين تجاه الشرق الأوسط تتماشى دائما مع الرغبة القوية لشعوب المنطقة في السلام والتنمية. وتسعى الصين إلى تحقيق مصالح مشركة مع الشرق الأوسط، ولا تنخرط في منافسات جيوسياسية، ولا تخلق مناطق نفوذ، بل تتمسك بروح الشراكة المتكافئة والودية، وتحترم الخيارات المستقلة لدول المنطقة، وتضخ طاقة إيجابية في التنمية السلمية للشرق الأوسط من خلال التعاون الصادق. وفي هذا الصدد، اقترح الرئيس شي بناء هيكل أمني مشترك وشامل وتعاوني ومستدام في الشرق الأوسط، ما يقدم إلهاما مهما لتسوية المعضلة الأمنية في المنطقة.
في الوقت الراهن، يمر العالم مرة أخرى بمنعطف حرج. ثمة عدد كبير من التحديات العالمية الملحة، مثل تباطؤ الاقتصاد العالمي، وتزايد سياسات الكتلة، واتساع فجوات الثروة، فضلا عن تصاعد أزمات الغذاء والأمن، وكلها تحديات تختبر عزيمة الإنسانية وحكمتها. في ظل هذه الخلفية، تحتاج الصين والدول العربية، أكثر من أي وقت مضى، إلى توحيد القوى لتعزيز التعاون والتغلب على مختلف التحديات الدولية. إن القمة الصينية العربية الأولى خيار استراتيجي للصين والدول العربية في ظل الوضع الراهن. وسيعمل زعماء الجانبين على رسم مسار التعاون المستقبلي، والارتقاء بمستوى العلاقات الثنائية، وزيادة تعزيز توافقهم بشأن القضايا الرئيسية مثل الحوكمة العالمية، والتنمية والأمن، والحوار بين الحضارات.
وقد عزز الجانبان التنسيق في الشؤون الدولية والإقليمية، ووضعا أساسا مرجعيا للتضامن والتعاون بين البلدان النامية، ونموذجا للتعاون فيما بين بلدان الجنوب. ستفتح القمة الصينية العربية الأولى آفاقا أوسع للشراكة الاستراتيجية الصينية-العربية، وستقود الصين والدول العربية إلى اتخاذ خطوات كبيرة في بناء مجتمع مصير مشترك صيني-عربي.
ومهما تغير الوضع الدولي، فإن الصين، كعهدها دوما، تنظر إلى علاقاتها مع الدول العربية من منظور استراتيجي طويل الأمد، وتتخذ الدول العربية شركاء مهمين في السعي لتحقيق التنمية السلمية، وتعزيز الوحدة والتعاون بين الدول النامية، وبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية.
قدمت الصين والدول العربية طيلة الوقت نموذجا رائعا للتبادلات الودية بين الثقافات والأمم المختلفة. فمنذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية قبل أكثر من 70 عاما، احترمت الصين والدول العربية بعضها البعض، وتعاملت مع بعضها البعض على قدم المساواة، وحققت المنافع المتبادلة وتعلمت من بعضها البعض. وفي الأعوام القليلة الماضية، أظهرت العلاقات الصينية-العربية في العصر الجديد حيوية كبيرة وشهدت تقدما مستمرا، ما عزز أيضا بناء مجتمع صيني-عربي ذي مصير مشترك. وبفضل دعم شي والجهود المشتركة من الجانبين، أدركت الصين والدول العربية اتجاه التاريخ، وحققت تقدما مستمرا في بناء مجتمع مصير مشترك صيني-عربي.
في الوقت الحاضر، تتمتع الصين والدول العربية بتبادلات وثيقة مكثفة وتعاون مثمر. قبيل القمة الصينية العربية، تم انطلاق فعاليات منتدى التعاون الإعلامي الصيني العربي بمشارك أكثر من 150 شخصا من المسؤولين الحكوميين والإعلاميين والخبراء والمتخصصين من الصين والدول العربية، مما يفتح صفحة جديدة لتعاون الجانبين في مجال الإعلام.
تطلعا إلى المستقبل، ستواصل الصين العمل مع الدول العربية من أجل تعزيز الصداقة التقليدية بين الجانبين، وبناء مجتمع مصير مشترك صيني-عربي، من أجل تقديم المزيد من المساهمات في السلام والتنمية الدائمين في العالم.